جرت العادة، ان يطوف الزعماء الفلسطينيون بالعواصم العربية لحشد الدعم للمقاومة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ولكن السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، يكسر هذه القاعدة باصرار، ويفعل عكس ذلك تماما.
فالجولة الحالية التي يقوم بها السيد عباس الي كل من مصر وقطر تهدف الي اقناع حكومتي البلدين باستخدام نفوذهما للضغط علي حركة المقاومة الاسلامية حماس لتليين موقفها في مسألتي تبادل الاسري وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
بالنسبة الي مسألة تبادل الاسري، يريد السيد عباس ان تفرج حركة حماس عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط دون قيد او شرط، علي ان تترك الباقي لكرم الحكومة الاسرائيلية، اي ان تترك لها قرار الافراج عن اي عدد تريده من الاسري الفلسطينيين في معتقلاتها، اما بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية فان المقصود من تليين موقف حماس هو اعترافها بالدولة العبرية، وكل الاتفاقات التي وُقعت معها، خاصة اتفاق اوسلو، ونبذ العنف، اي التخلي عن المقاومة.
ولا نعتقد ان كلا من قطر ومصر تملكان اوراق ضغط قوية تؤهلهما لتحقيق التنازلات التي يتطلع اليها السيد عباس من حركة حماس وقيادتها في الخارج.
فالحكومة المصرية بذلت جهودا كبيرة من اجل اقناع قيادة الحركة في الخارج للافراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير دون شروط، واوفدت العديد من وفودها الامنية الي القطاع لانجاز هذه المهمة، ولكن جهودها باءت بالفشل لانها حملت التهديدات والشروط الاسرائيلية، وتعاملت مع الفلسطينيين وفصائلهم كمجموعة من الاطفال القصر.
ولعل المثل الابرز في هذا الاطار هو ما نشرته الصحف العبرية حول ارسال السيد عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية رسالة الي قيادة حماس في دمشق تحذرها من اجتياح اسرائيلي شامل لقطاع غزة بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، اذا لم يتم الافراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير قبل هذه المهلة.
السيد عباس يعيش مأزقا كبيرا، لانه لا يستطيع مخالفة شروط امريكا في التصدي لحركة حماس ، ولا يستطيع تلبيتها في الوقت نفسه، لان المواجهة ستكون مكلفة دمويا وسياسيا.
خيارات السيد عباس صعبة، علاوة علي كونها محدودة، للخروج من الازمة الحالية. فتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة السيد اسماعيل هنية، ودون ان تعترف حماس صراحة باسرائيل وتنبذ العنف، سيؤدي الي عدم اعتراف امريكا واوروبا بهذه الحكومة، ورفض التعامل معها. واستخدام صلاحياته في حل هذه الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ، او حكومة تكنوقراط سيخلق ازمة سياسية طاحنة، وربما يقود الي حرب اهلية.
وحتي خيار الدعوة الي انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ليس بالخيار السهل، لان احتمال مقاطعة حماس والفصائل الاخري لها وارد ايضا.
لا بديل امام السيد عباس غير اعداد خطاب استقالته ودعوة المجلس التشريعي للانعقاد واعلان حل السلطة، والذهاب الي الدوحة لقضاء وقت ممتع مع احفاده.
No comments:
Post a Comment