Thursday, May 7, 2009

عرب 'الاعتدال' و'التعديل'


عرب 'الاعتدال' و'التعديل'

عبد الباري عطوان

"ان تطالب الادارة الامريكية الجديدة 'عرب الاعتدال' بتعديل مبادرتهم للسلام، بحيث تستجيب لكل التحفظات الاسرائيلية والامريكية، وقبل ان تفكك اسرائيل مستوطنة أو حاجزاً امنياً واحداً، أو حتى تقبل بحل الدولتين الاسطوري، فهذا امر متوقع، كما ان التجاوب معه عربياًَ امر شبه مؤكد ايضاً، بحكم التجارب السابقة.
فالمبادرة العربية التي تعفنت من شدة الاهمال، والاحتقارين الامريكي والاسرائيلي لها، جاءت انعكاساً لمطالب هؤلاء، وتجسيداً لضعف عربي رسمي، فليس غريباً ان يطالب اصحابها الاصليون بإدخال تعديلات عليها تتلاءم مع التطورات الاسرائيلية الاخيرة، بما في ذلك الحكومة اليمينية الجديدة تحت مسميات 'التوضيح' و'التعزيز'.
المعادلة واضحة لا تحتاج الى تفسير أو شرح .. اسرائيل تتشدد وعلى العرب ان يتنازلوا ويعتدلوا ويعدلوا في المقابل، والعكس غير صحيح، بل من سابع المستحيلات، فالتشدد لم يعد وارداً في قاموس الانظمة العربية الحديث.
نشرح أكثر ونقول إنه كلما اوغل النظام العربي في الاعتدال كلما ازدادت اسرائيل تغولاً وتطرفاً، وإملاء شروط تعجيزية، تجد من الادارة الامريكية التأييد المطلق، سواء بشكل علني او مبطن، وآخرها الاعتراف بـ 'يهودية' الدولة العبرية، اي ان تكون حكراً على اليهود فقط، اما غيرهم فليس لهم غير الإبعاد.
.....
هناك عدة امور نجد لزاماً علينا التذكير بها في ظل هذه التطورات المتسارعة، وقبل ان يوقعنا بعض زعمائنا في كارثة جديدة:
اولا: لا يحق لاي حكومة، او نظام عربي، او قيادة فلسطينية التنازل عن حق العودة، او الموافقة على توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المقيمين فيها، او تفسير هذا الحق بما يخالف الثوابت الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية، مثل القول بانه 'غير عملي' او ان هذه العودة لاراضي السلطة فقط. حق العودة لا يقل قداسة عن استعادة القدس.
ثانيا: مبدأ التبادل للاراضي الذي قبلت به القيادة الفلسطينية في مفاوضات انابوليس وبعدها، على درجة كبيرة من الخطورة، لانه مجحف في حق الفلسطينيين اولاً، ويصب في خدمة افيغدور ليبرمان والاحزاب العنصرية التي تطالب بطرد العرب من الاراضي المحتلة عام 1948. فمبادلة اراضي القدس بأخرى في النقب مهينة، مثل مبادلة حاضرة الفاتيكان بأرض في صحراء اريزونا الامريكية.
ثالثا: حكومة الرئيس اوباما اضعف من ان تضغط على اسرائيل، والقضية الفلسطينية تحتل ذيل سلم اولوياتها بعد الانهيار الاقتصادي والحربين الفاشلتين في العراق وافغانستان.
رابعا: اسرائيل لا تخشى العرب، ولا تتطلع للتطبيع مع انظمتهم،
......
الزعماء العرب حلفاء امريكا جربوا الخيار السلمي، وسايروا امريكا واسرائيل في كل املاءاتهما تقريباً، فلم يحصدوا غير المزيد من الاهانات والاذلال والتهميش، اما آن الأوان لكي يتخلوا عن سياسات الاستجداء هذه، والبحث عن اخرى ربما تكون اكثر نجاعة؟ .....
لا نريد، بل لا نجرؤ، على مطالبة الزعماء العرب بتبني الحرب بديلاً، لاننا نعرف ان تهماً كثيرة جاهزة في انتظارنا مثل التطرف، وعدم الواقعية، والعيش في لندن، وعدم فهم موازين القوى بشكل متقن، ولذلك نحصر مطالبتنا فقط بالتخلي عن خيار السلام دون تبني اي خيار آخر. فقط التحلي بالصمت المطبق والوقوف في موقف المتفرج
....
نطالب الانظمة العربية بسحب مبادرتها فوراً احتراماً لنفسها، بعد ان استنفدت اغراضها بالكامل، وان تكف شرّها عن حركات المقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان، وتوقف تنازلاتها لاسرائيل، والمشاركة في الحصارات المفروضة على اهلنا في قطاع غزة.
.....
التغيير قادم الى المنطقة لا محالة، وسيلعب هذا التغول الاسرائيلي، والاحتقار الامريكي، والهوان الرسمي العربي ادواراً رئيسية في التسريع بحدوثه
....."

No comments: