Monday, December 14, 2009

كيف بدأ الكفاح المسلح وإلى ماذا انتهى؟!./

ماجد كيالي

"لم يكن الكفاح المسلح، الذي انطلق قبل 45 عاما، مجرد وسيلة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، ذلك إن الحركة الوطنية الفلسطينية اتخذت منه شكلا لها، بحيث أنه احتل وعيها السياسي، وهيمن على علاقاتها الداخلية والخارجية، وطغى على مجمل بناها وأشكال عملها.

على ذلك ليس غريبا هذا التماهي بين مسيرتي الكفاح المسلح والحركة الفلسطينية، التي لم تحاول البتّة اشتقاق أي شكل نضالي أخر، إذا استثنينا حالة الانتفاضة الأولى (1987ـ1993)؛ التي كانت حالة شعبية، نشأت من خارج التجربة الفصائلية. هكذا، يصح القول بأن تعثر، وبالأحرى تأزّم، مسيرة الكفاح المسلح إنما ينطبق أيضا على واقع الحركة الوطنية؛ التي بات متعذّرا عليها اليوم استخدام هذا الشكل لا في الضفة ولا في غزة، لا من قبل فتح ولا من قبل حماس!
.....
....
فوق ذلك فقد بات للسلاح في المخميات نوعا من وظيفة أمنية (داخلية) ووظيفة سياسية (إقليمية)، من دون أن يكون له أي دور في مواجهة إسرائيل. فوق ذلك فإن الحركة الفلسطينية إبان "عزها" في لبنان لم تحاول استثمار مكانتها لتغيير القوانين التمييزية بحق الفلسطينيين، في تعبير عن مبالغتها بالعمل العسكري، واستهتارها بالجوانب القانونية والسياسية والإنسانية للعمل الوطني. فلنتمعن في الثمن الذي دفعه فلسطينو لبنان.

المفارقة الآن أن ثمة دعوات (محقة ومشروعة وضرورية) لمراجعة نهج المفاوضة والتسوية، ولكن الأحرى بالفلسطينيين أن يراجعوا أيضا أشكالهم النضالية، وان يتفحصوا مليا تجربتهم (إن جاز التعبير) بالكفاح المسلح، أشكالها ومساراتها وجدواها؛ من خطف الطائرات والبواخر إلى امتشاق الطائرات الشراعية إلى العمليات التفجيرية والقصف الصاروخي.

ولعل الانتفاضة الأولى هي الشكل النضالي الأرقى والأنسب والأكثر جدوى الذي انتهجه الشعب الفلسطيني، ما يفرض المقارنة بين الوسائل النضالية التي اعتمدتها، والتجربة العسكرية. والمفارقة هنا، ايضا، ان الكيان الفلسطيني لم يقم كنتيجة للكفاح المسلح وإنما كثمرة للانتفاضة الأولى.

وربما يمكن ان نستنتج من كل ما تقدم بأن الفلسطينيين خسروا معركة الكفاح المسلح، ليس بسبب إسرائيل فقط، وإنما هم خسروه أكثر بسبب فوضاهم، وتخلف إدارتهم، وبناهم الهشة، أو بحسب تعبير إقبال أحمد: "لقد هزم الفلسطينيون أنفسهم أكثر مما هزمتهم إسرائيل". وهذا الكلام لايقلل من شرعية المقاومة الوطنية المسلحة، كما قد يدعي البعض، على العكس من ذلك، فهذا الكلام يستدعي ترشيد هذا الشكل، بمعنى تنظيمه وعقلنته، وربطه بإستراتيجية سياسية واضحة، وإدارته بشكل يخدم العملية الوطنية الفلسطينية، ولا يخرّبها
. "

No comments: