Tuesday, December 18, 2007

الحكام العرب واتفاقية الكيان مع سوق  "ميركوسور"لماذا فشلت زيارة لولا دي سيلفا؟

عادل سمارة

"قبل أكثر من عام على توقيع الكيان الصهيوني أو دولة اليهود كما يريدونها، اتفاقية متاجرة مع ميركوسور، قام لولا دي سيلفا الرئيس البرازيلي "المنتخب" ، على العكس من وَضْعُ الحكام العرب، بزيارة لعدد من الدول العربية. قد تكون تلك الزيارة محفوزة بالأمل أو برفع العتب. الأمل بمعنى أن لولا يشعر بأن الوطن العربي اقرب إلى بلاده من الكيان الصهيوني، كيف لا، والبرازيل من أكثر البلدان التي تظاهر شعبها حينما بدأ العدوان على العراق، وأن بوسعه الإستجارة بالعرب في مواجهته "الناعمة" لهيمنة الراسمالية الأميركية. ولا شك أنه اعتقد أن المتاجرة مع العرب مربحة أكثر من المتاجرة مع الكيان الصهيوني.

ليس شرطاً أن تقف البرازيل، في حالة نجاح علاقتها بالعرب، أو توسيع هذه العلاقة، ليس شرطاً أن تقف ضد الكيان الصهيوني، ولكن مجرد تعميق العلاقة بالعرب يعني تقليص النفوذ الصهيوني في أميركا اللاتينية الجديدة.

لقد دخل الكيان ولا زال في أميركا اللاتينية كمدرب لفرق قتل الثوار وبائع للأسلحة السوداء التي "أحياناً" تتورع الولايات المتحدة والإمبرياليات الأخرى عن المتاجرة بها. فقد زود مختلف دول الزمر العسكرية والديكتاتوريات والثورات المضادة في أميركا اللاتينية، وغيرها بالطبع، بالأسلحة ضد الشعوب ولا يزال، فربح من ذلك الكثير.
واليوم حيث تتقدم دول كثيرة في أميركا اللاتينية باتجاه طريق جديد في الإشتراكية، اشتراكية الألفية الثالثة، يدخل الكيان إلى هناك، باكراً، أو على الأقل قبل العرب ليحقق متاجرة مع بلدان ميركسور تصل إلى 2 مليار دولار سنوياً.

يوم 16 كانون الأول الجاري تم توقيع اتفاق ميركسور في اورغواي مع الكيان الصهيوني والذي يبدا بإعفاء المنتجات الزراعية والصناعية بنسبة 20 بالمئة من الجمارك. وميركسور سوق جديدة صاعدة وواعدة، تضم سكاناً يقاربون سكان الوطن العربي.

لم تتفاعل الحكومات العربية مع زيارة لولا، اي قررت عدم كسب اميركا اللاتينية، وكيف تكسب غيرها وهي تفقد أمتها، كما كانت قبلاً حيث قررت خسارة إفريقيا. لكي يظل في ذاكرة شعوب هاتين القارتين ان العرب مجرد أمة تجارة العبيد سابقاً، وإهلاك بلدان المحيط حالياً بفواتير النفط التي يذهب معظم ريعها لصالح الشركات النفطية وبلدانها.

هذا مع العلم ان الجاليات العربية في اميركا اللاتينية بعشرات الملايين، اما في افريقيا فهي اقرب لأن تكون قارة عربية.

الأنظمة العربية مشغولة في تثبيت الكيان الصهيوني وتوريط الطبقات الشعبية العربية في التطبيع مع هذا الكيان، لذا ذهبت بالجملة إلى أنابوليس كي تقول لهم تسيفي ليفني وزيرة خارجية الكيان : "لا تتدخلوا بيننا وبين الفلسطينيين"، فهي تثرِّعهم حتى وهم رُكَّعاً. وهذا ينسجم مع أسس البنيات القطرية على حساب المشروع القومي.

والحقيقة أن القطريات العربية لم تكن أبداً ممثلة للشعب العربي وليست منتخبة، وإن حصلت انتخابات فهي بالتزوير ومحكومة بإرادات ملكية أو رئاسية غير دستورية.

بمعنى آخر، فإن الأنظمة القطرية العربية هي مثابة احتلالات للوطن العربي، وعليه، فإن زيارة لولا لم تكن في محلها، أو أخطات التقدير لأنها تجاهلت أن هذه الأنظمة إنما وجدت لقهر الأمة العربية وليس لخدمتها وحمايتها.

قد يزعم البعض أن هذه الدولة أو تلك وقعت بعض الإتفاقيات مع البرازيل. لكن زيارة زعيم دولة كبرى كالبرازيل وعضو في سوق قارية مثل ميركسور، تتطلب موقفاً مختلفاً. تتطلب موقفاً عربيا عاماً ، اتفاقية عربية جماعية من جهة واشتراط عدم إقامة علاقات تجارية مع الكيان الصهيوني من جهة ثانية. وهذا هو الأمر العظيم الغائب في الحالة العربية

يذكرنا هذا الموقف بالعلاقات العربية السوفييتية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث كان بوسع العرب إقامة علاقات تجارية مع الدول الشرقية واستخدام ذلك في الضغط على بلدان المركز الإمبريالي أو مواجهة هذه البلدان لتحسين شروطها في اية مفاوضات أو علاقات، ولكن.

ولكن، لا يستقيم هذا التحليل ابداً في حالة البلدان العربية، لأنها كقطريات هي من صناعة سايكس-بيكو، المعاهدة التي أرست الكيان الصهيوني وخلقت التفتت العربي وأقامت كيانات لحماية نتيجتي سايكس-بيكوالمذكورتين.

بعبارة أخرى، فالأمة العربية مجرد مستعمرات، شاء النشيد القطري هنا أو هناك أم ابى. أما وهي على هذا الحال، فمن المحال أن تقرر الطبقات الحاكمة مواجهة الكيان الصهيوني بل خدمته، ولنا في أنابوليس "اسوة رديئة وجديدة". إن هدف هذه الأنظمة إبقاء التجزئة والتخلف كي تحفظ لنفسها مصالحها المتخارجة مع الأعداء.

تُرى، هل هذه خيانة؟ أم أن مجرد ترداد هذه الكلمة يؤذي مسامع ويخدش خفر مثقفي التجزئة، والمتعاطين مع الفكر بعيداً عن الواقع، في عروش "ولا" عروش التجزئة.

وهكذا، فالكيان الصهيوني في أميركا اللاتينية، في إفريقيا، أما القطريات العربية ...ففي خدمته
!"

No comments: