"تجنبنا الكتابة عن المعارضة السورية وتشرذمها وبعض خطابها وممارساتها حتى لا يصبَّ ذلك في خدمة النظام، لكن استمرار الحديث في هذا الموضوع من جانب أطراف دولية وعربية، قليل منها حريص على الشعب السوري، فضلا عن أوساط النظام وشبيحته وأبواقه الإعلامية التي تتوزع بين الداخل والخارج وتشمل أناسا من شتى الجنسيات وإن انحصروا في خلفيات أيديولوجية معروفة، كل ذلك كان لا بد أن يدفعنا نحو الخوض في هذا الموضوع، وإن على نحو مختلف بعض الشيء.
ما ينبغي أن يقال ابتداءً ودائما وأبدا، هو أننا إزاء شعب عظيم ورائع خرج إلى الشوارع في ثورته السلمية المتميزة وهو يدرك تمام الإدراك أي نظام يواجه، سواء أكان ذلك على صعيد البنية الأمنية، أم على صعيد التحالفات التي أنشأها في السياق السياسي العربي والإقليمي، والتي صبَّت في صالحه بشكل جيد لا يقل أهمية عن العمل على صعيد البنية السياسية الداخلية المتمرسة في السير على الحبال والترويج للنفس واختراق المعارضات، وعموم أشكال العمل الإعلامي والسياسي بسائر تناقضاته.
كان الشعب السوري يدرك أيضا أنه إزاء نظام طائفي قادر على اللعب بورقة الطائفة على النحو الذي يخدمه، ومعها ورقة الأقليات على نحو يجعل ربع الشعب إلى جانبه حتى الرمق الأخير، لاسيما الطائفة التي ينتمي إليها وتشعر أن وجودها مرتبط ببقائه، الأمر الذي لا يمكن أن يكون صحيحا بالطبع لأن نجاح الثورة لا يعني سوى إشاعة العدالة وروح المواطنة وليس الاعتداء على أي أحد بسبب طائفته.
....
ما ينبغي التذكير به هنا هو أن خلافات القوى هي ظاهرة طبيعية في معظم الثورات، إن لم يكن جميعها. صحيح أن لبعض الثورات في التاريخ أبطالها ورموزها الكبار (لم يلغ ذلك أبدا الخلافات أو التباين بينهم في الرؤى والمواقف)، لكن ثورات الربيع العربي ليس كذلك، إذ خرجت من ضمير الشارع الجمعي الرافض للقمع والفساد، وهي لا تسعى تبعا لذلك إلى أن تستبدل بدكتاتوريات شمولية دكتاتورية ثورية جديدة، وهذا هو الملمح الأساسي الذي يرد بقوة على منطق النظام وشبيحته.
لو كنا إزاء ثورة مسلحة بالكامل يخوضها تنظيم مسلح له قائده "الرمز" وقيادته "التاريخية" لكان بوسع النظام التشكيك فيه، ويلتقط من مواقفه ما يثير الشبهات، إلى غير ما هنالك من أساليب التشويه المعروفة، لكن الأمر ليس كذلك، إذ إن ما يريده الشعب هو إسقاط النهج الدكتاتوري واستعادة سلطته وقراره باعتباره وصيا على نفسه، وهو وحده سيعرف من ينتخب حين يذهب إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليه، وإذا ما أخطأ في المرة الأولى أو اكتشف أن من انتخبهم لم يعبروا عنه بالقدر الكافي، فسيسقطهم وينتخب آخرين.
هي إذن ثورات شعبية وليست انقلابات عسكرية ولا حتى ثورات مسلحة بقيادات مؤسسة ورموز تاريخية، وبالتالي فإن المنخرطين في الثورة سينالون من الحظوة بحسب سلوكهم السياسي وخطابهم ونضالهم وقدراتهم.
معيب أن يشارك معارضون في مؤتمر يرعاه "برنار ليفي"، وأن تكون لعضو المجلس الوطني السوري بسمة قضماني علاقات بإسرائيليين وتصريحات مسيئة للإسلام، فكل ذلك يسيء للمجلس أيما إساءة، والأفضل أن تترك موقعها بدل الدفاع عنها ببيان بائس لا يشير البتة لما جرى تداوله حولها. كما يجدر التذكير بأن انتماء هذا المعارض أو سواه إلى لون فكري لا تقبله غالبية الشعب، أو اشتهاره بسلوك حياتي لا ينسجم مع جموع الثائرين، كل ذلك لا يضير الثورة، بقدر ما يسيء إليه ولمن يتبنونه ويقدمونه من قوى المعارضة، ويبقى أن هؤلاء جميعا يوجدون تحت عين الشعب الذي يراقب كل شيء، وحين تنتصر الثورة سيعرف الناس طريقهم ويختارون ممثليهم
....
المعارضة بحاجة إلى وقفة مع النفس لإعادة تقييم الوضع، ونبذ خلافاتها ما أمكن ذلك، ولكن بقاء شيء من ذلك كبر أم صغر لا ينبغي أن يدفع المخلصين إلى التشكيك في انتصار هذه الثورة، والقضاء على هذا النظام الذي فقد شرعيته السياسية والأخلاقية، ولم يعد أمامه غير الرحيل، بل السقوط الكامل لسائر أركانه ورموزه."
ما ينبغي أن يقال ابتداءً ودائما وأبدا، هو أننا إزاء شعب عظيم ورائع خرج إلى الشوارع في ثورته السلمية المتميزة وهو يدرك تمام الإدراك أي نظام يواجه، سواء أكان ذلك على صعيد البنية الأمنية، أم على صعيد التحالفات التي أنشأها في السياق السياسي العربي والإقليمي، والتي صبَّت في صالحه بشكل جيد لا يقل أهمية عن العمل على صعيد البنية السياسية الداخلية المتمرسة في السير على الحبال والترويج للنفس واختراق المعارضات، وعموم أشكال العمل الإعلامي والسياسي بسائر تناقضاته.
كان الشعب السوري يدرك أيضا أنه إزاء نظام طائفي قادر على اللعب بورقة الطائفة على النحو الذي يخدمه، ومعها ورقة الأقليات على نحو يجعل ربع الشعب إلى جانبه حتى الرمق الأخير، لاسيما الطائفة التي ينتمي إليها وتشعر أن وجودها مرتبط ببقائه، الأمر الذي لا يمكن أن يكون صحيحا بالطبع لأن نجاح الثورة لا يعني سوى إشاعة العدالة وروح المواطنة وليس الاعتداء على أي أحد بسبب طائفته.
....
ما ينبغي التذكير به هنا هو أن خلافات القوى هي ظاهرة طبيعية في معظم الثورات، إن لم يكن جميعها. صحيح أن لبعض الثورات في التاريخ أبطالها ورموزها الكبار (لم يلغ ذلك أبدا الخلافات أو التباين بينهم في الرؤى والمواقف)، لكن ثورات الربيع العربي ليس كذلك، إذ خرجت من ضمير الشارع الجمعي الرافض للقمع والفساد، وهي لا تسعى تبعا لذلك إلى أن تستبدل بدكتاتوريات شمولية دكتاتورية ثورية جديدة، وهذا هو الملمح الأساسي الذي يرد بقوة على منطق النظام وشبيحته.
لو كنا إزاء ثورة مسلحة بالكامل يخوضها تنظيم مسلح له قائده "الرمز" وقيادته "التاريخية" لكان بوسع النظام التشكيك فيه، ويلتقط من مواقفه ما يثير الشبهات، إلى غير ما هنالك من أساليب التشويه المعروفة، لكن الأمر ليس كذلك، إذ إن ما يريده الشعب هو إسقاط النهج الدكتاتوري واستعادة سلطته وقراره باعتباره وصيا على نفسه، وهو وحده سيعرف من ينتخب حين يذهب إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليه، وإذا ما أخطأ في المرة الأولى أو اكتشف أن من انتخبهم لم يعبروا عنه بالقدر الكافي، فسيسقطهم وينتخب آخرين.
هي إذن ثورات شعبية وليست انقلابات عسكرية ولا حتى ثورات مسلحة بقيادات مؤسسة ورموز تاريخية، وبالتالي فإن المنخرطين في الثورة سينالون من الحظوة بحسب سلوكهم السياسي وخطابهم ونضالهم وقدراتهم.
معيب أن يشارك معارضون في مؤتمر يرعاه "برنار ليفي"، وأن تكون لعضو المجلس الوطني السوري بسمة قضماني علاقات بإسرائيليين وتصريحات مسيئة للإسلام، فكل ذلك يسيء للمجلس أيما إساءة، والأفضل أن تترك موقعها بدل الدفاع عنها ببيان بائس لا يشير البتة لما جرى تداوله حولها. كما يجدر التذكير بأن انتماء هذا المعارض أو سواه إلى لون فكري لا تقبله غالبية الشعب، أو اشتهاره بسلوك حياتي لا ينسجم مع جموع الثائرين، كل ذلك لا يضير الثورة، بقدر ما يسيء إليه ولمن يتبنونه ويقدمونه من قوى المعارضة، ويبقى أن هؤلاء جميعا يوجدون تحت عين الشعب الذي يراقب كل شيء، وحين تنتصر الثورة سيعرف الناس طريقهم ويختارون ممثليهم
....
المعارضة بحاجة إلى وقفة مع النفس لإعادة تقييم الوضع، ونبذ خلافاتها ما أمكن ذلك، ولكن بقاء شيء من ذلك كبر أم صغر لا ينبغي أن يدفع المخلصين إلى التشكيك في انتصار هذه الثورة، والقضاء على هذا النظام الذي فقد شرعيته السياسية والأخلاقية، ولم يعد أمامه غير الرحيل، بل السقوط الكامل لسائر أركانه ورموزه."
No comments:
Post a Comment