Monday, February 8, 2010

المصافحة السعودية ـ الاسرائيلية

اثارت 'المصافحة التاريخية' التي تمت في مؤتمر امني انعقد في مدينة ميونيخ الالمانية بين الامير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات وسفير بلاده السابق في امريكا وداني ايالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلي حالة من الجدل غير المسبوق، خاصة بعد ان حاول الامير السعودي تبرير موقفه بالقول انها مصافحة لا تعني تطبيعا او اعترافا، وجاءت بهدف تصحيح 'مغالطات' اسرائيلية.
شرح الامير تركي الفيصل لظروف المصافحة اكد انه كان يخطط للقاء المسؤول الاسرائيلي، وان هذه المصافحة لم تكن صدفة، وانما خطوة مدروسة لكسر الجليد بين حكومة المملكة العربية السعودية واسرائيل.

القصة بدأت عندما قررت الادارة المنظمة للندوة اقامة ندوتين، واحدة يشارك فيها كل من وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو والامير الفيصل والسيد حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، على ان يشارك في الثانية ايالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلي، وجوزيف ليبرمان السناتور الامريكي المتعصب في دعمه لاسرائيل الى جانب مشارك روسي آخر.
ايالون اعتقد مخطئا ان ذلك الفصل جاء بطلب من الامير السعودي، لانه لا يريد ان يجلس معه على المنصة نفسها انطلاقا من سياسة بلاده المعارضة للتطبيع ومن ثم السلام، ليفاجأ ايالون بالامير الفيصل يصحح له معلوماته مؤكدا ان وزير الخارجية التركي هو الذي رفض ان يجلس مع المسؤول الاسرائيلي، وان المملكة العربية السعودية لا تعارض السلام، وانما تعارض سياسات الاستيطان الاسرائيلية، وعبر عن صدق اقواله بالتوجه الى المنصة ومصافحة نائب وزير الخارجية الاسرائيلي الذي تقدم نحوه.
وما يؤكد نوايا الامير السعودي في المصافحة وتبادل الحديث مع المسؤول الاسرائيلي تواجده في القاعة اثناء الندوة الثانية
، بينما فضل الوزير التركي عدم التواجد فيها احتجاجا على وجود نائب وزير الخارجية الاسرائيلي الذي تعمد اهانة السفير التركي في تل ابيب عندما استدعاه احتجاجا على تصريحات للسيد رجب طيب اردوغان حول المجازر الاسرائيلية في قطاع غزة
.
الامير تركي الفيصل قال ان ايالون اعتذر له عن اساءته للمملكة، عندما قال انها لم تقدم بنسا واحدا للسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، ولكن الاخير اصدر بيانا نفى تقديم مثل هذا الاعتذار على الاطلاق اثناء المصافحة.
لا نعرف لماذا يعرض الامير الفيصل نفسه وحكومته لمثل هذه الاحراجات، وقبل ذلك كيف يقدم على مصافحة مسؤول اسرائيلي لا يمثل دولة عدوة تحتل المسجد الاقصى وترتكب جرائم حرب ضد عرب ومسلمين فقط، وانما ايضا يمثل حكومة يمينية متطرفة تحتقر العرب والمسلمين، واقدمت قبل يومين على تهديد سورية بتغيير نظامها وتدمير مدنها، مثلما جاء على لسان افيغدور ليبرمان وزيرخارجيتها.
هناك تفسير اكثر ترجيحا من غيره، وهو ان الامير السعودي يمثل سياسة رسمية تتبناها بلاده بشكل تدريجي، تقضي بترطيب العلاقات مع اسرائيل، وفتح قنوات دبلوماسية معها. فالامير الفيصل بات متخصصا في لقاء المسؤولين الاسرائيليين في ندوات دولية، انعقدت في القاهرة ولندن وميونيخ ومدن وعواصم اوروبية اخرى.
وربما يجادل البعض بان الامير الفيصل لا يتولى اي مهمة رسمية، وهذا صحيح، ولكنه عضو بارز في الاسرة السعودية الحاكمة، ويعتبر من اقرب المستشارين الى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويتم تكليفه بين الحين والآخر بمهام خاصة.
ان مثل هذه اللقاءات المتواترة منذ بدء حوار الاديان وحضور شخصيات اسرائيلية بارزة فيها، مثل الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الى جانب حشد من الحاخامات، مثلما حدث في آخر حلقاته في نيويورك حيث صافح شيخ الازهر الرئيس الاسرائيلي في حينها، هذه اللقاءات ربما تضفي مصداقية الى بعض النظريات التي تتحدث عن نمو تحالف عربي ـ اسرائيلي استعدادا لمواجهة مع ايران، سواء بفرض حصار اقتصادي خانق عليها او شن حرب لتدمير بناها التحتية وبرامجها النووية الطموحة
.

No comments: