العراق: كيف لا يقاتل من يُحتل بلده وتُغتصب اخته؟
هيفاء زنكنة
"في رواية الطاعون المنشورة عام 1947، قدم الكاتب الفرنسي البير كامو، الذي ناضل في صفوف المقاومة ضد الاحتلال النازي وحكومة فيشي الفرنسية العميلة، تعريفا جديدا للبطولة فهي: عندما يقوم الناس العاديون بأمور غير عادية نتيجة احساسهم بالمسؤولية الاخلاقية.
بهذا التعريف اصبحت البطولة ملكا لا للنخبة بل لكل الناس. ومن هذا المنطلق بامكاننا ان نفهم موقف الشاب العراقي ابراهيم القرغولي، الذي حكمت عليه (محكمة عراقية يوم الثلاثاء بالموت شنقا بسبب قيامه بقتل ثلاثة جنود أمريكيين عام 2006 بطريقة وصفت بالوحشية)، وحسب بيان وزعه جيش الاحتلال الامريكي يوم الثلاثاء الماضي، واستنسخته وكالات الانباء العربية والعالمية.
وكان مصدر كل ما نشر عن اصدار حكم الاعدام بحق ابراهيم هو جيش الاحتلال الامريكي. لذلك وصفت العملية التي ساهم بتنفيذها بالوحشية تارة وبالارهاب تارة أخرى. بينما كان ما قام به ابراهيم هو مساهمته في عملية عسكرية ضد جنود العدو التابعين للفرقة 101 المنقولة جوا، الذين كانوا يقومون بدورية استطلاع في مدينة اليوسفية
.....
.....
ان ابراهيم القرغولي مواطن عراقي عادي جوبه بجريمتين الاولى هي احتلال وطنه والثانية هي اغتصاب اخت له. فكيف لا يقاوم وكيف لا يثور؟ وهذا السؤال هو الذي يجب ان يطرحه القضاة في محكمة الجنايات على انفسهم، اذا كانوا يتمتعون النزاهة واحترام الذات والقوانين. ولايزال امامهم فترة 30 يوما لتصحيح موقفهم. ولا تزال امامنا افراد ومنظمات في العراق والبلدان العربية والاسلامية وعلى المستوى العالمي الفرصة لرفع اصواتنا عاليا للمطالبة باطلاق سراح ابراهيم.
ان اصرار المقاوم البير كامو، في روايته الرمزية عن مدينة اصابها وباء الطاعون، على وضع المسؤولية الأخلاقية للفرد في قلب كل الخيارات العامة، يكتسب اهمية خاصة في وضعنا الحالي، حيث يعيش العراق في ظل الاحتلال تحت غمامة ضياع الحق والصمت والاستسلام . وهذه النقطة هي التي تحدث عنها كامو مرارا وتكرارا في الرواية، خشية أن تفوت على القارىء، حيث يقول: (عندما ترى المعاناة التي تنجم عن وباء الطاعون ، يجب ان تكون مجنونا أو أعمى أو جبانا حتى تقبل به). "
No comments:
Post a Comment