مصادرة لعب اطفال غزة
رأي القدس
"استقبل المحاصرون في قطاع غزة بفرحة غامرة 'سفينة الأمل' التي وصلت الى مينائهم البدائي البسيط، وعلى ظهرها مجموعة من المتضامنين من مختلف الجنسيات الاجنبية، واعتبروا هذه الخطوة دليلاً جديداً على الرفض الدولي لسياسات الاغلاق والحصار الخانق التي تفرضها اسرائيل على مليون ونصف المليون فلسطيني من ابناء القطاع.
المتضامنون ركبوا البحر انطلاقاً من قبرص في قارب صغير، وسط ظروف مناخية صعبة للغاية، وحمولة من الأدوية والمعدات الطبية، اكبر من الوزن المقرر، مما يعكس تصميمهم وشجاعتهم على ايصال رسالتهم الى المجتمع الدولي بأسره، وكسر الحصار، والمساهمة في تخفيف معاناة الرازحين تحته، النفسية منها والصحية.
ومن المفارقة انه يوم وصول هذه السفينة وركابها الشجعان اقدمت الحكومة المصرية على اغلاق ثلاثة انفاق، ومصادرة لعب اطفال كانت في طريقها الى القطاع، واعتقلت مجموعة من الشبان الذين كانوا يحاولون تهريبها.
لعب الأطفال هذه التي صادرتها قوات الأمن المصرية كانت ذاهبة الى اطفال القطاع حتى يحتفلوا بعيد الاضحى المبارك، مثلهم مثل جميع اطفال العالم الاسلامي، الامر الذي يعني ان من صادر هذه اللعب لا يريد لهؤلاء الاطفال ان يحتفلوا في هذا اليوم المبارك، ويصر على حرمانهم وذويهم من ابسط الاشياء التي قد ترسم ابتسامة على شفاههم في هذا اليوم المتميز في اجندتهم السنوية.
السلطات الاسرائيلية لم تعترض هذه السفينة، وسمحت لها بالمرور أسوة بسابقتها، وتراجعت عن تهديداتها بمنعها، لأنها تدرك ان اضرار المنع اكبر بكثير من اضرار عدمه، وهو موقف مغاير كلياً لموقف السلطات المصرية التي يهدد المسؤولون فيها ليل نهار بكسر رجل كل من يحاول ان يعبر الحدود المصرية المغلقة من ابناء قطاع غزة.
ندرك جيداً ان هذه السفن التي تخترق الحصار تمثل قيمة رمزية، ولا يمكن ان تؤدي الى ازالة الحصار، او توفير ممر بحري للمحاصرين، ولكنها تظل وسيلة احتجاج، واداة فاعلة لابقاء الاهتمام الدولي وتعبئته ضد الحكومة الاسرائيلية ونظيرتها المصرية اللتين تشددان على اغلاق معبر رفح، المنفذ الوحيد لأبناء القطاع الى العالم الخارجي.
فابقاء هذا المعبر مغلقاً، رغم اتفاق التهدئة الذي رعته الحكومة المصرية وتوقف اطلاق الصواريخ على البلدات والمستوطنات الاسرائيلية شمال قطاع غزة والنقب، هو انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية، والمتعلقة منها بحقوق الانسان خاصة.
فالحكومة المصرية عندما تغلق هذا المعبر امام الجرحى والطلاب ورجال الاعمال، وتصادر لعب الأطفال وتمنع وصولها الى المحرومين والمحصارين، مثلما صادرت قبل ذلك احذية وملابس، انما ترتكب اثماً اكبر من اثم نظيرتها الاسرائيلية، لأنها حكومة تمثل بلداً عربياً مسلماً، من المفروض ان يكون في خندق المحاصرين في مواجهة جلاديهم وليس العكس مثلما هو حادث حالياً.
النشطاء الأجانب الذين وصلوا الى قطاع غزة بالامس يستحقون كل أوسمة الشجاعة والتكريم، لأنهم انحازوا الى ضميرهم الانساني، وقرروا ان يقفوا في خندق المحاصرين المجوعين، ليقولوا لهم انهم لم ينسوهم مطلقاً، وان قضية حصارهم، مثل قضيتهم المركزية، لا يمكن ان تطوى او يستمر التعتيم عليها، لأن هذا الحصار جريمة ووصمة عار في جبين الانسانية، والعالم الغربي، حليف اسرائيل، الذي يصمت عليه، وهو الذي يتفاخر بدفاعه عن الحريات والعدالة وحقوق الانسان."
No comments:
Post a Comment