Tuesday, September 13, 2011

ثلاث مسائل وشكرا



ثلاث مسائل وشكرا
الياس خوري

"...
...
- تكرار الخطأ/الخطيئة
'
منذ اندلاع الثورة السورية والكلام الطائفي المعلن والمستتر يستفزني. ما علاقة المسألة الطائفية بقضية شعب يطالب بالحرية ويموت في سبيلها؟ وكيف يجرؤ اصحاب اللغة الطائفية المقيتة والسوداء، على الاقتراب من انتفاضة شعبية تميزت بالنبل والصبر والشجاعة؟
استطيع ان افهم لجوء النظام الى تحريض الغرائز كي يجعل من الأقليات الدينية دروعا بشرية لحماية العائلة الحاكمة والمافيا. لذا كان رد الشعب السوري من خلال تنسيقيات الثورة السورية هو رفع شعار 'الشعب السوري واحد'.
لكن ما لا استطيع فهمه هو لجوء بعض المرجعيات الدينية، وخصوصا في الوسط المسيحي الى التطوع للدفاع عن الديكتاتورية بوصفها حامية للمسيحيين في سورية ولبنان، كأن الأقلية المسيحية تضع نفسها من خلال البطريرك اللبناني الماروني او البطريرك الارثوذكسي السوري وبعض رجال الاكليروس، في صف الاستبداد، وترهن مصيرها بمصير الديكتاتور؟
هنا اريد التذكير بالخطيئة المميتة التي ارتكبتها المارونية السياسية في لبنان، حين استطاعت قوات بشير الجميل التي هيمنت بالعنف المسلح على المناطق ذات الأكثرية المسيحية، ان تفرض تحالفا احمق مع اسرائيل، وان تمشي في ركاب دبابات الاحتلال التي اوصلت بشير الجميل ومن بعده شقيقه امين الى سدة الرئاسة.
كانت تلك التجربة التي شاركت في التنظير لها الرهبانيات المارونية هي اللحظة المفصلية التي ادت الى هزيمة سياسية مروعة للطبقة السياسية المسيحية، بحيث لم تعد تستطيع ان تلعب اكثر من دور الكومبارس في الصراع على السلطة.
كان التحالف مع اسرائيل خطأ باهظ الثمن، وشكّل خيانة وطنية موصوفة، وارتدادا عن كل القيم الاخلاقية والوطنية والسياسية التي صنعتها النهضة العربية. اما ثمنه اللبناني فكان كبيرا، اذ قاد الى حرب اهلية مسيحية- مسيحية، انتهت بالهيمنة المطلقة للنظام السوري على لبنان.
واليوم يتكرر الخطأ نفسه ولكن بشكل كاريكاتوري. استطيع ان اتفهم ان عظامية الجنرال عون وشهيته للسلطة دفعتاه الى التحالف مع نظام الوصاية الذي ارسله الى المنفى الفرنسي، لكنني لا استطيع ان افهم ماذا يريد بشارة الراعي بطريرك الموارنة الجديد. هل يعتقد الراعي انه بدعمه للعائلة الحاكمة واخافة الناس من حكم الأكثرية السنية في سورية، ومن الاخوان المسلمين، يدافع عن المسيحيين؟ ومن قال له ان رهن الوجود المسيحي بالديكتاتور يشكل ضمانة؟ ثم ما هذه اللغة المذعورة التي تتناسى ان المسيحيين مواطنون اولا وان هذه البلاد لهم مثلما هي للمسلمين؟
ما قاله البطريرك كارثة اخلاقية وسياسية. وهو في هذا لا يستطيع الادعاء بأنه يمثل احدا. فلينصرف الى عمله الديني والرعائي، ويترك للمواطنين مهمة صوغ العقد الاجتماعي الجديد الذي سينشأ على انقاض الاستبداد، وهو لن يكون بالتأكيد عقدا بين الطوائف، بل بين المواطنين كأفراد احرار في دولة حرة.
خطأ اليوم يشبه خطيئة الأمس، انهما تلاعب احمق بمصير الأقليات، عبر استعادة الخطاب الاستعماري القديم. البطريرك الراعي يعرف او لا يعرف، لست ادري، لكنه للأسف يستخدم الخطاب نفسه مقلوبا، وينسى ان الحرية هي الضمانة الوحيدة لجميع المواطنين.
شكرا للذاكرة.
"

No comments: