Thursday, September 10, 2009

اعتذارات مصر وكرامة السويد


A Good Comment (in Arabic)

"في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2003 عندما كان الاحتلال يرتكب الجرائم في الضفة الغربية بعد احتلالها ضمن ما يسمى إسرائيلياً بعملية (السور الواقي)، هاجم عشرات المصلين الفلسطينيين وزير الخارجية المصري السابق، أحمد ماهر، أثناء صلاته في المسجد الأقصى في القدس المحتلة.

وقد تعرض سعادة الوزير للضرب بالأحذية علي أيدي مصلين غاضبين احتجوا علي زيارته للدولة العبرية ولقائه رئيس وزرائها أرييل شارون في القدس، الذي قام بزيارة استفزازية للأقصى المبارك، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول عام 2000، وسقط ماهر مغشياً عليه بعد الهجوم عليه ونعته بالشتائم واتهامه بالخيانة، قبل أن يتجمع حوله حراسه الشخصيون وقوات إسرائيلية أخرجته من المسجد، ونقلته إلي مستشفى (هداسا) الإسرائيلي في القدس الغربية.

وقد يسأل هذا أو ذاك: ما هو سبب التذكير بهذه الواقعة؟ وهو سؤال وجيه، أولاً، لأننّا نريد أن نؤكد للجميع أنّ الشعب العربي الفلسطيني هو الذي ابتكر سلاح الضرب بالأحذية، ولا نوردها من باب القول تحية للأحذية وحامليها، ولا من منطلق التشفي برأس الدبلوماسية المصرية آنذاك، ولكن نقول بفم مليء إنّه في الرابع عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أي بعد مرور خمس سنوات على (أحذية ماهر) قام صحفي عراقي بضرب الرئيس الأميركي السابق، مجرم الحرب، جورج بوش، بحذاءيه ونعته بالكلب أثناء توقيع الأخير على الاتفاقية الأمنية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مقر رئاسة الوزراء، وتبين لاحقاً أنّ منتظر الزيدي طلب توجيه سؤال إلى الرئيس الأميركي وعندما التفت إليه بوش رماه بحذائه وصرخ به يا كلب هذه قبلة الوداع من العراقيين
......
ثالثاً: السويد دولة ديمقراطية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، وبالتالي فإنّ الحكومة السويدية، حتى لو قررت الاعتذار لإسرائيل، لكانت وجدت نفسها أمام حملة محلية قد تؤدي إلى سقوطها، والموقف السويدي لا يختلف كثيراً عن سلاح الأحذية، فقد وجهّت الحكومة السويدية صفعة مجلجلة للدولة العبرية المارقة بامتياز والمعربدة بتفوق وقالت لها بالحرف الواحد: حتى هنا، نحن لسنا أعضاء في الجسم الهلامي المسمى زوراً وبهتاناً جامعة الدول العربية، هذا الجسم الذي لم يهتم بما فعل الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة في عدوانه الأخير، وحتى الأمين العام للجامعة العربية، السيد عمرو موسى، لم يُكلّف نفسه عناء السفر إلى غزة للاطلاع على ما قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل الأبرياء بالأسلحة الأميركية المحرمة دولياً، أقسم بأنه يشتم في نسائم الهواء القادمة من الحدود الفلسطينية رائحة الحرية والكرامة.

ولنتذكر جميعاً ما قاله الفنان العربي السوري، دريد لحام، الذي قام رغم أنف الجميع الشهر الماضي بزيارة إلى غزة وقال: هذا الشعب لم يستطع أن يذله الحكام العرب كما لم تخذله سلبية الشعوب من المحيط إلى الخليج، هو لا يجد طعاماً ولا شراباً ولا دواء ولكن أفقر رجل هناك في غزة أكثرنا عزة وكرامة حتى ولو لم يجد قوت يومه. غزة تجري في دمي.. وإن تأخرت زيارتي لها فهي بالنسبة لي آخر جذوة في نعش العروبة الذي ووري الثرى منذ زمن.
.....
وبما أنّ مصر ليست السويد، وبما أنّ وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، الذي هدد بتكسير أرجل وأيدي الفلسطينيين الذين يحاولون عبور معبر رفح، هو ليس وزير الخارجية السويد المنتخب ديمقراطياً من الشعب، بدأت الدبلوماسية المصرية بإجراء عملية تجميل اصطناعية لمواقف الوزير المصري حسني من أجل الوصول إلى كرسي اليونيسكو، فلم يترك سعادته صحيفة عربية أو غربية، إلا وأعلن فيها أنّه مغرم بالسلام مع إسرائيل، وأنّ مواقفه حُرّفت، وما إلى ذلك من النفاق والرياء العربي المشهور لكسب ود أقطاب الدولة العبرية، كما تراجع عن تصريحاته للدولة العبرية وقدم اعتذاراً رسمياً لها فيما بعد.

وفي الوقت الذي بات فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منبوذاً في العالم هو وحكومته، بسبب مواقفه المتطرفة مما يُسمى بعملية السلام، قام الرئيس المصري، حسني مبارك باستقباله في شرم الشيخ استقبال الأبطال، واستقبل وزير الأمن، إيهود باراك، واستقبل أيضاً جزار قانا، الثعلب الأبدي شمعون بيريز. ولم يكتف رئيس أكبر دولة عربية بذلك، بل صرح أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، هذا الأسبوع، بأنّ نتنياهو هو رجل سلام، وكال له المديح
......
فاروق حسني لم يحرق الكتب الإسرائيلية، بل أحرق أخر ذرة كرامة للأمّة العربية من محيطها إلى خليجها، وأهان الشعب المصري العظيم، الذي ضحى بالكثير من أجل قضية العرب الأولى، فلسطين، وبالتالي كنا نتمنى عليه أن يتنازل عن اليونيسكو لصالح المقدسات التي تنتهكها إسرائيل يومياً في فلسطين، كما كنّا نتمنى عليه أن يحذو حذو السويد ويرفض الانصياع للإملاءات الإسرائيلية.
وهذه مناشدة لكل ناطق بالضاد أن يعمل على فضح هذه الممارسات المتواطئة مع الدولة العبرية، التي تنظر إلى العرب نظرة ازدراء واحتقار، وتتعامل مع الدول العربية من منطلقات عنصرية واستعلائية.

نحن لسنا ضدّ ترميم مقدسات الديانات السماوية، لا بل بالعكس، نشجع كل دولة على احترام مقدسات الغير، ولكن المأساة تكمن في أن نُجيّر ترميم المقدسات من أجل الحصول على رضاء الدولة العبرية ولتحقيق مكاسب سياسية، في الوقت الذي تتعرض فيه مقدساتنا لأبشع أصناف التخريب من قبل دولة الاحتلال.

القول الفصل: عندما يسأل العرب: لماذا العالم لا يحترم الأمّة العربية؟ لا بدّ من الرد بصراحة متناهية: إذا كان العرب لا يحترمون أنفسهم، فبأيّ حقٍ يطالبون الآخرين باحترامهم؟
"

No comments: