AS USUAL, A VERY GOOD PIECE!
سلامة كيلة
Link
قبل أكثر من عام، تشكّل تحالف من ستين بلداً، للحرب ضد "داعش" بقيادة أميركية، وطوال هذا الوقت، وهو يخوض الحرب ضدها بآلاف الغارات الجوية في العراق وسورية. والآن، يطرح الروس التحالف ضد داعش، بعد أن أخذوا في إرسال قوات إلى سورية. هل تحتاج داعش إلى كل هذه الحشود، وإلى قوات أكبر دولتين في العالم؟
ربما كان التهويل الإعلامي الذي رافق وجود داعش ونشاطها، خصوصاً في العراق، هو ما يعطي الانطباع إلى الحاجة إلى كل هذه الحشود، فقد ظهرت داعش قوة عملاقة أخطر من تنظيم القاعدة، وأكثر خبرة وتنظيماً، وتهدد الأمن العالمي. حينها، كانت روسيا مترددة، بل رافضة دخول التحالف ضد داعش، بالضبط لأنها تعرف أن داعش كانت تعمل في خدمة كل من النظام في إيران والنظام في سورية. وظهر في كل هذه الفترة من "الحرب ضد داعش" أن القصف لا يطال داعش، بل إنها تمددت، وازداد عديدها وقدراتها العسكرية. هذا الأمر الذي يتخذه الروس الآن مبرراً لـ"حربهم ضد داعش"، حيث يشيرون إلى الفشل الأميركي في "الحرب ضد داعش".
هل هو فشل؟ ذوو النيات الحسنة، والأغبياء فقط هم من يعتقدون بالقدرات الخارقة لداعش، وبأن الحرب الأميركية فاشلة. على العكس، فإن "الحرب" الأميركية ناجحة جداً، كيف؟
إذا اعتبرنا أن داعش قوة حقيقية ونتاج واقع أفرزها، يمكن أن نصل إلى تلك الاستنتاجات، لكن داعش ليست كذلك، بالضبط لأنها "عدو مخترع"، ومخترع لتحقيق أهداف سياسية، وليس من أجل الانتصار عليه. هذا ما "تعرفه" أميركا، وما يعرفه الروس. لهذا، يجب التفكير في ما يخفيه التطبيل للحرب ضد داعش، وليس الحرب نفسها التي هي شكلية جداً. ما أشرت إليه مراراً في مقالات سابقاً هو أن داعش هي المدخل العملي، من أجل تغيير طابع السيطرة في السلطة العراقية، حيث تريد أميركا تحقيق ما فقدته في العراق، بعد انسحابها، وأقصد وجوداً عسكرياً وسيطرة على السلطة (وإن كانت السيطرة تتحقق بقوى إيرانية). لهذا، فإن داعش هي "البعبع" الذي يهدد السلطة وسيطرة إيران، بحيث تنفرط الحاجة للتدخل الأميركي الذي يفرض شروطه. هذا ما يجري في أروقة السلطة العراقية، الآن، بحيث تجري كل التغييرات فيها في سياق إعادة بناء السلطة تحت السيطرة الأميركية، وإن كان يتحقق ذلك بالأدوات نفسها التي ترتبط بإيران.
أميركا، لا أقول أطلقت داعش حيث كانت قد تشكلت، بل وسّعت من فاعلية داعش، ومن قدرتها العسكرية، لكي تقلّم قدرات أدوات إيران، وتعود، كما كانت خلال احتلالها العراق، القوة التي تدير السياسة العراقية. بالتالي، فإن "الحرب ضد داعش" هي الحرب بـ داعش، من أجل تحقيق سياسات سيطرة في بلد تعتبره أميركا أساسياً لها، ككل بلدان الخليج العربي.
الآن، هل تريد روسيا القضاء على "الأداة التكتيكية" لأميركا؟
لا يبدو الأمر كذلك، بالضبط لأن روسيا تعرف لعبة داعش وحدود "خطر" داعش، وكيف يمكن أن تتبخر حال تحقيق السياسات. ولقد اخترقت روسيا التنظيم بشيشان يعملون لمصلحة مخابراتها.
هذا يطرح السؤال بشأن الهدف الروسي من هذه السياسة الجديدة، فالنظام لا يخوض حرباً ضد داعش، على الرغم من كل ما ينشر في الإعلام عن الحرب ضد الإرهاب، وروسيا تعتبر أن حرب النظام ضد الثورة هي ضد الإرهاب. لهذا، دعت إلى تحالف بين كل من السعودية والأردن وتركيا والنظام، لمحاربة داعش، وهي المبادرة التي سيقدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأمم المتحدة، والتي منها وقْف تلك الدول دعمها المعارضة السورية. بالتالي، ما تهدف إليه هو ليس الحرب ضد داعش، بل إنهاء الثورة بحجة الحرب ضد داعش. لهذا، إذا كانت أميركا تريد ترتيب سيطرتها على النظام في العراق، بحجة الحرب ضد داعش، فإن روسيا تريد الأمر نفسه في سورية. لكن، كما يبدو بتكريس وجود الأسد ونظامه وليس بإجراء تعديل فيه على أساس مبادئ جنيف1. وهي تريد إقناع تلك الدول بقبول ذلك.
هل هذا ممكن؟ لا أظن، لأن هذه المعادلة سوف تجرّ روسيا إلى مستنقع أفغاني جديد، ولا شك في أن الغباء الروسي يسمح بذلك. -
No comments:
Post a Comment