ANOTHER SUPERB ARTICLE
By Azmi Bishara
"يصعب الحديث في الفضاء العربي بموضوعية عن تعاظم الدور التركي السياسي في المنطقة، وعن التطور المشهود في الموقف التركي لصالح القضايا العربية، وعن أداء تركي يستحق أكثر من ثناء. ومصدر الصعوبة أنه منذ أكثر من عام تحولت تركيا إلى متنفس لإحباطات المجتمعات العربية، وإلى مشجب مريح تعلق عليها الأمنيات، وليس الآمال فحسب. ومرد هذا إلى أسباب من بينها غياب الدولة العربية الفاعلة القائدة التي تمثل القضايا العربية على المستوى الدولي وفي مواجهة إسرائيل.
كذلك بروز حاجة لدى من نصبوا أنفسهم ممثلين عن هويات (أو عن انتماءات مستجدة ومتحولة إلى هويات) إلى دور "دولة سنيّة" (وكلها مصطلحات عربية راهنة لا علاقة لها بالواقع ولا بالتاريخ) في مقابل دور إيران المؤيد للمقاومة والقضية الفلسطينية، خاصة إزاء فراغ خلّفه غياب مصر والسعودية أو دور محرج تقومان به في قضايا الأمة (وهو محرج إذا نظر إليها كـ"دول سنيّة"، وهو مصطلح مغلوط مرة أخرى) خاصة إبان الحرب على لبنان من العام 2006 والحرب على غزة والموقف من حصارها. كانت هنالك حاجة لدولة يمكن تقديمها كدولة مسلمة وسنيّة وتلعب دورا مشرّفا في هذه القضايا
.....
الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد أقل من يوم من زيارة أولمرت إلى تركيا شكَّل نقطة تحول. وقد سبقها توثق في العلاقات السورية التركية أيضا. ومع انهيار سياسة المحافظين الجدد في المنطقة وأزمة عكاكيز النظام الأميركي العربية تجلت أمام تركيا مساحة واسعة فارغة للعب دور أقوى على الساحة العربية ما تطلب أخذ مسافة أبعد من إسرائيل
.....
ونختم من حيث بدأنا. الأصل في العلاقة العربية التركية من الزاوية العربية هو ليس ما تريده تركيا، فهذا أمر يمكن ارتكاب أخطاء طفيفة بشأنه لو استمع المرء للمسؤولين الأتراك مع بعض المعلومات التاريخية ومع إعمال العقل قليلا. فهنالك دولة تركيا، لها مواقف ومصالح، ويجري فيها صراع واضح المعالم. ولكن المشكلة في معرفة ماذا يريد العرب. إذا لا توجد دولة عربية ولا كيان سياسي عربي موحد يعبر عن إرادة عربية أو حتى عن خلافات وصراع عربي واضح المعالم، وهنالك كمية من الخيبات والإحباطات تشوش الرؤية العربية لحقيقة الموقف التركي أيضا.
وبرأينا سوف يلحق هذا الأمر الضرر ليس فقط بالعرب بل أيضا بقضية تقدم وتطوير الموقف التركي. وهنالك أصلا مشكلة تواجه تركيا حتى عندما ترغب برفع سقف مطالبها ونبرة خطابها بشأن حصار غزة، أن دولا عربية تعارض ذلك، وكأنها تطلب من تركيا أن لا تكلف نفسها عناء التدخل وأن تكف عنهم تدخلها لصالح العرب. وطبعا لا يستبعد المرء بناء على التجربة أن تشكو بعض الدول العربية الموقف التركي للمعلم الأميركي لأنه يحرجها أمام شعوبها.
وتستجد ثانيا مشكلة أخرى مع من يريد أن يزعِّم تركيا عربيا. وهذا مخالف لرغبتها. لا ترغب تركيا أن تقود محور ممانعة ومقاومة، والتعامل معها على هذا الأساس يخلق لحزب العدالة والتنمية مشكلة فعلية في مواجهة الأحزاب الأخرى وجهاز الدولة، ويسهِّل عليها اتهامه أنه يبعد الدولة عن أجنداتها، وأنه يجر دولة وطنية لأن تكون عربية أكثر مما يريد بعض العرب أن يكونوا.
وثالثا وأخيرا، تبرز مشكلة مع من يقلِّد دور تركيا فيتراجع بذلك في حين تقدمت هي، نموذج الخلاف التركي الإسرائيلي بما فيه صراع المجتمع التركي بالطرق السلمية ضد إسرائيل، هو خلاف وصراع يليقان بدولة في حالة سلام مع إسرائيل. وهو مؤثر لأنه يدور في هذا الإطار. هذه خصوصيته. أما إذا اتبعت هذه اللغة وهذا الأسلوب دول وحركات هي في حالة حرب مع إسرائيل، أو هكذا يفترض أن تكون، فإنه لن يؤثر. فوسائل تأثير حركات (المقاومة والدول) في حالة الحرب هي وسائل مختلفة تماما، وعليها أن تمارسها، أو تصبر إلى أن تمارسها. أما تقليد الخطاب والأسلوب التركيين فيعتبر تراجعا بالنسبة لها، وسوف يقودها في النهاية إلى تراجعات حتى على مستوى الخطاب.
لا بد من رؤية أهمية التحالف مع تركيا، مع فهم خصوصيتها. ولكن التحالف لا يعني أن نفرض على تركيا فهمنا وتصورنا لها، بل أن نتركها تدير صراعاتها كما ترى، وأن نقدم المشورة حين تطلب منا وأن نعبر عن كلمة تقدير وعرفان حتى حين لا يطلب ذلك.
"
كذلك بروز حاجة لدى من نصبوا أنفسهم ممثلين عن هويات (أو عن انتماءات مستجدة ومتحولة إلى هويات) إلى دور "دولة سنيّة" (وكلها مصطلحات عربية راهنة لا علاقة لها بالواقع ولا بالتاريخ) في مقابل دور إيران المؤيد للمقاومة والقضية الفلسطينية، خاصة إزاء فراغ خلّفه غياب مصر والسعودية أو دور محرج تقومان به في قضايا الأمة (وهو محرج إذا نظر إليها كـ"دول سنيّة"، وهو مصطلح مغلوط مرة أخرى) خاصة إبان الحرب على لبنان من العام 2006 والحرب على غزة والموقف من حصارها. كانت هنالك حاجة لدولة يمكن تقديمها كدولة مسلمة وسنيّة وتلعب دورا مشرّفا في هذه القضايا
.....
الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد أقل من يوم من زيارة أولمرت إلى تركيا شكَّل نقطة تحول. وقد سبقها توثق في العلاقات السورية التركية أيضا. ومع انهيار سياسة المحافظين الجدد في المنطقة وأزمة عكاكيز النظام الأميركي العربية تجلت أمام تركيا مساحة واسعة فارغة للعب دور أقوى على الساحة العربية ما تطلب أخذ مسافة أبعد من إسرائيل
.....
ونختم من حيث بدأنا. الأصل في العلاقة العربية التركية من الزاوية العربية هو ليس ما تريده تركيا، فهذا أمر يمكن ارتكاب أخطاء طفيفة بشأنه لو استمع المرء للمسؤولين الأتراك مع بعض المعلومات التاريخية ومع إعمال العقل قليلا. فهنالك دولة تركيا، لها مواقف ومصالح، ويجري فيها صراع واضح المعالم. ولكن المشكلة في معرفة ماذا يريد العرب. إذا لا توجد دولة عربية ولا كيان سياسي عربي موحد يعبر عن إرادة عربية أو حتى عن خلافات وصراع عربي واضح المعالم، وهنالك كمية من الخيبات والإحباطات تشوش الرؤية العربية لحقيقة الموقف التركي أيضا.
وبرأينا سوف يلحق هذا الأمر الضرر ليس فقط بالعرب بل أيضا بقضية تقدم وتطوير الموقف التركي. وهنالك أصلا مشكلة تواجه تركيا حتى عندما ترغب برفع سقف مطالبها ونبرة خطابها بشأن حصار غزة، أن دولا عربية تعارض ذلك، وكأنها تطلب من تركيا أن لا تكلف نفسها عناء التدخل وأن تكف عنهم تدخلها لصالح العرب. وطبعا لا يستبعد المرء بناء على التجربة أن تشكو بعض الدول العربية الموقف التركي للمعلم الأميركي لأنه يحرجها أمام شعوبها.
وتستجد ثانيا مشكلة أخرى مع من يريد أن يزعِّم تركيا عربيا. وهذا مخالف لرغبتها. لا ترغب تركيا أن تقود محور ممانعة ومقاومة، والتعامل معها على هذا الأساس يخلق لحزب العدالة والتنمية مشكلة فعلية في مواجهة الأحزاب الأخرى وجهاز الدولة، ويسهِّل عليها اتهامه أنه يبعد الدولة عن أجنداتها، وأنه يجر دولة وطنية لأن تكون عربية أكثر مما يريد بعض العرب أن يكونوا.
وثالثا وأخيرا، تبرز مشكلة مع من يقلِّد دور تركيا فيتراجع بذلك في حين تقدمت هي، نموذج الخلاف التركي الإسرائيلي بما فيه صراع المجتمع التركي بالطرق السلمية ضد إسرائيل، هو خلاف وصراع يليقان بدولة في حالة سلام مع إسرائيل. وهو مؤثر لأنه يدور في هذا الإطار. هذه خصوصيته. أما إذا اتبعت هذه اللغة وهذا الأسلوب دول وحركات هي في حالة حرب مع إسرائيل، أو هكذا يفترض أن تكون، فإنه لن يؤثر. فوسائل تأثير حركات (المقاومة والدول) في حالة الحرب هي وسائل مختلفة تماما، وعليها أن تمارسها، أو تصبر إلى أن تمارسها. أما تقليد الخطاب والأسلوب التركيين فيعتبر تراجعا بالنسبة لها، وسوف يقودها في النهاية إلى تراجعات حتى على مستوى الخطاب.
لا بد من رؤية أهمية التحالف مع تركيا، مع فهم خصوصيتها. ولكن التحالف لا يعني أن نفرض على تركيا فهمنا وتصورنا لها، بل أن نتركها تدير صراعاتها كما ترى، وأن نقدم المشورة حين تطلب منا وأن نعبر عن كلمة تقدير وعرفان حتى حين لا يطلب ذلك.
"
No comments:
Post a Comment