By Azmi Bishara
7 يوليو 2012
"يخطو الشعب الليبي خطوة جبارة نحو المستقبل في انتخابات يوم 7 يوليو\تموز، وهو مستقبل استحقه الشعب الليبي بتضحياته. ونحن نأمل أن تكون الانتخابات مقدمة لإعداد دستور ديمقراطي لدولة وطنية يجري فيها التداول على السلطة بالانتخاب الديموقراطي، وتحترم فيها حقوق الإنسان والمواطن، وفيها تعددية سياسية وفصل وتوازن بين السلطاتـ واستقلال القضاء. كل الخير للشعب الليبي الشقيق.
من يتابع النقاش الذي دار حول السيادة للشعب أم السيادة الله يدرك مباشرة أن النقاش خاطئ في أساسه. فلا يوضع هذا مقابل ذاك. التعبير الأول سياسي متعلق بالدولة الوطنية وسيادة الشعب فيها ( لا الملك، ولا العشكر، ولا رجال الدين، ولا حزب من الأحزاب)؛ والثاني كوني مطلق لا علاقة له لا بانتخابات، ولا بديمقراطية. وتطبيقه على الشعب والدولة وكأنه برنامج سياسي وليس سنة كونية يمس به، ولم يؤد إلى اي حكم عادل بالتجربة الملموسة، بل غطى على صراعات حزبية على الإمامة منذ الخلافة الراشدة، ويغطي في عصرنا عادة على رغبة فئة من البشر (وربما كانوا أقل ثقافة وكفاءة من غيرهم) أن تحكم غيرها مستخدمة وكأنها تحكم باسم الله،فقيم نمطا جديدا من الاستبداد غير الناجع: كما جرى في مرحلة ما في السودان وأفغانستان وغيرهما... ولا أعتقد ان الناس خرجت تطالب بالحرية والكرامة في اي بلد عربي وفي ذهنها هذهالنماذج. وليست دار الافتاء مكانا بديلا للدستور او للمحكمة الدستورية لتقرر في مدى ملاءمة القوانين للشريعة (إلا في هيئة حماية الدستور في إيران).
لقد تطورت الحركات الإسلامية منذ نقاشات الخمسينات والستينات هذا، ونحن نرى ذلك في مصر وتونس والمغرب وتركيا. ولكن النقاش استعيد في ليبيا كما لاحظت بما يدل على أن هذا البلد ظل تحت حكم القذافي خارج صيرورة التطور وجدلية العلاقة بين الفكر والممارسة، وأن القضية تحتاج الى وقت. فلا بأس ان يخاض هذا النقاش بشكل عقلاني.
الديمقراطية هي بالأصل حكم الشعب، ولكن بمعنى ممارسة منظمة للحرية في مؤسسات وبموجب مبادئ. ولا تخضع كلها لقرارات الأغلبية فبعضها، لا سيما ذلك المتعلق بحقوق المواطن وضمان استمرار الديمقراطية لا يخضع لمزاج متقلب، وأكثر من ذلك يجري توسيعه وتطويره باستمرار.
لا تناقض بين الديمقراطية وحكم أغلبية نواب الشعب بموجب الدستور، وبين الدين، اي دين، فالدين في السياسة يعني العدالة والأخلاق والإنسانية، ولا يعني فرض اي عقيدة بقوة الدولة. فالإيمان خيار حر بحكم تعريفه. والسلوك في قضايا الدين بموجب ما لا يؤمن به المرء نفاق، وفرض النفاق على الناس جريمة، والأهم من ذلك أنه ليس من حق أحد، إلا اذا كان الدين وسيلة لفرض رأي على الناس. وفي هذا الحالة تكون هذه الممارسة هي التي تناقض الدين، لأنه لا يوجد ما يناقض جوهر الدين أكثر من استخدامه وسيلة لمآرب ذاتية أو حزبية.
السيادة لله نعم، وهذا يعني السيادة للحق والعدل والرحمة في الكون... أما استخدام هذا وسيلة لغايات سياسية فمعناها تسويد إرادة فئة من البشر ومس بالدين وبالدنيا.
"
No comments:
Post a Comment