Source: Azmi Bishara
7 يونيو 2012أورد هنا تفاصيل وخلفيات المجزرة كما تجمعت لدي بمساعدة مجموعة من الباحثين، وهي تفاصيل مفحوصة بدقة وأنشرها هنا لأول مرة:
1. حيثيات وتفاصيل المجزرة " حي القبير"
حصلت المجزرة بعد ظهر الأربعاء6-6-2012، وقد تزامنت مع عملية عسكرية واسعة قام بها الجيش النظامي في ريف حماه الشمالي والغربي. وكان أبرز المواجهات المسلحة تلك التي حصلت في قرية كفرزيتا، والتي تعتبر أحد مراكز تجمع المسلحيّن الذين يقومون بعمليات مستمرة على الحواجز العسكرية والأمنية المنتشرة بكثافة في ريف حماه الشمالي. ولإتمام حصار مدينة كفرزيتا وطيبة الإمام عمد الجيش إلى اقتحام القرى المجاورة التي تؤمن الإمدادات للمسلحين المتطوعين وعناصر الجيش الحر في المدينة.
انطلق القوات النظاميّة من النقطة العسكريّة الموجودة في قريّة المجدل، وتوجهت إلى معرزاف حيث تصدى لها مسلحون بالقرب من القرية فعمد إلى قصفها من بعيد، ما أدى إلى تراجع المسلحين وتحصنوا داخل القريّة لصد محاولة الاقتحام.
وقد رافق القوات النظاميّة أثناء الاقتحام شبيحة من قريّة أصيلة المجاورة لقرية معرزاف، وتوجهوا إلى حي زراعي ملاصق للقريّة يدعى حي القبير، وتسكنه عدد من العائلات البدوية والذي يصل تعداد ساكنيه إلى 250 شخص موزعين على 20 منزل، وقاموا بمجزرة قتل فيها حوالي 88 شخص بينهم 22 طفلاً، وعدد مشابه من النساء وتنوعت وسائل القتل ما بين الإعدام الميدانيّ بالرصاص، إضافة إلى السكاكين والأدوات الحادة، والقتل حرقًا حيث تم معاينة 8 جثث متفحمة.
بعد خروج الشبيحة وانسحاب الجيش إلى حاجز قرية المجدل نقل أهالي حي القبير القتلى إلى قرية معرزاف وبدأت مراسم دفنهم صباحًا، وقد منع الجيش النظامي عند حاجز المجدل اليوم وصول فريق بعثة المراقبين الدوليين إلى القريّة.
2. قرية معرزاف
تقع قرية معرزاف غرب مدينة حماه تبعد عنها مسافة 20 كم، وتقع جنوب مدينة محردة ( مسيحية) بمسافة 2 كم، وقد بدأ حراكها سلميّا بالتزامن مع تجذر الحراك الثوري في مدينة حماه في شهر أيار/ مايو 2011. ينحدر سكانها من أصول بدويّة ( عشائر النعيم) وفيها العديد من الضباط الذين انشقوا عن الجيش في مراحل متقدمة من عمر الثورة، وأبرزهم الرائد ماهر النعيمي الناطق الإعلامي باسم الجيش السوري الحر. ويبلغ عدد سكانها نحو 4500 نسمة، يعملون في الزراعة وتربية المواشي.
3. سياق الاضطرابات الأهليّة
انقسم الريف الحموي " الغربي" ،الذي يضم طوائف متعددة ( سنة، علويين، مرشدين، ومسيحيين)، في موقفه من الثورة والنظام منذ البدايّة. وتجذر الانقسام على خلفيات طائفيّة مع طول مدتها، إذ بدأت تحصل حوادث طائفيّة بعد انضمام شباب القرى العلويّة إلى الشبيحة ومشاركتهم في قمع المظاهرات، وقد حصلت عدة اشتباكات بين القرى السنية والعلويّة استطاعت الفعاليات الأهليّة والوجهاء احتواءها، لكن أعنف هذه الاشتباكات وقعت في بداية شهر آب/ أغسطس 2011، بعد دخول الجيش إلى مدينّة حماه.
إذ أقام أهالي قريّة معرزاف، وتيزين، واللطامنة، وحلفايّا حواجز ولجان شعبيّة لمنع الشبيحة الذين جندتهم القوى الأمنيّة من القرى العلويّة لقمع المظاهرة من النزول إلى المدينة. وعند حاجز قريّة تيزين حصل اشتباك بين الشبيحة، ومسلحي القرية قتل خلالها اثنين من قريّة تيزين، فتداعت القرى "السنية" بتضامنيّة طائفيّة وتوجهوا بالسيارات إلى قرية الربيعة بهدف "إبادة القريّة". وقد تمكن وجهاء الطرفيّن من حل الإشكال ومنعوا مواجهة طائفيّة مسلحة آنذاك.
بعدها شاع السلاح، وتولت كل قريّة حمايّة نفسها. ونتيجة لذلك، كانت تحصل وبشكل دوري حوادث اختطاف وقتل من الجانبين، لتعزز من الانقسام والاضطرابات. ففي شهر أذار/ مارس 2012 قتل 5 أشخاص من قريّة أصيلة من قبل مسلحي حلفايّا، كما اختطفت معلمة تنتمي لهذه القريّة بذريعة مشاركة أهالي القريّة في اقتحام مدينة حلفايّا، وحصلت مواجهات طائفيّة شارك فيها مسلحو قرية معرزاف. ويبدو أن السلوك العنفي، الذي حصل بالأمس من قبل سكان أصيلة أثناء محاولة اقتحام الجيش لمعرزاف يعود أيضا إلى أسباب ثأرية انتقاميّة. وقد استغل من نفذ المذبحة القصف الموجه الى معرزاف.
يمكن أن تنتشر هذه الظواهر في سوريا على خلفية استمرار عنف الدولة الذي يغذي العنف الأهلي. ولقد أنكر بشار الأسد في خطابه الأخير هذه الخلفيات في حالة مجزرة الحولة، ولم يعد بالقبض على القتلة ومحاسبتهم، بل نسب الأمر الى "الجماعات المسلحة". وهو يعرف الخلفية الحقيقية، ما يعني منح حصانة للقتلة، وربما شجع آخرين على أن يحذوا حذوهم.
هذه الاستراتجية لتخويف العالم من أن الثورة تقود الى الفوضى، والحرب والأهلية لم تعد تنفع. فالنتيجة التي استخلصها الجميع ان النظام هو المشكلة.
على القوى الثورة المسؤولة أن تؤكد على الوحدة الوطنية، وعلى مسؤولية النظام عما يجري. كما أنه من الضروري التأكيد على ان اي عنف أهلي يجر دورة من العنف المضاعف. فلا أحد يقتل في سوريا على خلفية أهلية من دون أن يكون أهله قادرين على القتل هم أيضا. المشكلة هي النظام الحاكم. وهو عدو جميع المواطنين، الذي يسعى لتحويل كل مواطن الى عدو للآخر.
"
No comments:
Post a Comment