Thursday, January 14, 2010

إستراتيجية لا تملك حماس سواها


"...
وقد أصبحت هذه السلطة مع مرور السنين جزءًا لا يتجزأ من المشروع الصهيوني الأمر الذي أدى إلى تآكل مشروعية وصدقية حركة فتح ومنظمة التحرير فيما يتعلق بالمشروع الوطني الفلسطيني. بالمقابل، تستمد حركة حماس شرعيتها من مشروعها الإسلامي والوطني الذي يؤمن بحتمية التحرير ويصر على خيار المقاومة المسلحة وسيلة لاقتلاع الكيان الصهيوني من فلسطين، كل فلسطين.

وإزاء هذا الواقع لا يوجد أمام حركة حماس من خيار سوى الدفاع عن موقفها بكافة الوسائل، والامتناع عن تقديم أي مبادرات أو طرح حلول تنال من صدقيتها، والالتزام بعدم الرضوخ بأي حال من الأحوال للضغوط التي تستهدف حملها على استبدال الأمر الواقع بما هو أسوأ منه.
....
بل ينبغي أن تشترط حماس أن تتضمن المصالحة الإجراءات التالية الأقل:

- فتح معبر رفح أمام الناس والبضائع بحيث يصبح في حده الأدنى نقطة حدودية بين قطرين عربيين كما هو حال النقاط العبورية بين الأقطار العربية الأخرى. وأن تحكم حركة الناس والبضائع عبر المعبر من خلال الاتفاقيات العربية التي تنظم ذلك إضافة إلى ما تمليه المصلحة الفلسطينية المصرية المشتركة بمنأى تام عن أي شروط صهيونية أو مطالب أميركية.

- إعمار قطاع غزة، وفي سبيل تحقيق ذلك السماح بإدخال كافة المواد التي تتطلبها إعادة الإعمار من إسمنت وحديد وألمنيوم وأخشاب وآليات وغير ذلك من مستلزمات.

- وقف كافة أشكال التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والكيان الصهيوني، وإطلاق جميع المعتقلين من منتسبي حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى الذين اعتقلوا بموجب التنسيق الأمني المذكور. وهذا يتطلب ابتداءً طرد الجنرال دايتون وتفكيك الجهاز الذي يعمل معه في الضفة الغربية.

- ربط إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بمنجزات المصالحة على الأرض بما يضمن نزاهة الانتخابات وشفافيتها ويؤمن للناس حرية الاختيار.

قد يتصور البعض أن الأطراف الإقليمية والدولية غير مضطرة للقبول بشروط حماس، وأن الضيق الذي يعيشه الناس في الضفة والقطاع يشكل عامل ضغط على الحركة ويعمل بذلك لصالح المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. إلا أن الحقيقة غير ذلك على الإطلاق، فمأزق المجتمع الدولي الداعم للصهاينة يزداد صعوبة يومًا بعد يوم، بينما الشعب الفلسطيني بمجمله لا يلوم حماس على ما هو فيه من ضائقة بقدر ما يلوم الأطراف الدولية والإقليمية الممالئة لإسرائيل.

وحتى الجدار الفولاذي الذي شرعت مصر في إنشائه على امتداد الخط الفاصل بين رفح سيناء ورفح غزة ما هو إلا تعبير عن عمق المأزق الذي يجد النظام المصري نفسه فيه بعد أن فشلت كافة أساليب الابتزاز التي مارسها لإجبار حماس على التوقيع على وثيقة المصالحة.

رغم كل ذلك، فإن حماس هي الأقدر على الثبات في لعبة عض الأصابع هذه، وما من شك في أن البديل عن ثباتها وصبرها لن يكون الانفراج والتيسير وإنما التجاوز والتهميش إن لم يكن المزيد من الابتزاز والتضييق. والثبات على الموقف ومقاومة كافة الضغوط هو الإستراتيجية التي لا تملك حماس سواها
"

No comments: