AN IMPORTANT PAPER
By Azmi Bishara
(Contributed by Zarathustra)
By Azmi Bishara
(Contributed by Zarathustra)
"مع تزايد استخدام النظام السوري لخطاب المقاومة وفلسطين في التعامل مع الثورة الشعبية السورية كمؤامرة خارجية تبرز أهمية المراجعة الموضوعية لمواقف النظام السوري من الفلسطينيين وقضية فلسطين منذ تسلم حزب البعث السلطة. والهدف هو إنصاف الحقيقة، عبر إظهار الوقائع وتفكيك الأساطير ووضع هذا الخطاب في سياقه التاريخي. هذه ورقة مقدمة للشباب والمثقفين لكي تتكون لديهم فكرة افضل حول هذا الموضوع الذي ضاعت ملامحه وراء الشعارات، واختفت خلف براغماتية من يرفعها.
لا تشكل هذه الورقة دراسة وافية لهذه المواقف، ولكنها تلخيص تاريخي نقدي يتعامل مع الوقائع كما هي، يتوخى الحقيقة، ولا يدعي الإلمام بكليّتها.
.....
خاتمة
يمثّل التمعّن في هذه التّجارب مدخلًا لانتقاد النّظام السّياسي الحالي في مزايدته المستمرّة في القضيّة الفلسطينيّة، ودليلًا على استغلاله الوظيفي لها إعلاميًّا وسياسيًّا في قمع معارضيه. وما اعترافُه بالدّولة الفلسطينيّة في حدود عام 1967 أثناء الثّورة، وإرساله مجموعة من الشّباب الفلسطينيّين في عام 2011 إلى الحدود مع الجولان المحتلّ في ذكرى نكبة فلسطين، ونكسة حزيران، إلّا استمرارًا لهذا النّهج في استخدام قضيّة فلسطين دون أدنى التزام تجاه الفلسطينيّين أو السوريّين. حيث فتح النّظام في ذكرى النّكبة الـ63 الحدود لأوّل مرّة أمام المتظاهرين، بعد أن كان يمنع حتّى التّفكير في الوصول إليها، وتركهم في مواجهة الرّصاص الإسرائيلي ما أدّى إلى مقتل عشرات منهم، بهدف التّغطية على قمع الاحتجاجات التي تعاظمت ضدّه في تلك الفترة. ولقد جرى استخدام الشّباب الفلسطيني المتمرّد على قياداته وعلى لفظيّتها الثوريّة بكلّ بساطة كوقود لتحصيل عوائدَ رمزيّة في السّياسة.
يسجَّل للنّظام السوري أنّه ظلّ رافضًا للسّلام المنفرد مع إسرائيل، وأنّه آخر من انضمّ للتّفاوض حين قبل معادلة مدريد. ولكنّه حين قبل بالتّفاوض فقد حوّل السّلام مع إسرائيل إلى "خيار إستراتيجي" بشرط استعادة الأرض السوريّة المحتلّة عام 1967 كاملة. وهو لم يشرط السلام بإحقاق حق العودة، مثله كمثل الدول الأخرى التي ذهبت باتجاه السلام المنفرد. وهذا النوع من السلام المنفرد مهد لشعارات الأردن أولا ومصر أولا، وفي النهاية اتجهت الأمور الى سورية أولا من دون حل لقضية فلسطين. وقد سبقته القيادة الفلسطينيّة إلى التخلّي عن مسار مدريد وتوقيع اتّفاق منفرد، وتبعها الأردن في اتّفاق العقبة. لقد كان النظام السوري هو الأخير الذي هب بهذا الاتجاه، ولكن بنفس شروط سابقيه.
كما يسجّل له استضافته لفصائل المقاومة الفلسطينيّة الإسلاميّة حين لم توافق أيّ دولة عربيّة على استضافتها، وعلى الرّغم من منعه للمقاومة من أراضيه في إطار تطوّر منطق الدّولة في سورية.
في الحقيقة لم يكن لدى النّظام السّوري جدول أعمال جدّي وواضح للتّعامل مع القضيّة الفلسطينيّة، ولم تتوافر سياساته وممارساته على رؤيةٍ شاملة وتصوّرٍ واضح عن السّبل والمراحل ووسائل الضّغط والدّفاع والحرب، وكان يقاربها على الدّوام من خلال تكتيكات ومقايضات تخدم استمراره في الحكم وحسب. وقد بدأ وتطوّر قوميًّا في سياساته تجاه فلسطين وانتهى قطريًّا، بل وأكثر من ذلك انتهى مهتمًّا بحماية نظامه قبل أيّ شيءٍ آخر.
لقد برّر النّظام استبداده وحكمه الشّمولي بتجميع القوى وحشد الطّاقات لتحرير الأرض والصّراع مع إسرائيل، لكن بإمكاننا -ببساطة- اكتشاف أنّ شعاراته المرفوعة بشأن القضيّة الفلسطينيّة لم تكن متوافقة مع الإمكانيّات الحقيقيّة على الأرض من جهة، كما نكتشف عدم الجدّية عندما عزل شعبه عن معادلة الصّراع. فقد هيّأت سياساته أوضاعًا سياسيّة واقتصاديّة ومجتمعيّة قادرة في كلّ لحظة على إعادة إنتاج الهزائم والكوارث، إذ من البديهي القول إنّ من يهزم شعبه ماديًّا ومعنويًّا خلال عمليّة فرضه للاستبداد لا يستطيع أن يهزم الأعداء، ومن يزرع الاستبداد لا يحصد إلّا انهيارًا في الدّاخل وخسارات في الخارج. فالمعركة مع العدوّ الإسرائيلي وخدمة القضيّة الفلسطينيّة تتوقّفان بالدّرجة الأولى على إنجاز التقدّم في الدّاخل السّوري. وهذه الحقيقة كانت واضحة لدى الشّعب السوري، وعبّر عنها في شعارات الثّورة السوريّة التي أعلنت أنّ اللّعبة القديمة لم تعد تنطلي على أحد، لعبة تأجيل عمليّة التّغيير الوطني الدّيمقراطي أو تجميدها بحجّة الصّراع مع العدوّ الإسرائيلي، لأنّ التهتّك الداخلي هو الأساس الموضوعي لجميع آليّات الهيمنة الخارجيّة.
"
No comments:
Post a Comment