Saturday, October 4, 2014
"ذي انترسبت" يكشف شبكة "شيطنة قطر" في أميركا
يكشف موقع "ذي انترسبت" الأميركي، الشهير بالمعلومات السرية، عن تفاصيل جديدة حول خلفيات حملة إعلامية قوية في الولايات المتحدة، التقت فيها مصالح عربية وإسرائيلية بشكل غير مسبوق، لاستهداف دولة قطر بغرض تشويه صورتها وتقديمها إلى العالم في صورة "الراعي الأول للمنظمات الإرهابية".
ويفيد تقرير كتبه الصحافي الأميركي، غلين غرينوالد، بأن "دولتين اثنتين تتمتعان بأقوى تأثير على جماعات الضغط الأميركية، وهما إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، تقفان وراء الحملة العدائية الشرسة التي تستهدف القطريين شعباً وحكومة مع اختلاف دوافع الدولتين".
وسبق لكاتب التقرير الاستقصائي أن نشر تقارير سرية من وكالة الأمن القومي الأميركية كشفها المتعاقد المنشق، إدوارد سنودن. وعادةً، تحظى معلومات هذا الصحافي وموقع "ذي انترسبت" بصدقية كبيرة، كما تثير تقاريره الاستقصائية جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة.
"
نشر غرينوالد تقارير سرية من وكالة الأمن القومي الأميركية كشفها المتعاقد المنشق إدوارد سنودن وتثير تقاريره الاستقصائية جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة
"
ويوضح التقرير في مقدمته أن إسرائيل تهدف من وراء حملتها إلى إجبار القطريين على وقف الدعم السياسي والمالي للفلسطينيين بشكل عام، ولحركة المقاومة الاسلامية "حماس" بشكل خاص. في المقابل، يشرح أن "الإمارات دخلت، إلى جانب دول عربية أخرى، في خلاف وتنافس مع قطر بسبب ثورات الربيع العربي، إذ تقدم قطر الدعم لجماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من الحركات الشبابية العربية الناشئة، بينما تدعم الإمارات الثورات المضادة والتحالفات القائمة مع أنصار الأنظمة السابقة في مصر وليبيا ودول أخرى".
يورد تقرير "ذي انترسبت" تفاصيل متكاملة عن الحرب الإعلامية الخفية التي يشنها اللوبيان العربي والإسرائيلي على قطر.
وبحسب التقرير المطويل، اختار الإسرائيليون النهج العلني المباشر في اعتبار قطر عدواً جديداً لهم، واتهام القطريين بدعم وتأييد "الجماعات الإرهابية" من خلال كتابات وتصريحات تنشر في الصحافة الإسرائيلية والأميركية. أما دولة الإمارات، فقد لجأت إلى نهج سري أكثر دهاءً، حقق نجاحاً ملحوظاً وكشف عن مدى سهولة شراء الذمم في الإعلام الأميركي، والتلاعب بمخرجات الوسائل الإعلامية، على حد تعبير التقرير.
ويوضح غرينوالد أن التكتيك الإماراتي يعتمد على دفع ملايين الدولارات لمجموعة استشارات أميركية تدعى "كامستول" Camstoll، "استقطبت للعمل فيها الكثيرين من كبار المسؤولين السابقين في وزارة المالية الأميركية من الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي"، ممن يفترض أنهم مطلعون على معلومات سرية تتعلق بجهود تجفيف مصادر تمويل الإرهاب وغير ذلك". كذلك نجحت المجموعة، وفق المصدر نفسه، في "استقطاب صحافيين أميركيين كتبوا مقالات تهاجم القطريين، وفقاً لأول تقرير حول هذا الموضوع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قبل حوالي ثلاثة أسابيع، كتبه ديفيد كيركباتريك، ويشير إلى أن التوافق القائم في التوجهات بين السعودية، الإمارات، مصر، وإسرائيل جعل هذه الدول تعمل جاهدة على تصوير الدوحة بأنها عراب الجماعات الإرهابية في كل مكان، لكن قطر نفت بحزم هذا الاتهام لها".
ويشدد غيرينوالد على أن الامارات، في محاولتها لإدانة قطر، استخدمت مجموعة كامستول (التي جرى تأسيسها في 26 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012). وبعد البحث والتحري عن هذه المجموعة، تأكد للصحافي صاحب التقرير في "ذي انترسبت" بالفعل أن "معظم المراكز القيادية فيها يشغلها مسؤولون كبار سابقون في وزارة الخزانة الأميركية ممن عملوا في الوزارة في عهدي الرئيس السابق جورج بوش، والرئيس الحالي باراك أوباما". ومن بين المسؤوليات التي تولاها بعض هؤلاء، إدارة علاقات الولايات المتحدة بدول خليجية وإسرائيل، إضافة إلى إدارة السياسات المتعلقة بتمويل الجماعات المصنفة في قائمة الإرهاب.
كما أن معظم رموز المجموعة معروفون بخلفيتهم كناشطين في تيار المحافظين الجدد. ويؤكد هذا التحقيق الاستقصائي أن اثنين من مديري مجموعة "كامستول" عملا قبل التحاقهما بوزارة المالية، مع واحد من أكثر المحافظين الجدد تطرفاً ضد المسلمين، هو ستيف إيمرسون.
الإمارات أكثر إنفاقاً
أما الرئيس التنفيذي ومؤسس المجموعة، ماثيو ابشتاين، فهو ينتمي فكرياً إلى تيار المحافظين الجدد، وقد تنقل بين عدة مسؤوليات في وزارة الخزانة من عام 2003 حتى عام 2010، وشملت فترة خدمته هذه العمل ملحقاً مالياً لدى السعودية والإمارات. وكانت وثائق "ويكيليكس" قد تضمنت في عام 2007، تفاصيل اجتماعات عدة عقدها ابشتاين، مع ممثلين رفيعي المستوى في أبوظبي، خططوا لقطع المعاملات المالية والمصرفية الإيرانية. أولئك المسؤولون الإماراتيون الذين كان يجتمع بهم ابشتاين، هم الذين يدفعون الآن لشركته ملايين الدولارات للعمل كوكيل لبلادهم في الولايات المتحدة، بحسب غرينوالد دائماً. وقبل تعيين ابتشتاين في وزارة المالية في عهد بوش، كان قد عمل مع إيمرسون المعروف بعدائه للمسلمين عموماً. لكن ابشتاين، أغفل من سيرته الذاتية فترة عمله مع إيمرسون. وفي عام 2003، قال ابشتاين لمجلس الشيوخ الأميركي إن "قطاعاً كبيراً من قيادات المؤسسات الإسلامية في أميركا لا يدعم سياسة مكافحة الإرهاب". أما المدير الإداري لـ"كامستول"، هوارد مندلسون، فقد كان مساعداً لوزير المالية بالإنابة، إذ كانت لديه أيضاً مسؤوليات كثيرة تشمل ما له علاقة بالإمارات. وتوضح برقية نشرتها "ويكيليس" في عام 2010 كيف أن مندلسون "التقى مع مسؤولين كبار من وزارة أمن الدولة في الإمارات ودائرة دبي العامة لأمن الدولة لعرقلة تمويل حركة طالبان".
كما عمل مع ايمرسون، قبل تعيينه في وزارة المالية، مدير إداري آخر هو بنيامين شميت. وتظهر برقية دبلوماسية مؤرخة في عام 2009، أنه عمل مع إسرائيل في السيطرة على التمويل المقدم للفلسطينيين. واللافت أن مدير "كامستول"، بنيامين ديفيس، كان الملحق المالي لوزارة المالية الأميركية في القدس المحتلة.
"
حصلت "كامستول" بعد أقل من أسبوع على تأسيسها على عقد استشارات مفتوح ومربح مع شركة "أبوظبي للطاقة"
"
حصلت "كامستول" بعد أقل من أسبوع على تأسيسها (في 2 ديسمبر/كانون الأول 2012) على عقد استشارات مفتوح ومربح مع شركة "أبوظبي للطاقة" المملوكة كلياً لإمارة أبوظبي. وبموجب الاتفاق، تدفع أبوظبي رسوماً شهرية قدرها أربعمائة ألف دولار. وبعد أسبوعين من تشكيلها، تقاضت "كامستول" من الإمارات أتعاباً إضافية قدرها 4.3 ملايين دولار، ثم دفعة أخرى بلغت 3.2 ملايين في عام 2013.
وبعبارة أخرى، فإن كبار مسؤولي وزارة المالية الأميركية ممن يتولون صناعة سياسة الولايات المتحدة تجاه دولة الإمارات، تركوا مناصبهم في الحكومة الأميركية للانضمام إلى شركة استشارية تعمل كجماعة ضغط جديدة حصلت إثر ذلك على ملايين الدولارات من البلد الخليجي ذاته. وبحسب "ذي انترسبت"، يستخدم الجميع في هذه المجموعة نفوذهم وشبكة علاقاتهم واتصالاتهم وخبراتهم لصالح دولة الإمارات التي تنفق أكثر من أي بلد آخر في العالم، للتأثير على سياسة الولايات المتحدة وتوجيه النقاش المحلي كما تريد.
نماذج من الصحافيين المعادين لقطر
تنفق مجموعة الضغط "كامستول" أموالاً طائلة لاستقطاب صحافيين حول العالم، وعن طريقهم يتم زرع مقالات وتحليلات مناهضة لقطر، بحسب تقرير غرينوالد. وقد حققت هذه المجموعة نجاحاً كبيراً في هذا الإطار، بموجب استراتيجية واضحة، تعتمد على الاستعانة بكتاب من المحافظين الجدد، الموالين لإسرائيل مثل الكاتب في "ديلي بيست"، لايلي لايك، والصحافية في "فري بياكون" آلانا غودمان، والمحكوم عليه في قضية "إيران كونترا" إليوت إبراهام، والكاتب في "واشنطن بوست" جينيفر روبين، والكاتب في "أميركان انتربرايز انستيتيوت" مايكل روبن. ويرى غرينوالد أن "كل هؤلاء يبدون كأنهم تواقون للترويج لمزاعم التمويل القطري للإرهاب، وهو المسار الذي تدفع باتجاهه إسرائيل، كما أن مجموعة الضغط هذه استقطبت إعلاميين بارزين في مؤسسات كبيرة مثل الإعلامي في سي إن إن، إيرين بيرنيت، الصحافي في وكالة رويترز مارك هوسينبال، والصحافي في واشنطن بوست جوبي واريك".
"
كبار مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية تركوا مناصبهم في الحكومة الأميركية للانضمام إلى شركة استشارية حصلت على ملايين الدولارات الامارات
"
ويكشف صاحب التقرير في الموقع الأميركي عن أن مجموعة "كومستال" أجرت، في النصف الأخير من العام الماضي، حوالي 15 اتصالاً مع الكاتب في "ديلي بيست" لايلي لايك، نيابة عن دولة الإمارات أو من أجل الترويج لأجندتها. وفي شهر ديسمبر الماضي وحده، اتصلت المجموعة عشر مرات منفصلة مع الصحافية في "فري بياكون" آلانا غودمان. وفي الوقت ذاته، كان المسؤولون في مجموعة الضغط هذه يتواصلون مع زملاء سابقين لهم ممن لا يزالون يعملون في مناصب رفيعة المستوى في وزارة المالية الأميركية، بمن في ذلك الملحق المالي للوزراة لدى دولة الإمارات وكذلك نائب وزير المالية داني ماكغلين.
وفي النصف الأول من العام الجاري، كثفت المجموعة هجومها على قطر لصالح الإمارات بالتزامن مع تزايد الاتصالات مع الصحافيين المشار إليهم، والإعلاميين الكبار في مؤسسات إعلامية كبرى، من أمثال الصحافي في "نيويورك تايمز" ديفيد كيركباتريك، وسهلوا لبعض الصحافيين حضور اجتماعات مع مسؤولين كبار في وزارة المالية، بمن فيهم مساعد الوزير لشؤون تمويل الإرهاب دانيال جلاسر، بحسب ما يشير إليه تحقيق "ذي انترسبت".
وعندما أعلنت إدارة أوباما عن خطة لإطلاق سراح معتقلي سجن غوانتانامو إلى قطر، نشر لايك، في "ديلي بيست"، موضوعاً صور فيه قطر على أنها "البلد الصديق للإرهابيين". ونقل في مادته الصحافية عن مسؤولين مجهولي الهوية اتهامات تفيد بأن "العديد من الأفراد الأثرياء في قطر يجمعون المال للجهاديين في سورية كل يوم، ونحن نعلم أيضاً أننا أرسلنا معتقلين لهم من قبل، وفقدت أجهزتهم الأمنية اثرهم". ويكرر لايك أن "سجل قطر مقلق" وأن الدوحة "مكان جيد لجمع أموال لمنظمات إرهابية". ثم قال عبر قناة "فوكس نيوز"، إن "قضية تمويل الإرهاب أصبحت مقتصرة بشكل رئيسي على قطر".
وفي الوقت نفسه، أرسلت قناة "سي إن إن" مراسلها أيرين بورنيت، إلى الدوحة حيث بث "تقريراً خاصاً" بعنوان "هل أصبحت قطر ملاذاً لتمويل الإرهاب؟". واستشهدت "سي إن إن" باتهامات لرئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، ضد السعودية وقطر تفيد بتقديمهما الدعم لمسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالمال والسلاح.
وأثبتت السجلات، بحسب تقرير "ذي انترسبت"، وجود تواصل بين مجموعة الضغط المذكورة، وغالبية الصحافيين والإعلاميين الذين دأبوا على مهاجمة قطر سواء قبل نشر مقالاتهم ومساهماتهم أو بعد النشر. وقد أورد التقرير أمثلة مفصلة على ذلك التواصل بتواريخ دقيقة. وتأتي على قائمة اتصالات مجموعة الضغط المشار إليها، الصحافية كان كيركباتريك، التي نشرت مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز"، قبل أسبوعين، تحت عنوان "دعم قطر للإسلاميين ينفّر الحلفاء".
ويخلص تقرير غرينوالد إلى أن الهجوم المنظم في وسائل الإعلام الأميركية على قطر عبر مثل هذه الأساليب، هو مجرد سلاح تستخدمه الإمارات وإسرائيل، وربما السعودية وغيرها، للترويج لأجندتها على حساب قطر وسمعتها وسلامة مواطنيها.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment