Monday, June 5, 2017

القضية الفلسطينية في صلب الحملة على قطر

Link

تشكل القضية الفلسطينية ودعم المقاومة، باعتبارها حقا طبيعيا لصد العدوان الإسرائيلي، واحدا من الملفات التي تميزت بها السياسة الخارجية القطرية، وهو ما وضعها (قطر) تحت ضغوط هائلة لوقف دعمها للمقاومة الفلسطينية خصوصا في غزة. وتحديدا بعد الحصار الذي فرض على القطاع عام 2007.

ولا يغيب ملف فلسطين وغزة عن التطورات المتسارعة التي بدأت بقمة الرياض في مايو/أيار الماضي بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب حركة حماس "إرهابية"، وحديثه عن تجفيف منابع التمويل لكل الحركات والأحزاب التي صنفتها واشنطن بأنها "إرهابية".

وكشفت الرسائل الإلكترونية المسربة لسفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة عن ترتيبات سابقة بين الإمارات واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لتشويه صورة قطر واعتبارها داعمة "للإرهاب"، والمقصود هنا استضافة قطر لقيادات في حركة حماس ورموز من جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
هذه الحملة الشرسة على قطر تهدف للضغط عليها من أجل تغيير سياستها تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة في غزة ممثلة في حركة حماس وغيرها من الفصائل المتمسكة بخيار المقاومة، فقد كان للدوحة دور فاعل ومؤثر في محطات عديدة من مسار القضية الفلسطينية، ولا تزال تتمسك بهذا الدور، الذي تعتبره واجبا إنسانيا وقوميا.

فقد كان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أول زعيم عربي يزور قطاع غزة عام 1999 منذ عام 1967، واستقبله حينها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكانت زيارته الثانية في أكتوبر/تشرين الأول 2012 على رأس وفد قطري رفيع لتفقد آثار الحرب الإسرائيلية المدمرة، وقدم أمير قطر في الزيارة مساعدة مالية قدرها أربعمئة مليون دولار لتمويل عدد من مشاريع إعادة إعمار القطاع المحاصر.
وقد قام السفير القطري رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمدي مؤخرا بافتتاح عدد من مشاريع الإعمار التي أنجزت في قطاع غزة في مقدمتها "مدينة الشيخ حمد"، بالإضافة إلى مشاريع محطات توليد الكهرباء التي تبرعت بها قطر لحل مشكلة انقطاع الكهرباء المتكررة في إطار الحصار الخانق على غزة.
قمة غزة بالدوحة حيث شغلت فصائل فلسطينية مقعد فلسطين عام 2009 (الجزيرة)
وعلى صعيد الدعم السياسي والمالي لقطاع غزة، فقد كان للدوحة موقف تاريخي بالدعوة لعقد "قمة غزة الطارئة" في يناير/كانون الثاني 2009 لدعم قطاع غزة في مواجهة الحرب الإسرائيلية، والتي امتنع عدد من القادة العرب عن حضورها، ومن ضمنهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأعطي المقعد الفلسطيني في القمة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينها خالد مشعل وقادة فصائل فلسطينية أخرى مقاومة.

وكانت كلمة أمير قطر في القمة مؤثرة حين أبدى أسفه لتغيب قادة عرب عن قمة تعنى بالقضية الفلسطينية، فقال "لو أن جميع إخواننا معنا اليوم، حبذا لو تدارسوا معنا على نفس الطاولة حتى لو كان لديهم رأي آخر" لمناقشة رفع العدوان على غزة بشكل جماعي.

وأعلنت قمة غزة عن تأسيس صندوق إعادة إعمار غزة، كما أعلنت الدوحة إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة الذي لا يزال مغلقا منذ مطلع عام 2009.

وأولت الدوحة اهتماما خاصا بدعم مدينة القدس سياسيا وماليا من خلال المشاريع التنموية  والعمل الإغاثي والإنساني، إلى جانب المؤتمرات الموسعة حول القدس، فقد شهدت الدوحة في فبراير/شباط 2012 انطلاق المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس بحضور عربي ودولي واسع، لبحث الإجراءات المتلاحقة التي يتخذها الاحتلال الإسرائيلي لتهويد المدينة وتغيير واقعها.

وشارك في المؤتمر الذي انعقد على مدار يومين أكثر من 350 شخصية عربية ودولية، يمثلون نحو سبعين دولة، بالإضافة إلى خبراء وباحثين ومؤرخين وقانونيين عرب وأجانب ينتمون لجميع الأديان السماوية.
إعلان الدوحة الذي وقعته حركتا حماس وفتح في قطر عام 2012 (الجزيرة)
وفي الإطار السياسي حرصت الدوحة باستمرار على إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي أعقب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، وما تبعه من سيطرة كاملة على قطاع غزة. وتوجت قطر هذه الجهود بتوقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل على إعلان الدوحة في فبراير/شباط 2012، والذي تضمنت بنوده تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية. وحل كافة الإشكاليات القائمة بين الطرفين.

وتبع هذا الإعلان الذي لم يطبق على أرض الواقع، سلسلة من اللقاءات دعا لها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجمع فيها قيادة حركتي فتح وحماس لتطبيق بنود الاتفاق وإنهاء الانقسام، حرصا على تقوية الموقف الفلسطيني في مواجهة السياسة الإسرائيلية التوسعية.

وعملا بسياسة تنقية الأجواء العربية بما يقوي الموقف الفلسطيني ويعزز حضور فصائل المقاومة، قام أمير قطر الشيخ تميم بوساطة لإنهاء القطيعة بين حركة حماس والمملكة الأردنية الهاشمية في يناير/كانون الثاني 2012.
وكانت قطر قد استضافت عددا من قيادات حركة حماس على أرضها بعد إبعاد الأردن لهم عام 19999، ووفرت لهم حرية الحركة والعمل السياسي. كما استضافت عددا كبيرا من الأسرى المحررين الذين أبعدوا عن فلسطين في إطار صفقة وفاء الأحرار أو ما عرفت بصفقة شاليط.

وكانت للدوحة على الدوام مواقف واضحة وقوية تجاه القضية الفلسطينية والقدس وغزة في المحافل الدولية، لا سيما الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤسسات الأممية مثل اليونسكوومجلس حقوق الإنسان، حيث كانت تتحدث بلسان الشعب الفلسطيني وتعري السياسة الإسرائيلية في المناطق المحتلة.

هذه السياسة التي التزمت بها قطر تجاه القضية الفلسطينية، وتحديدا تجاه القدس وغزة، ساهمت بفاعلية في صمود الإنسان الفلسطيني في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والإقليمية على تيار المقاومة في غزة،
وهو ما بات مستهدفا بشكل مكشوف في الأيام الماضية، ويفسر الحملة الشرسة على دولة قطر لتغيير سياستها الخارجية.

No comments: