Monday, November 10, 2014
يوم تحولت "1984" من رواية إلى جريمة في مصر
حالة من السخط العام سيطرت على الشارع المصري، إثر حوادث العنف الأمني والقمع السياسي والثقافي، ضد طلاب وشباب مصر في الجامعات: من اعتقال ثلاثة أطفال في المرحلة الإعدادية في شمال سيناء، وصولاً إلى خطف طالبات الجامعات، ومقتل سيدة تحت التعذيب الأمني في الأقصر، ومقتل معارض في سجنه في محافظة قنا، ومصرع وإصابة نحو 17 مواطنا في حادث تصادم سيارتين على طريق القاهرة -السويس... لكن الحادث الأغرب كان اعتقال قوات الأمن طالباً في محيط جامعة القاهرة، في محافظة الجيزة، وفي حوزته رواية "1984". وقد وصفت وزارة الداخلية الرواية في بيان لها بأنها "تتحدث عن الأنظمة العسكرية الفاسدة التي تحكم البلاد بديكتاتورية". كما أكد البيان أن الطالب كان يحمل "كشكولاً" مدوناً فيه عبارات تتحدث عن الخلافة الإسلامية وكيفية تطبيقها فى البلاد.
الرواية، على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته على المستوى العالمي، واختيارها كواحدة من أفضل 100 رواية منذ خروجها إلى النور عام 1949، وترجمتها إلى أكثر من 60 لغة منها العربية، إلا أنها لم تحظ بهذا الكم من الدعاية في مصر، ولم يكن يعرفها الكثيرون من المصريين.
حتى أن اسم الكتاب أصبح الأكثر بحثاً على "غوغل" خلال اليومين الماضيين، فغرد إيهاب التركي موجهاً الشكر إلى وزارة الداخلية: "الإقبال على تحميل وقراءة رواية "1984" النهارده غير مسبوق، يا ريت الداخلية كل يوم تقبض على واحد معاه كتاب جديد. خلي الشعب يتثقف".
وقد انطلقت على مواقع التواصل موجة انتقادات وسخرية من الحادث الخطير. وتوالت السخرية على مواقع التواصل بسبب ما وصلت إليه حال الحريات في مصر، فانتقد الدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، اعتقال الطالب قائلاً:"إنه قمة الجهل والتخلف.. وقد اعترف أمامنا بحيازته عقلاً"، فيما قال صلاح عرفات: "لو شايل مجلة سكس كان أحسن له"، فيما قال أحمد علي: "التهمة حيازة عقل"، أما سمير فهمي، فقال: "أهلاً بشرطة الفكر"، فيما أشاد الفنان المصري، محمد عطية برواية "1984" للروائي البريطاني جورج أورويل، حيث أبدى إعجابه بسرد الكاتب تفاصيل ما أسماه "النظام الشمولي" السائد الآن، على حد قوله.
وقال عماد رؤوف: "شكراً للداخلية وللمصري اليوم، فبدون خبر القبض على الولد برواية 1984 .. لم يكن لمئات المصريين أن يقرأوا رائعة أورويل". وأكدت منى محجوب نفاد الرواية من المكتبات بعد نشر الخبر قائلة: "روحت أجيب (1984) ملقتهاش في المكتبة اللي بلاقيه عندها بقالي 6 شهور متغيرش مكانه ولا حد بيشتريه… احنا جبارين نشكر تعاونكم معنا"، فيما قال مهاب الجوادي: "عليا النعمة جورج أورويل لو عايش كان بعت جواب شكر وبوكيه ورد لوزارة الداخلية على الدعاية دي".
التعليقات وردود الأفعال على الخبر لم تقتصر على الرواد العاديين لمواقع التواصل فقط، لكن بعض الوجوه الإعلامية والحقوقيين تداولوا الخبر ساخرين مما يحدث. فنشرت الإعلامية، ليليان داوود، الخبر وعلقت عليه قائلة: "شباب عندي كام نسخة ممكن (نتداولهم) بشكل سري!"، فيما قال الصحافي المصري محمد عبد الرحمن ساخراً: "بعيداً عن الخبر نفسه رواية 1984 تمنها 96 جنيه... طالب يشتريها إزاي... فين نيابة الأموال العامة".
وغرد الصحافي أحمد زكي قائلاً: "جورج أورويل نفسه، في أكثر خيالاته جموحاً، لم يكن ليتخيل أن تقوم الشرطة في دولة ما بالقبض على طالب لحيازته رواية 1984!"، فيما علق المحامي الحقوقي جمال عيد قائلاً: "غالبا: رواية "المحاكمة" لكافكا = جناية، 1984 لجورج أورويل = جنحة ، السيد من حقل السبانخ لصبري موسى = مخالفة، الثعبان الاقرع ، براءة والله أعلم".
وعلق الكاتب الصحافي وائل عبد الفتاح قائلاً: "رواية 1984 تحكي عن ديكتاتوريات عسكرية مهووسة... فالأمن يقبض علي طالب بيقراها/ الهوس أقرب من حبل الوريد/ الرواية كتالوج الواقع"، فيما حلل الصحافي عمر الهادي الخبر قائلاً: "حيازة رواية 1984 ليست التهمة الموجهة للطالب، ولكنها مذكورة كحرز بوصفها كتيباً يتحدث عن الأنظمة العسكرية الفاسدة التي تحكم البلاد بديكتاتورية ".
الخبر لم يتوقف عند هذا الحد، ولكن الطريف أيضا أن الصفحة الرسمية والموثقة للأديب البريطاني الشهير، جورج أورويل، والتي تضم حوالى 1.340.530مليون شخصاً، نشرت الخبر بالنسخة الإنجليزية من موقع المصري اليوم "إيجيبت إندبندنت"، عن إلقاء القبض على الطالب، وفي حوزته رواية "1984" ، فيما علق رواد الصفحة على الخبر بالقول: "جريمة فكر".
والرواية ديستوبية من تأليف جورج أورويل، قدمها في عام 1949 وكان يتنبأ من خلالها بمصير العالم، الذي ستحكمه قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا توفر أحلامهم وطموحاتهم بل تحولهم إلى مجرد أرقام في جمهوريات الأخ الأكبر، الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء، حيث يمثل حكمه الحكم الشمولي.
وفي سياق متصل، استنكرت حركة "الحرية للجدعان" اعتقال الطالب، مشيرة إلى أن معتقل الرواية نوع جديد يضاف إلى سلسلة الاعتقالات الساخرة، التي يفاجئنا بها الانقلاب. وتهكمت الحركة على صفحتها على "فيسبوك" قائلة "بعد معتقلي العشاء والقهوة والسبوع والإشارة والدبوس والسحور والعزاء والتيشيرتات، أصبح لدينا معتقل الرواية".
وأضافت "تعتبر الروايات خطراً على الأمن القومي"، معلنة تدشينها لهاشتاج "الحرية لمعتقل الرواية"، واتبعتها بعبارة تسقط الدولة العبثية.
ودان أستاذ العلوم السياسية في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية د. أحمد تهامي، في اتصال مع "العربي الجديد" ممارسات السلطات الحاكمة، قائلاً: "نسوا أن هناك تكنولوجيا وثورة معلوماتية... وكل ما يمنعونه متاح على فضاءات الإنترنت".
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment