شتان بين قادة الحركة الصهيونية الذين خططوا لتحصين دولة الاحتلال قبل قيامها، وبين سياسيين عرب يتنازعون السلطة قبل بناء الدولة بل قبل تحرير البلاد |
وهكذا ضاعت فرص عديدة وظلت البلاد تراوح مكانها بسبب ضعف ذاكرة الشعوب وغياب ثقافة التوثيق والتقييم والاعتبار والمحاسبة، فلا أحد يتحمل مسؤولية أخطائه فضلا أن يعتذر أو يعتزل، الكل يتفنّن في التنصّل من المسؤولية وإيجاد المبرّرات والشمّاعات، ولم يهتد بلد عربي واحد إلى طريق النهوض، بل إن كثيرا منها في تراجع، والسبب بسيط: غياب مشروع نهضوي وزعامات وطنية تعبّئ الشعب وتوحّده، وضعف الهوية الوطنية والحس الوطني لحساب الولاءات والنزعات والأجندات الفئوية.
أوجد الربيع العربي الأمل في كسر هذه الحلقة المفرغة حيث تجاوزت الشعوب النخب والأحزاب وتوحّدت على مطالب شعبية وتحت راية وطنية، ولكن الأحداث سرعان ما تدحرجت باتجاه المسار المعهود والنتيجة المألوفة، فأخطأت البلاد طريق النهضة ولم تتغير السياسات والأوضاع إلا قليلا.
ولكن لعل من أكبر حسنات الربيع العربي أنه أسقط الأقنعة وأزال الأوهام، وأثبت أنه لا جدوى من التغيير الفوقي ولا أمل في الزعامات والأحزاب القائمة المهووسة بالسلطة وليس بالنهضة، وما شهدناه من أداء سياسي مخيّب هو عيّنة لما هو قادم، ومن لا يزال يعلّق آماله في النهضة والإصلاح على الدستور والانتخابات ونهاية المرحلة الانتقالية فهو واهم.
......."
No comments:
Post a Comment