جرائم الدكتاتوريات العربية وإسرائيل
Great post by Azmi Bishara
يظهر الاستبداد العربي ممارسات قمعية وحشية. ويروق لبعض الأخوة المندهشين أو المتأذين معنويا من حجم القمع الذي يمارسة الاستبداد بحق الشعوب العربية والإنسان العربي مقارنته بما مارسته إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وفي الأرض المحتلة عام 1967 بشكل خاص. ويبدو أن من يقوم بهذه المقارنة إنما يفعل ذلك بحسن نية، فهو غالبا ما يقصد أن السياسة الإسرائيلية هي شر معياري، اذا صح التعبير، وأن الشرور الأخرى تقاس به وعليه. ولكن يبدو لي من بعض المناقشات أن ما يقصده أصحابها (وهم قلة) هو دحض شر إسرائيل. بل ونجد محاولات لتقديم إسرائيل بصورة افضل، لا سيما من قبل المعارضين الذين لم يعتبروا يوما أن قضية الشعب الفلسطيني أو العراقي أو الجزائري قضيتهم، وكانوا دائما ينظرون الى أميركا كحليف. وقد لفتت نظري تعليقات بعض الأخوة الإيجابية تجاه خطاب المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن تجاه سوريا وهي، على الرغم من ندرتها وقلتها، ليست في مكانها، فإسرائيل لا ترغب لا بوحدة سوريا ولا بتطورها ولا بديمقراطيتها، فضلا عن عروبتها. ومع ذلك فيما يلي بعض الملاحظات حول خطأ المقارنة:
1. لا تصح المقارنة الكمية لأن الصراع مع إسرائيل لا يقاس بحجم القتلى والشهداء. فإسرائيل القوية اقتصاديا وأمنيا وتكنولوجيا لم تعد بحاجة لهذا الكم من العنف البدائي، ولديها أدوات سيطرة وعنف أكثر "تطورا". ولكنها في الماضي استخدمت عنفا بدائيا، وما هو اكثر فداحة منه، في طرد شعب بأكمله. ولم تحاصر ولم تفرض عليها عقوبات، وما زالت حتى اليوم دولة الغرب المدللة... وهي تستغل ما يجري عربيا لمواصلة الاستيطان وتهويد القدس، وحتى الدول العربية التي تقيم معها علاقات سلام للأسف لم تقطع هذه العلاقات.
2. الشعوب العربية تناضل في أوطانها من أجل مستقبل أفضل. وسوف تناله بنضالها ضد الاستبداد. ولكن الشعب الفلسطيني فقد وطنه. فلسطين هي ارض محتلة من قبل استعمار استيطاني إحلالي... أحل شعبا مكان آخر.
3. إسرائيل هي النقيض للوحدة الوطنية والمحفّز الأول في مسارات البنية الطائفية السياسية للدول، فهي تنظّر للتعامل مع العرب ليس كشعوب بل كطوائف، وتمارس علاقاتها الإقليمية سياسيا على هذا الاساس.
4. قضية فلسطين هي قضية كل عربي ليس بسبب القمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، بل لأنها آخر قضية استعمارية في المنطقة، وهي التي تشكل محور الإملاءات الاستعمارية الغربية على دول المنطقة حتى الديمقراطية في المستقبل.
يجب ان نقف جميعا ضد الاستبداد، وان لا نسمح لاي نظام باستغلال قضية فلسطين في تبرير جرائمه، ولا يمكن أن يكون من يقمع شعبه صديقا حقيقيا لإحقاق العدل في فلسطين... ولكن علينا ايضا ان لا نسمح ان يجري بهدوء تهميش قضية فلسطين، أو تحويلها الى مسألة نسبية مقارنة بالقمع العربي، لا سيما من قبل أولئك الذين أعجبوا دائما بالسياسات الغربية في المنطقة، وناهضوا فكرة الرابطة العربية التي تربط شعبهم بشعب فلسطين والشعوب الأخرى، وانضموا الى الثورات لأسبابهم وليس من أجل الديمقرطية. وتحتاج الثورات لمن ينضم إليها ولكن علينا أن نكون حذرين بشأن النوايا والأهداف... فغالبا ما تكون النوايا هي الأهداف.
1 comment:
موفقين .. وعايزيين نشوف الجديد !؟
Post a Comment