جنرالات العار
عبد الحليم قنديل
"ذهبوا دون أن يبكيهم أحدا، فلا شعبية لهم في الشارع، ولا في الجيش، ثم أن الذين استخدموهم استغنوا عن خدماتهم بالتقادم، وعاملتهم الحكومة الأمريكية كالخيل العجوز، تكفيهم طلقة الرحمة من الرئيس محمد مرسي الذي أصبح جنرال أمريكا الأول فى مصر، وحتى إشعار آخر.
لم يكن المشير طنطاوي ولا الفريق عنان، ولا سواهما من الأدنى درجة في المجلس العسكرى، لم يكن هؤلاء من الجنرالات الذين تعتز بهم العسكرية المصرية وتفخر، فلم يخض الجيش المصري حربا وطنية منذ معركة 1973، ولم يكن هؤلاء من الذين لحق بهم أو حق لهم مجد الحرب، وقد شارك المشير طنطاوي ـ مثلا ـ في الحرب المجيدة، ودون أن يحرز شيئا يضاف للسجل العسكري، فقد كان وقتها قائد كتيبة مشاة، وقتل كل أفراد كتيبته في معركة المزرعة الصينية، ولم ينج أحد إلا طنطاوي نفسه في واقعة تثير العجب، وربما الريبة، وشاءت الأقدار التعسة أن يكون طنطاوي أطول وزراء دفاع مصر عمرا في منصبه، فقد ظل في موقع القائد العام للقوات المسلحة أكثر من إحدى وعشرين سنة، وكان قبلها لسنوات قائدا للحرس الجمهوري، ولم يكن اختيار مبارك له من فراغ، فقد أراد أن يختار رجلا يشبه الفراغ، وأن ينهي سيرة القادة العظام في الجيش المصري، وسعى بعد التخلص من المشير أبو غزالة آخر قائد ذي شعبية طاغية في صفوف الجيش، سعى مبارك إلى وضع الجيش في مقبرة، واختار طنطاوي كشاهد مقبرة، ثم انقلبت الأقدار على مبارك، وقامت الثورة الشعبية، ولم يكن بوسع طنطاوي أن يعاند الثورة، ولا أن يحمي مبارك من مصير الخلع، ولو فكر طنطاوي أن يفعل العكس، فلم يكن يستطيع، فليست له من شعبية في الجيش، ثم أن الجيش المصري ليس عصابة، وشاءت الأقدار أن تمنح طنطاوي فرصة أخرى يكفر بها عن سيئاته، وجعلته في وضع الرئيس نفسه، ولمدة قاربت العشرين شهرا بعد الثورة، لكن عجزه الخلقي جعله كالزوج المخدوع آخر من يعلم، وقد كان آخر من علم بنية الرئيس مرسي تنحيته، وتعيين رئيس جهاز المخابرات الحربية وزيرا للدفاع في دولة الرئيس المنتخب هذه المرة.
ومن منظور ديمقراطي، فإن من حق الرئيس المنتخب تنحية المشير، وإلغاء إعلانه الدستوري المكمل، وإنهاء إزدواجية السلطة، وترك السلطات للرئيس مرسي، وحتى يمكن محاسبته ومحاكمته شعبيا، سواء بحركة الشارع، أو عبر صناديق الانتخابات، وكل هذا حق لا مراء فيه، لكن القصة أكبر من مجرد إستعادة لصلاحيات رئيس، وكلنا يذكر زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية للقاهرة عقب تنصيب مرسي رئيسا، وتصريحاتها العلنية بإنهاء المرحلة الانتقالية، وإنهاء دور المشير والمجلس العسكري في السياسة، وهو ماذكرت به الجهات الرسمية الأمريكية في أول ردود أفعالها المستريحة لقرارات مرسي بإزاحة المشير وصحبه، وهو ما يعني ـ ببساطة ـ أن مرسي اتخذ قراراته، وهو يعلم أن الإشارة الأمريكية خضراء، فقد لمس من كلينتون مباشرة رغبة واشنطن في إزاحة الجنرالات القدامى، ليس لأنهم من المعارضين أو الممتنعين عن طاعة أمريكا، بل لأنهم كانوا جزءا من إدارة ذهب رأسها المخلوع مبارك، بينما تريد أمريكا قلب الصفحة، وتوحيد صوت وشخوص الإدارة الجديدة في مصر، خاصة بعد اطمئنانها التام إلى مرسي وجماعته الإخوانية، وتأكدها من جدية تعهداتهم بضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية الكبرى في مصر، وقد بدت كلينتون في غاية النشوة والسعادة وقتها، وهي تغادر مصر إلى لقاءات لاحقة مع قادة تل أبيب، وسخرت في خفة من سيول الطماطم والأحذية التي ألقيت عليها من جماهير مصرية غاضبة، فلم يكن يهمها رد فعل الشارع، بل كان الأهم ـ عندها ـ موقف السلطة الجديدة في مصر من حول الرئيس المنتخب.
وربما لايروق الكلام عن دور أمريكي للرئيس مرسي وجماعته الإخوانية ،لا بأس، فبمقدورهم أن يثبتوا العكس لو أرادوا، ودعونا نفترض جدلا أن مرسي رجل وطنى جدا، وأن المصالح المصرية الوطنية عنده فوق كل اعتبار، وقد عرف ـ بالممارسة ـ عمق التغول الأمريكي في السياسة والجيش المصري، وأن مصر بلد واقع فعليا تحت الاحتلال السياسي الأمريكي، وقد استطاع مرسي أن يتحرر من ضغط جنرالات المجلس العسكري بقرارات الإطاحة الأخيرة، وهذا شيء حسن جدا، لكن الحسن أكثر أن يتحرر ويحرر بلده من الضغط الأمريكي، وهو يملك أن يفعلها بجرة قلم لو أراد، أو أرادت جماعته الإخوانية، يمكنه ـ مثلا ـ أن يقرر الإستغناء عن المعونة الأمريكية، وحجمها المالي هزيل، ويزيد قليلا عن مليار دولار ونصف المليار في السنة، وبخصم أجور الخبراء الأمريكيين المصاحبين للمعونة، تنزل قيمة المعونة السنوية إلى مليار دولار لا غير، ومقابل هذه المعونة التافهة تدفع مصر استقلالها الوطني بالكامل، وتنكشف كل أسرار جيشها، وتتحكم أمريكا في تسليح الجيش بالكامل، وتجعله في وضع متخلف بمئة خطوة عن الجيش الإسرائيلي، فهل يمكن لمرسي أن يفعلها ؟، هذا إن كان حقا يريد تجديد دم الجيش المصري، لا أن يوحي فقط بتجديد الواجهات، واختيار أشخاص يأنس لهم، أو ترتاح إليهم جماعته الإخوانية، ودون أن يعني ذلك تحريرا للجيش المصري من قيوده، ولا عتقا لمصر من ربقة هيمنة أمريكية إسرائيلية متصلة على مدى الأعوام الثلاثين الأخيرة.
نعم، ليست القصة في إزاحة رئيس لجنرالات، فهذا أمر معتاد جدا في مصر، والمؤسسة العسكرية المصرية غاية في الانضباط، وتطيع أوامر الرؤساء ما لم تكن مدعوة إلى مواجهة لا تريدها مع الشعب، وقد اكتسبت طابعها الاحترافي الصرف بعد إعادة بنائها من القاعدة للقمة عقب هزيمة 1967، لكن كفاءتها الكلية تعرضت للتجريف منذ عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتي أعقبتها المعونة الأمريكية الضامنة، ومن وقتها جرى تعطيل الاهتمام بقوة الجيش والصناعة الحربية، بل وتفكيك المصانع الحربية، وتحويلها إلى صناعات مدنية، وتضخم قطاع الخدمة الوطنية في الجيش، والذى بدأ عمله مع بدء سريان المعاهدة المشؤومة، ونما وتوسع بترحيب وتشجيع أمريكي، وخصما من حساب الاهتمام بأولوية السلاح وعقائده وتطوراته، وإلى حد وضع نشاط اقتصادي مدني كبير تحت تصرف الجنرالات، يقدر حجمه بحوالي ثلث الاقتصاد المصري، وهكذا توزع الاهتمام، وزاغت أعين الجنرالات عن واجب السلاح إلى عوائد البيزنس، وتحول كبار الجنرالات إلى كروش منتفخة، تهتم بحساباتها في البنوك وشركات الأنجال، وإقامات القصور والحياة المترفة، والرواتب المليونية، ومقاولات الباطن من المعونة الأمريكية العسكرية، وفي انفصال تام عن عقـــيدة الجيش الوطنية والقتالية، وهو ما انتهى بنا إلى زمن الجنرالات المشوهين، ومن نوع طنطاوي وعنان وأمثالهما، والذين هم أقرب إلى طبع رجال الأعمال لا طبع رجال السلاح، ويخافون على ثرواتهم لا على أوطانهم، ويفخرون بالسجل المالي لا بالسجل العسكري الخالي، ويخشون أن يحاسبهم أحد على ما اقترفت الأيدى، ويطمحون إلى 'خروج آمن' تصوروا أن مرسي كفله لهم برعاية وضمان الأمريكيين، بينما بدا الخروج مذلا، وهم يستحقون إذلالا أكثر بمحاكمات آتية لا محالة، تلحق جنرالات العار بكبيرهم الذي علمهم الخزي في سجن طرة.
"
عبد الحليم قنديل
"ذهبوا دون أن يبكيهم أحدا، فلا شعبية لهم في الشارع، ولا في الجيش، ثم أن الذين استخدموهم استغنوا عن خدماتهم بالتقادم، وعاملتهم الحكومة الأمريكية كالخيل العجوز، تكفيهم طلقة الرحمة من الرئيس محمد مرسي الذي أصبح جنرال أمريكا الأول فى مصر، وحتى إشعار آخر.
لم يكن المشير طنطاوي ولا الفريق عنان، ولا سواهما من الأدنى درجة في المجلس العسكرى، لم يكن هؤلاء من الجنرالات الذين تعتز بهم العسكرية المصرية وتفخر، فلم يخض الجيش المصري حربا وطنية منذ معركة 1973، ولم يكن هؤلاء من الذين لحق بهم أو حق لهم مجد الحرب، وقد شارك المشير طنطاوي ـ مثلا ـ في الحرب المجيدة، ودون أن يحرز شيئا يضاف للسجل العسكري، فقد كان وقتها قائد كتيبة مشاة، وقتل كل أفراد كتيبته في معركة المزرعة الصينية، ولم ينج أحد إلا طنطاوي نفسه في واقعة تثير العجب، وربما الريبة، وشاءت الأقدار التعسة أن يكون طنطاوي أطول وزراء دفاع مصر عمرا في منصبه، فقد ظل في موقع القائد العام للقوات المسلحة أكثر من إحدى وعشرين سنة، وكان قبلها لسنوات قائدا للحرس الجمهوري، ولم يكن اختيار مبارك له من فراغ، فقد أراد أن يختار رجلا يشبه الفراغ، وأن ينهي سيرة القادة العظام في الجيش المصري، وسعى بعد التخلص من المشير أبو غزالة آخر قائد ذي شعبية طاغية في صفوف الجيش، سعى مبارك إلى وضع الجيش في مقبرة، واختار طنطاوي كشاهد مقبرة، ثم انقلبت الأقدار على مبارك، وقامت الثورة الشعبية، ولم يكن بوسع طنطاوي أن يعاند الثورة، ولا أن يحمي مبارك من مصير الخلع، ولو فكر طنطاوي أن يفعل العكس، فلم يكن يستطيع، فليست له من شعبية في الجيش، ثم أن الجيش المصري ليس عصابة، وشاءت الأقدار أن تمنح طنطاوي فرصة أخرى يكفر بها عن سيئاته، وجعلته في وضع الرئيس نفسه، ولمدة قاربت العشرين شهرا بعد الثورة، لكن عجزه الخلقي جعله كالزوج المخدوع آخر من يعلم، وقد كان آخر من علم بنية الرئيس مرسي تنحيته، وتعيين رئيس جهاز المخابرات الحربية وزيرا للدفاع في دولة الرئيس المنتخب هذه المرة.
ومن منظور ديمقراطي، فإن من حق الرئيس المنتخب تنحية المشير، وإلغاء إعلانه الدستوري المكمل، وإنهاء إزدواجية السلطة، وترك السلطات للرئيس مرسي، وحتى يمكن محاسبته ومحاكمته شعبيا، سواء بحركة الشارع، أو عبر صناديق الانتخابات، وكل هذا حق لا مراء فيه، لكن القصة أكبر من مجرد إستعادة لصلاحيات رئيس، وكلنا يذكر زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية للقاهرة عقب تنصيب مرسي رئيسا، وتصريحاتها العلنية بإنهاء المرحلة الانتقالية، وإنهاء دور المشير والمجلس العسكري في السياسة، وهو ماذكرت به الجهات الرسمية الأمريكية في أول ردود أفعالها المستريحة لقرارات مرسي بإزاحة المشير وصحبه، وهو ما يعني ـ ببساطة ـ أن مرسي اتخذ قراراته، وهو يعلم أن الإشارة الأمريكية خضراء، فقد لمس من كلينتون مباشرة رغبة واشنطن في إزاحة الجنرالات القدامى، ليس لأنهم من المعارضين أو الممتنعين عن طاعة أمريكا، بل لأنهم كانوا جزءا من إدارة ذهب رأسها المخلوع مبارك، بينما تريد أمريكا قلب الصفحة، وتوحيد صوت وشخوص الإدارة الجديدة في مصر، خاصة بعد اطمئنانها التام إلى مرسي وجماعته الإخوانية، وتأكدها من جدية تعهداتهم بضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية الكبرى في مصر، وقد بدت كلينتون في غاية النشوة والسعادة وقتها، وهي تغادر مصر إلى لقاءات لاحقة مع قادة تل أبيب، وسخرت في خفة من سيول الطماطم والأحذية التي ألقيت عليها من جماهير مصرية غاضبة، فلم يكن يهمها رد فعل الشارع، بل كان الأهم ـ عندها ـ موقف السلطة الجديدة في مصر من حول الرئيس المنتخب.
وربما لايروق الكلام عن دور أمريكي للرئيس مرسي وجماعته الإخوانية ،لا بأس، فبمقدورهم أن يثبتوا العكس لو أرادوا، ودعونا نفترض جدلا أن مرسي رجل وطنى جدا، وأن المصالح المصرية الوطنية عنده فوق كل اعتبار، وقد عرف ـ بالممارسة ـ عمق التغول الأمريكي في السياسة والجيش المصري، وأن مصر بلد واقع فعليا تحت الاحتلال السياسي الأمريكي، وقد استطاع مرسي أن يتحرر من ضغط جنرالات المجلس العسكري بقرارات الإطاحة الأخيرة، وهذا شيء حسن جدا، لكن الحسن أكثر أن يتحرر ويحرر بلده من الضغط الأمريكي، وهو يملك أن يفعلها بجرة قلم لو أراد، أو أرادت جماعته الإخوانية، يمكنه ـ مثلا ـ أن يقرر الإستغناء عن المعونة الأمريكية، وحجمها المالي هزيل، ويزيد قليلا عن مليار دولار ونصف المليار في السنة، وبخصم أجور الخبراء الأمريكيين المصاحبين للمعونة، تنزل قيمة المعونة السنوية إلى مليار دولار لا غير، ومقابل هذه المعونة التافهة تدفع مصر استقلالها الوطني بالكامل، وتنكشف كل أسرار جيشها، وتتحكم أمريكا في تسليح الجيش بالكامل، وتجعله في وضع متخلف بمئة خطوة عن الجيش الإسرائيلي، فهل يمكن لمرسي أن يفعلها ؟، هذا إن كان حقا يريد تجديد دم الجيش المصري، لا أن يوحي فقط بتجديد الواجهات، واختيار أشخاص يأنس لهم، أو ترتاح إليهم جماعته الإخوانية، ودون أن يعني ذلك تحريرا للجيش المصري من قيوده، ولا عتقا لمصر من ربقة هيمنة أمريكية إسرائيلية متصلة على مدى الأعوام الثلاثين الأخيرة.
نعم، ليست القصة في إزاحة رئيس لجنرالات، فهذا أمر معتاد جدا في مصر، والمؤسسة العسكرية المصرية غاية في الانضباط، وتطيع أوامر الرؤساء ما لم تكن مدعوة إلى مواجهة لا تريدها مع الشعب، وقد اكتسبت طابعها الاحترافي الصرف بعد إعادة بنائها من القاعدة للقمة عقب هزيمة 1967، لكن كفاءتها الكلية تعرضت للتجريف منذ عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتي أعقبتها المعونة الأمريكية الضامنة، ومن وقتها جرى تعطيل الاهتمام بقوة الجيش والصناعة الحربية، بل وتفكيك المصانع الحربية، وتحويلها إلى صناعات مدنية، وتضخم قطاع الخدمة الوطنية في الجيش، والذى بدأ عمله مع بدء سريان المعاهدة المشؤومة، ونما وتوسع بترحيب وتشجيع أمريكي، وخصما من حساب الاهتمام بأولوية السلاح وعقائده وتطوراته، وإلى حد وضع نشاط اقتصادي مدني كبير تحت تصرف الجنرالات، يقدر حجمه بحوالي ثلث الاقتصاد المصري، وهكذا توزع الاهتمام، وزاغت أعين الجنرالات عن واجب السلاح إلى عوائد البيزنس، وتحول كبار الجنرالات إلى كروش منتفخة، تهتم بحساباتها في البنوك وشركات الأنجال، وإقامات القصور والحياة المترفة، والرواتب المليونية، ومقاولات الباطن من المعونة الأمريكية العسكرية، وفي انفصال تام عن عقـــيدة الجيش الوطنية والقتالية، وهو ما انتهى بنا إلى زمن الجنرالات المشوهين، ومن نوع طنطاوي وعنان وأمثالهما، والذين هم أقرب إلى طبع رجال الأعمال لا طبع رجال السلاح، ويخافون على ثرواتهم لا على أوطانهم، ويفخرون بالسجل المالي لا بالسجل العسكري الخالي، ويخشون أن يحاسبهم أحد على ما اقترفت الأيدى، ويطمحون إلى 'خروج آمن' تصوروا أن مرسي كفله لهم برعاية وضمان الأمريكيين، بينما بدا الخروج مذلا، وهم يستحقون إذلالا أكثر بمحاكمات آتية لا محالة، تلحق جنرالات العار بكبيرهم الذي علمهم الخزي في سجن طرة.
"
No comments:
Post a Comment