Saturday, May 9, 2009

كلُّ مُعوِّلٍ على إسرائيل لا يُعوَّل عليه


عزمي بشارة

".....
أما إذا جاءت مبادرة أميركية أن يغير العرب مبادرتهم، فيعدلوها بشكل "يعززها" و"يسوقها" لكي يصبح فرضها على إسرائيل ممكنا، فسوف تتدفق الأفكار الخلاقة عن تأجيل حق العودة. (أما كيف تُعَزَّز مبادرة بتعديلها لإرضاء الخصم فمتروك لبلاغة كتاب الأعمدة الناطقين باسم.. الذين سيبدؤون قريبا بالترويج). أما قضية القدس فسوف تكون ساحة الإبداع والتبديع والبديع في إيجاد المخارج والمداخل مثل رفع العلم الفلسطيني فيها مثلا دون أن تنسحب إسرائيل منها.. كما يطاول الإبداع التفريق بين حدود 67 وبين المساحة التي احتلت بحيث تسترجع المساحة دون الحدود.. هذا نقاش يطول. وسوف يطول حتى تبدأ إدارة أوباما بالتحضير للانتخابات الجديدة.

كل هذا لا يهم إسرائيل كثيرا. ما يهمها هو استمرار الحصار لإضعاف المقاومة ودفعها للبحث عن اعتراف دولي بها بدلا عن قضيتها، في ظل تعهد بوقف إطلاق الصورايخ. وما يهمها هو استمرار بناء أجهزة أمنية جديدة لم يحارب أفرادها إسرائيل في مرحلة ما من حياتهم، ولا تعرف منظمة التحرير ولا فتح، بل تعرف الولاء لحكومة السلطة في رام الله فقط. وهذا أمر جار تنفيذه بروية ومثابرة بغض النظر عن التقدم في المفاوضات.

ويهمها استمرار البناء في القدس وحولها. وأخيرا وليس آخرا يهمها استمرار التعاون مع ما يسمى بمحور الاعتدال لخلق قواسم مشتركة ضد إيران.. بحيث، نصل (ويا للهول!!) إلى زمن تضغط فيه كل من إسرائيل والأنظمة العربية الحليفة سوية على الولايات المتحدة لكي لا تذهب الأخيرة بعيدا في إرضاء إيران في الحوار، وأن تبقي الخيار العسكري قائما.

لم يتوقع البعض ربما أن يستقبل العرب نتنياهو وحكومة اليمين في الحكم بتعديلات على مبادرة السلام العربية "تسلح الولايات المتحدة بوسائل للضغط عليه". فقد كان المتوقع التمسك العربي بشروط الحل الدائم، بل واتخاذ خطوات متشددة تقابل تحدي العالم العربي بعد حروب أولمرت بإيصال نتنياهو وليبرمان للحكم. فقد أُخِذَ بعضُنا بالتهويل العربي من قدومه ومن خطر اليمين على عملية السلام، وكأن الأخيرة كانت مزدهرة وفي طريقها إلى تطبيق حل دائم. ولكن هذا التهويل العربي لم يتجاوز التأكيد على عملية السلام فهي مهمة جدا للأنظمة.

وموقف حكومة نتنياهو المتشدد من إيران يعتبر عند بعض الأنظمة العربية بادرة مشجعة ولا تفوَّت للتعاون وحتى للضغط المشترك على أميركا، ولكنه لا يشكل قاعدة مشتركة كافية للعمل من أجل استعادة ثقة أميركا بدور هذه الأنظمة، من أجل ذلك لا بد من عودة محرك عملية السلام للعمل.

صرنا نسمع عن أفكار تشجع على ممارسة أشكال من التطبيع مع إسرائيل قد تجد إعجابا لدى رأيها العام وتؤكد جدية العرب في السلام. وسبق أن أكدنا في هذا الموقع رأينا، أن من يتمسك بمبادرة السلام بعقلية المهزوم حين يرفضها الخصم لا بد أن يعود فيعدلها لتجد لديه قبولا."

No comments: