'الفيتو' الاسرائيلي و'جامعة موسى'
عبد الباري عطوان
بالأمس الغت الحكومة الاردنية مؤتمراً متوسطياً حول المياه احتجاجاً على رفض اسرائيل مشاركة وفد" يمثل الجامعة العربية فيه، لانها ليست دولة متوسطية. هكذا وبكل بساطة.
في الزمن العربي 'الغابر' كان العرب هم الذين يرفضون اي مشاركة اسرائيلية في مؤتمرات يدعون اليها، وينسحبون من قاعة الجمعية العامة للامم المتحدة بشكل جماعي، اذا اعتلى المندوب الاسرائيلي منبرها، وتفعل الشيء نفسه وفود دول اسلامية وعالمثالثية تضامناً ومساندة. الآن باتت اسرائيل هي التي تعترض وتحتج، وتجد دعماً ومساندة من الكثيرين، بينهم عرب للأسف الشديد، بحيث باتت رغباتها ملباة بالكامل.
السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أرعد وازبد، وهاجم ذلك 'الفيتو' الاسرائيلي ضد مشاركة جامعته في 'الاتحاد من اجل المتوسط'، وقال 'لا افهم مطلقاً ان تناقش مبادرة الجامعة العربية، والجامعة غير موجودة، نحن لن نقبل مثل هذا النوع من الهزل'.
ما لا يريد السيد موسى الاعتراف به هو ان هذه العجرفة الاسرائيلية ما كان لها ان تكون بالصورة التي شاهدناها لولا مواقف جامعته 'المائعة' و'المتهاونة'، وتهافتها على المشاركة في اي مؤتمر او اجتماع تشارك فيه الدولة العبرية.
...
....
هذا الفجور الاسرائيلي، والاذعان العربي في مقابله، يتمان في وقت تنهار فيه اقتصاديات العالم الغربي الداعم الاساسي لاسرائيل، وتشهد الخارطة السياسية العالمية ظهور قوى عظمى جديدة مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وايران (العرب ليس لهم اي ذكر ولن يكون في المستقبل القريب)، وتتعرض فيه امريكا لهزيمتين قاسيتين في افغانستان والعراق.
المنطق يقول على العرب ان يستأسدوا وان يتعاملوا بطريقة مختلفة مع اسرائيل وحلفائها الاوروبيين والامريكان، خاصة انهم يملكون ثروات مالية واقتصادية هائلة بسبب عوائد النفط (تريليون دولار سنويا)، ولكن ما يحدث هو العكس تماما، فقد تعودوا على الهوان، وتلقي الصفعات دون ان يكون لهم الحق في الشكوى من الألم.
نطمئن السيد موسى بان اسرائيل لن تعير اي اهتمام لاحتجاجاته، وستواصل استخدام 'الفيتو' ضد جامعته، او من تشاء من الحكومات المشاركة فيها، لانها تعلم جيدا ان الحكومات العربية تتهافت للتطبيع معها دون اي شروط، وتتوسل اليها ان تقود تحالفا عربيا اسرائيليا هي قائدته في مواجهة ايران، العدو الجديد للعرب.
فقد غاب عن ذهنه ان اسرائيل باتت تقاطع القنوات الفضائية العربية لأنها تنتقد احتلالها وممارساتها الاجرامية، بحجة انها قنوات 'غير مهنية' و'غير موضوعية'، وترفض اعتماد بعض المراسلين العرب اذا خرجوا عن تعليماتها في التغطية، وقدموها كقوة بطش واحتلال. وما حدث مع 'الجزيرة' احد ابرز الأمثلة في هذا الخصوص.
ختاما نقول للسيد موسى إن مبادرة السلام العربية ستعدّل وفق الشروط الاسرائيلية، وسنرى تطبيعا عربيا مجانيا بين الدول التي لم تطبع في العلن بعد، ونؤكد له انه حتى لو وجّه دعوة اليها للانضمام الى الجامعة العربية فانها لن تتردد في رفضها تكبرا واشمئزازا، فكيف تقبلها وهي الآمر الناهي في الاتحاد المتوسطي، وتتدفق عليها الدعوات للمشاركة في تجمع اقليمي آخر يضمها مع العرب والاتراك والايرانيين ومن قبل مسؤولين عرب؟
"
عبد الباري عطوان
بالأمس الغت الحكومة الاردنية مؤتمراً متوسطياً حول المياه احتجاجاً على رفض اسرائيل مشاركة وفد" يمثل الجامعة العربية فيه، لانها ليست دولة متوسطية. هكذا وبكل بساطة.
في الزمن العربي 'الغابر' كان العرب هم الذين يرفضون اي مشاركة اسرائيلية في مؤتمرات يدعون اليها، وينسحبون من قاعة الجمعية العامة للامم المتحدة بشكل جماعي، اذا اعتلى المندوب الاسرائيلي منبرها، وتفعل الشيء نفسه وفود دول اسلامية وعالمثالثية تضامناً ومساندة. الآن باتت اسرائيل هي التي تعترض وتحتج، وتجد دعماً ومساندة من الكثيرين، بينهم عرب للأسف الشديد، بحيث باتت رغباتها ملباة بالكامل.
السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أرعد وازبد، وهاجم ذلك 'الفيتو' الاسرائيلي ضد مشاركة جامعته في 'الاتحاد من اجل المتوسط'، وقال 'لا افهم مطلقاً ان تناقش مبادرة الجامعة العربية، والجامعة غير موجودة، نحن لن نقبل مثل هذا النوع من الهزل'.
ما لا يريد السيد موسى الاعتراف به هو ان هذه العجرفة الاسرائيلية ما كان لها ان تكون بالصورة التي شاهدناها لولا مواقف جامعته 'المائعة' و'المتهاونة'، وتهافتها على المشاركة في اي مؤتمر او اجتماع تشارك فيه الدولة العبرية.
...
....
هذا الفجور الاسرائيلي، والاذعان العربي في مقابله، يتمان في وقت تنهار فيه اقتصاديات العالم الغربي الداعم الاساسي لاسرائيل، وتشهد الخارطة السياسية العالمية ظهور قوى عظمى جديدة مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وايران (العرب ليس لهم اي ذكر ولن يكون في المستقبل القريب)، وتتعرض فيه امريكا لهزيمتين قاسيتين في افغانستان والعراق.
المنطق يقول على العرب ان يستأسدوا وان يتعاملوا بطريقة مختلفة مع اسرائيل وحلفائها الاوروبيين والامريكان، خاصة انهم يملكون ثروات مالية واقتصادية هائلة بسبب عوائد النفط (تريليون دولار سنويا)، ولكن ما يحدث هو العكس تماما، فقد تعودوا على الهوان، وتلقي الصفعات دون ان يكون لهم الحق في الشكوى من الألم.
نطمئن السيد موسى بان اسرائيل لن تعير اي اهتمام لاحتجاجاته، وستواصل استخدام 'الفيتو' ضد جامعته، او من تشاء من الحكومات المشاركة فيها، لانها تعلم جيدا ان الحكومات العربية تتهافت للتطبيع معها دون اي شروط، وتتوسل اليها ان تقود تحالفا عربيا اسرائيليا هي قائدته في مواجهة ايران، العدو الجديد للعرب.
فقد غاب عن ذهنه ان اسرائيل باتت تقاطع القنوات الفضائية العربية لأنها تنتقد احتلالها وممارساتها الاجرامية، بحجة انها قنوات 'غير مهنية' و'غير موضوعية'، وترفض اعتماد بعض المراسلين العرب اذا خرجوا عن تعليماتها في التغطية، وقدموها كقوة بطش واحتلال. وما حدث مع 'الجزيرة' احد ابرز الأمثلة في هذا الخصوص.
ختاما نقول للسيد موسى إن مبادرة السلام العربية ستعدّل وفق الشروط الاسرائيلية، وسنرى تطبيعا عربيا مجانيا بين الدول التي لم تطبع في العلن بعد، ونؤكد له انه حتى لو وجّه دعوة اليها للانضمام الى الجامعة العربية فانها لن تتردد في رفضها تكبرا واشمئزازا، فكيف تقبلها وهي الآمر الناهي في الاتحاد المتوسطي، وتتدفق عليها الدعوات للمشاركة في تجمع اقليمي آخر يضمها مع العرب والاتراك والايرانيين ومن قبل مسؤولين عرب؟
"
No comments:
Post a Comment