عندما يتحول المناضل الى جاسوس
رأي القدس
"جدعون ليفي الكاتب في صحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية زار مدينة جنين في الضفة الغربية، والتقى اثنين من ابرز مناضليها القدامى جمال وزكريا الزبيدي، ونقل صورة مأساوية عن حياة الاثنين ورفاقهما الذين تخلوا عن السلاح، وباتوا يتلقون رواتب من السلطة دون فعل اي شيء.
الكاتب الاسرائيلي اختار عنوانا يلخص الحال في هذه المدينة التي كانت بؤرة للمقاومة، ويقول 'اليأس يحول جنين من مدينة للانتحاريين الى مدينة للموتى'.
من المفارقة ان 'السلام الاقتصادي' الذي يطبقه السيد سلام فياض رئيس الوزراء، حول ابناء هذه المدينة، التي دخلت التاريخ الفلسطيني من اوسع ابوابه بسبب صمودها البطولي في وجه العدوان الاسرائيلي، الى 'اموات' يأكلون ويشربون ويتحسرون على واقعهم، حتى ان بعض مناضلي المدينة الذين شاركوا السيد الزبيدي في زنازين الاحتلال، تحولوا الى ادوات في يد الامن الاسرائيلي، يتولون مهامه القذرة، مثل اعتقال وتعذيب المناضلين.
جنين باتت العنوان الرئيسي للمواطن الفلسطيني الجديد الذي يعمل السيد فياض الآن على تشكيله وفق مواصفات السلام الاقتصادي، فقمة الأماني بالنسبة الى الكثير من ابناء هذه المدينة هي الانضمام الى قوات دايتون الامنية التي تتخذ من جنين مقرا لها.
جمال الزبيدي المقاتل الشرس يعترف في اللقاء نفسه ان كل من كان يقاوم في الماضي، او يفكر في المقاومة حاليا يتعرض للاعتقال والتعذيب على ايدي اجهزة امن دايتون، ويقول ان جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي 'الشاباك' لم يفعل ما تفعله اجهزة امن السلطة بالمعتقلين المناضلين، مثل التعذيب حتى الموت. فمن يذهب الى زنازين تحقيق السلطة ينتهي في المستشفى في اليوم التالي هذا اذا لم يفارق الحياة.
السيد فياض يفتخر بان الاوضاع الاقتصادية تتحسن في الضفة الغربية، ويعطي ارقاما للنمو تصل الى خمسة في المئة سنويا، ولا يمر يوم دون ان يفتتح مصنعاً، او مزرعة او طريقا جديدا او القاء خطاب في مؤتمر للاستثمار وسط زفة تلفزيونية غير مسبوقة.
انها عملية غسل مخ للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية تجري وفق مخطط مدروس وضعه خبراء غربيون في هذا المضمار للايحاء بأن المقاومة لم تأت للفلسطينيين بغير الخراب والدم والجنازات والدمار الاقتصادي، وما يجري في قطاع غزة من فقر وبؤس وحرمان ومعاناة هو البرهان الأبرز في هذا الصدد.
السيد جمال الزبيدي الذي أغلق هاتفه النقال، وبات يعيش على راتب شهري مقداره 1500 شيكل، مثل الكثير من المناضلين السابقين، يعترف بأن هناك طرقا جديدة وأكثر أمنا، حيث اختفى السلاح من شوارع المدينة ومخيمها، وتم بناء مستشفى، وبات يوجد عدد اكبر من الاولاد في المدارس، وقدر اكبر من القانون والنظام، ويقول 'ولكننا لم نحارب من اجل ذلك طوال السنين الماضية، وليس من اجل كل هذا سقط آلاف الشهداء، ولا من اجل هذا اصبح الكثيرون معوقين ولا من اجل هذا يوجد عشرة آلاف معتقل في السجون'.
فعلاً لم يقدم الشعب الفلسطيني هذه القافلة الطويلة من الشهداء والاسرى من اجل بناء مستشفى او توسيع مدرسة، او من اجل ان يركب بعض المسؤولين في السلطة سيارات جيب حديثة فخمة وسط رهط من الحراس.
ان اكبر مأساة يعيشها الشعب الفلسطيني حالياً ان يقوم من حارب الاحتلال بالتنسيق معه فمن المفارقة ان رئيس جهاز الامن الفلسطيني كان حتى الامس القريب في زنازين الاحتلال، وصار يطارد زملاءه السابقين ويعذبهم، هكذا يقول جمال الزبيدي وهو ليس من 'حماس' وانما من ابرز مناضلي حركة 'فتح'.
"
رأي القدس
"جدعون ليفي الكاتب في صحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية زار مدينة جنين في الضفة الغربية، والتقى اثنين من ابرز مناضليها القدامى جمال وزكريا الزبيدي، ونقل صورة مأساوية عن حياة الاثنين ورفاقهما الذين تخلوا عن السلاح، وباتوا يتلقون رواتب من السلطة دون فعل اي شيء.
الكاتب الاسرائيلي اختار عنوانا يلخص الحال في هذه المدينة التي كانت بؤرة للمقاومة، ويقول 'اليأس يحول جنين من مدينة للانتحاريين الى مدينة للموتى'.
من المفارقة ان 'السلام الاقتصادي' الذي يطبقه السيد سلام فياض رئيس الوزراء، حول ابناء هذه المدينة، التي دخلت التاريخ الفلسطيني من اوسع ابوابه بسبب صمودها البطولي في وجه العدوان الاسرائيلي، الى 'اموات' يأكلون ويشربون ويتحسرون على واقعهم، حتى ان بعض مناضلي المدينة الذين شاركوا السيد الزبيدي في زنازين الاحتلال، تحولوا الى ادوات في يد الامن الاسرائيلي، يتولون مهامه القذرة، مثل اعتقال وتعذيب المناضلين.
جنين باتت العنوان الرئيسي للمواطن الفلسطيني الجديد الذي يعمل السيد فياض الآن على تشكيله وفق مواصفات السلام الاقتصادي، فقمة الأماني بالنسبة الى الكثير من ابناء هذه المدينة هي الانضمام الى قوات دايتون الامنية التي تتخذ من جنين مقرا لها.
جمال الزبيدي المقاتل الشرس يعترف في اللقاء نفسه ان كل من كان يقاوم في الماضي، او يفكر في المقاومة حاليا يتعرض للاعتقال والتعذيب على ايدي اجهزة امن دايتون، ويقول ان جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي 'الشاباك' لم يفعل ما تفعله اجهزة امن السلطة بالمعتقلين المناضلين، مثل التعذيب حتى الموت. فمن يذهب الى زنازين تحقيق السلطة ينتهي في المستشفى في اليوم التالي هذا اذا لم يفارق الحياة.
السيد فياض يفتخر بان الاوضاع الاقتصادية تتحسن في الضفة الغربية، ويعطي ارقاما للنمو تصل الى خمسة في المئة سنويا، ولا يمر يوم دون ان يفتتح مصنعاً، او مزرعة او طريقا جديدا او القاء خطاب في مؤتمر للاستثمار وسط زفة تلفزيونية غير مسبوقة.
انها عملية غسل مخ للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية تجري وفق مخطط مدروس وضعه خبراء غربيون في هذا المضمار للايحاء بأن المقاومة لم تأت للفلسطينيين بغير الخراب والدم والجنازات والدمار الاقتصادي، وما يجري في قطاع غزة من فقر وبؤس وحرمان ومعاناة هو البرهان الأبرز في هذا الصدد.
السيد جمال الزبيدي الذي أغلق هاتفه النقال، وبات يعيش على راتب شهري مقداره 1500 شيكل، مثل الكثير من المناضلين السابقين، يعترف بأن هناك طرقا جديدة وأكثر أمنا، حيث اختفى السلاح من شوارع المدينة ومخيمها، وتم بناء مستشفى، وبات يوجد عدد اكبر من الاولاد في المدارس، وقدر اكبر من القانون والنظام، ويقول 'ولكننا لم نحارب من اجل ذلك طوال السنين الماضية، وليس من اجل كل هذا سقط آلاف الشهداء، ولا من اجل هذا اصبح الكثيرون معوقين ولا من اجل هذا يوجد عشرة آلاف معتقل في السجون'.
فعلاً لم يقدم الشعب الفلسطيني هذه القافلة الطويلة من الشهداء والاسرى من اجل بناء مستشفى او توسيع مدرسة، او من اجل ان يركب بعض المسؤولين في السلطة سيارات جيب حديثة فخمة وسط رهط من الحراس.
ان اكبر مأساة يعيشها الشعب الفلسطيني حالياً ان يقوم من حارب الاحتلال بالتنسيق معه فمن المفارقة ان رئيس جهاز الامن الفلسطيني كان حتى الامس القريب في زنازين الاحتلال، وصار يطارد زملاءه السابقين ويعذبهم، هكذا يقول جمال الزبيدي وهو ليس من 'حماس' وانما من ابرز مناضلي حركة 'فتح'.
"
No comments:
Post a Comment