صبحي حديدي
Link
قبل أن يذهب مؤتمر الرياض، للمعارضة السورية «الموحدة»، إلى نيويورك اليوم؛ ناقلاً معه شبكات الاختلاف والتفاق بين واشنطن وموسكو، وما أنجزته ـ أو بالأحرى: ما عجزت عن إنجازه ـ لقاءات فيينا، ثمّ اجتماع وزراء خارجية ما يُسمّى «أصدقاء سوريا» في باريس؛ قبل هذا كله يتوجب أن يكون مؤتمر الرياض قد حسم الأمر حول هذا التفصيل الحاسم: هل صار «الائتلاف الوطني» جثة هامدة، وإكرامها يستوجب دفنها سريعاً، والإعلان أنّ «الهيئة التفاوضية العليا» قد ورثته، الآن، وحتى إشعار آخر؟ أم أنّ الائتلاف ما يزال الأصل، ولعله سيبقى صورة شمعية وشكلية، وللهيئة التفاوضية أن تصول وتجول بالنيابة، وفي العلن كما في الكواليس؟
وحتى تتضح معطيات كافية في الحدود الدنيا، تشفي غليل السائل حول أسئلة كهذه، ثمة دلائل كلاسيكية على هذه الحال من التجميد والإنابة بين الائتلاف والهيئة التفاوضية؛ لعلّ أبرزها ابتداء جولات التطاحن على الفوز برئاسة الهيئة، بين رياض حجاب وأحمد الجربا: الأوّل لأنه رئيس وزراء النظام المنشقّ، ولا مثيل له في هذا «الفضل؛ والثاني لأنه رجل المملكة العربية السعودية، والرئيس الأسبق للائتلاف، وابن الفخذ السوري من عشائر شمّر العريقة.
وفي المقابل، لكي تكون حصّة النظام في هذه المأساة/ المهزلة «وازنة» تماماً، تشير النكتة إلى تَدَافُع أعداد من ممثلي أحزاب ما أُنزل بها من سلطان، قد تكون الغالبية الساحقة من السوريين تسمع بها للمرّة الأولى: حزب سوريا الوطن، هيئة العمل الوطني الديمقراطي، حزب التضامن العربي الديمقراطي، هيئة العمل الوطني، حزب الشباب للعدالة والتنمية، حزب التضامن، حزب الشباب الوطني السوري…
أجواء تعيد الذاكرة إلى حقبة سالفة، حين انبثقت فكرة «حكومة انتقالية» تشكلها المعارضات السورية في الخارج؛ فقفزت إلى العلن جملة من أسوأ مظاهر البؤس والإدقاع في «المعارضات» السورية، على اختلاف تياراتها ومؤسساتها، وفي الخارج بصفة خاصة.
افتُضحت، أيضاً، الكثير من عوارض أمراضها المزمنة؛ من سوء انتظام صفوفها، وانحطاط صلاتها بالشارع الشعبي السوري، وبؤس أدائها بالمقارنة مع السوية العالية التي كانت تتصف بها أعمال التنسيقيات واللجان والتظاهرات، والحراك عموماً، في الداخل، آنذاك. فما أن نطق لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي بالكلمة السحرية، عن ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في المنفى، حتى لهث شيوخ المعارضات مثل فتيانها خلف ما لاح أنه الجزّة الذهبية، أو بالأحرى الجزرة التي تحثّ على الهرولة والتسابق.
جدير بالتذكير، هنا، أنّ بورصة طاحنة ـ فاضحة، مبتذلة، مضحكة، بقدر ما هي مدعاة إشفاق! ـ انفتحت على مصراعيها؛ وشهدنا التصارع على الحقائب الوزارية، ليس كيفما اتفق في واقع الأمر، بل أسوأ بكثير من أي توزيع اعتباطي. ففي حال الاعتباط، حين لا تكون ثمة صلة بين الحقيبة وحاملها، على أيّ صعيد شخصي أو عامّ، وطني أو حزبي أو مؤسساتي، يمكن للمرء عندئذ أن يستخفّ ويسخر، ويقول دون كبير اكتراث: يا معارضة ضحكت من سخفها المعارضات! أمّا حين يتسابق المشكِّلون على تسريب تشكيلات لا تغيب عنها الروائح العفنة، والعطنة، ورغائب المساومة والمقايضة والتسوية، بالمعنى الأرخص والأشدّ ابتذالاً لهذه المفردات… فإنّ الأمر ينقلب، عندئذ، إلى ما هو أدهى من بؤس الأداء، فيصبح بينه وبين الاتجار بالشهداء فارق شعرة!
وسوى هذا الافتئات على الإرادة الشعبية، والذي يُعدّ سبّة في تاريخ أية معارضة خارجية يُستشهد أبناء شعبها بالمئات كلّ يوم، ساد ذلك الوثوق المريع بأنّ التفويض الذاتي ينطوي أيضاً على حقّ التفريط بالآخر: كأنْ تُسند إلى ضابط، غادر سفينة النظام الغارقة قبل أيام معدودات، رئاسة «مجلس عسكري أعلى»، يُعلي شأن العسكر، حتى حين يُوضع أحد العباقرة المدنيين مستشاراً لهم؛ أو أن يجري التلاعب بالتوزيع على نحو يجعل الحقائب مكافآت طائفية أو دينية أو إثنية، وكأنّ الانتفاضة الشعبية لم تنطلق من أجل تقويض نظام الاستبداد والفساد والتوريث، بل لكي تدغدغ خطوط انقسام الطوائف والأديان والأقوام. واليوم، كما يومذاك، غرق رهط المعارضات والمعارضين في مستنقع الحوارات البيزنطية العقيمة (داخل الإقامات الفارهة، وخلال مؤتمرات غامضة التمويل)، وانزلقوا أكثر فأكثر إلى حمأة التبعية لهذه الدولة أو تلك، فصارت مواقفهم لا تُقاس بما يقولون أو يفعلون، بل باسم الدولة التي ينعمون بأنعامها!
إنها، أيضاً، حال تعيد الأمور إلى طور من عمر المعارضات السورية الخارجية، اعتقدنا ـ متفائلين أكثر مما ينبغي، ربما ـ أنه انقضى وانصرم، وتجاوزه المعارضون إلى ما يليق بتضحيات الشعب السوري. ذلك الطور شهد شراهة مَرَضية في عقد المؤتمرات والملتقيات والمشاورات، لتشكيل مجالس وطنية أو إنقاذية أو انتقالية، عُقدت في عواصم عربية وإقليمية ودولية، وضمّت محاربين قدماء وآخرين التحقوا بالنادي مجدداً؛ بينهم مَنْ عارض النظام طيلة عقود، ومَنْ كان مقرّباً من دوائر السلطة حتى ساعة انطلاق الانتفاضة، أو بعدها. ليس عجيباً، والحال هذه أنها، معظمها أو جميعها، انتهت إلى فشل ذريع صريح، أو آخر ذريع بدوره ولكنه مقنّع؛ أو استعاضت عن الإقرار بالفشل بما هو مزيج من ذرّ الرماد في العيون، وقطع الوعود الخلّبية، وإشاعة الآمال السديمية.
وتلك، كما هي اليوم طبقاً لمعظم المؤشرات، سيرورة تكفّلت بتبيان العورات هنا وهناك، وفضح هزال الغابة التي وُعد السوريون بانبساطها خلف شجرة هذا المؤتمر أو ذاك، وإسقاط أسطورة «الإجماع» على زيد أو عمرو من «نجوم» تلك الغابة (وهم، في الغالب، صناعة آلة المماحكات على الفضائيات، وليس السجال الحيوي النزيه والصادق، حول مسائل أصيلة وحيوية وملحّة). لكنّ السيرورة إياها كانت، من جانب آخر وثيق الارتباط، بمثابة الذريعة غير المباشرة، بل أمّ الذرائع المباشرة عند البعض، في إشاعة خرافتَين: أنّ نجوم الخارج أقدر من سواهم على تمثيل حاجات الانتفاضة في الداخل، من حيث التمثيل والتنظير والقيادة، وتسطير الدساتير والعهود والمواثيق، وما إلى ذلك؛ وأنّ معارضة الداخل الكلاسيكية، غير تلك التي يصنّعها النظام، المؤلفة من الأحزاب والمنظمات والنشطاء خارج «اتحاد التنسيقيات»، و»الهيئة العامة» لاحقاً، و»لجان التنسيق»، والتنسيقيات المهنية المختلفة… ينبغي عليها أن تمتثل للجهود التي يبذلها نجوم الخارج في مؤتمراتهم، تحت طائلة تخريب وحدة المعارضة!
ويومها، أخيراً، كانوا قد وضعوا كلّ البيض، تقريباً، في سلّة الخارج عموماً، والولايات المتحدة تحديداً: من وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، إلى السفير السابق روبرت فورد… الآن، في هذه الأيام المحمومة على هذا الصعيد تحديداً، يندّ عن معارض أوّل تخوّف من أن يكون وزير الخارجية الأمريكي الراهن، جون كيري، قد تواطأ مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حول هذا التفصيل أو ذاك؛ ويعرب معارض ثانٍ عن خشيته من أن تكون مواقف الفرنسيين قد تغيّرت بعد هجمات 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، وصارت أقرب إلى إعادة تعويم النظام، بهدف توظيفه في الحملة ضد «داعش»؛ بل لا نعدم معارضاً ثالثاً يحلل معدّلات الارتفاع، أو الانخفاض، في «قلق» الأمين العام للأمم المتحدة!
وحتى تتضح معطيات كافية في الحدود الدنيا، تشفي غليل السائل حول أسئلة كهذه، ثمة دلائل كلاسيكية على هذه الحال من التجميد والإنابة بين الائتلاف والهيئة التفاوضية؛ لعلّ أبرزها ابتداء جولات التطاحن على الفوز برئاسة الهيئة، بين رياض حجاب وأحمد الجربا: الأوّل لأنه رئيس وزراء النظام المنشقّ، ولا مثيل له في هذا «الفضل؛ والثاني لأنه رجل المملكة العربية السعودية، والرئيس الأسبق للائتلاف، وابن الفخذ السوري من عشائر شمّر العريقة.
وفي المقابل، لكي تكون حصّة النظام في هذه المأساة/ المهزلة «وازنة» تماماً، تشير النكتة إلى تَدَافُع أعداد من ممثلي أحزاب ما أُنزل بها من سلطان، قد تكون الغالبية الساحقة من السوريين تسمع بها للمرّة الأولى: حزب سوريا الوطن، هيئة العمل الوطني الديمقراطي، حزب التضامن العربي الديمقراطي، هيئة العمل الوطني، حزب الشباب للعدالة والتنمية، حزب التضامن، حزب الشباب الوطني السوري…
أجواء تعيد الذاكرة إلى حقبة سالفة، حين انبثقت فكرة «حكومة انتقالية» تشكلها المعارضات السورية في الخارج؛ فقفزت إلى العلن جملة من أسوأ مظاهر البؤس والإدقاع في «المعارضات» السورية، على اختلاف تياراتها ومؤسساتها، وفي الخارج بصفة خاصة.
افتُضحت، أيضاً، الكثير من عوارض أمراضها المزمنة؛ من سوء انتظام صفوفها، وانحطاط صلاتها بالشارع الشعبي السوري، وبؤس أدائها بالمقارنة مع السوية العالية التي كانت تتصف بها أعمال التنسيقيات واللجان والتظاهرات، والحراك عموماً، في الداخل، آنذاك. فما أن نطق لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي بالكلمة السحرية، عن ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في المنفى، حتى لهث شيوخ المعارضات مثل فتيانها خلف ما لاح أنه الجزّة الذهبية، أو بالأحرى الجزرة التي تحثّ على الهرولة والتسابق.
جدير بالتذكير، هنا، أنّ بورصة طاحنة ـ فاضحة، مبتذلة، مضحكة، بقدر ما هي مدعاة إشفاق! ـ انفتحت على مصراعيها؛ وشهدنا التصارع على الحقائب الوزارية، ليس كيفما اتفق في واقع الأمر، بل أسوأ بكثير من أي توزيع اعتباطي. ففي حال الاعتباط، حين لا تكون ثمة صلة بين الحقيبة وحاملها، على أيّ صعيد شخصي أو عامّ، وطني أو حزبي أو مؤسساتي، يمكن للمرء عندئذ أن يستخفّ ويسخر، ويقول دون كبير اكتراث: يا معارضة ضحكت من سخفها المعارضات! أمّا حين يتسابق المشكِّلون على تسريب تشكيلات لا تغيب عنها الروائح العفنة، والعطنة، ورغائب المساومة والمقايضة والتسوية، بالمعنى الأرخص والأشدّ ابتذالاً لهذه المفردات… فإنّ الأمر ينقلب، عندئذ، إلى ما هو أدهى من بؤس الأداء، فيصبح بينه وبين الاتجار بالشهداء فارق شعرة!
وسوى هذا الافتئات على الإرادة الشعبية، والذي يُعدّ سبّة في تاريخ أية معارضة خارجية يُستشهد أبناء شعبها بالمئات كلّ يوم، ساد ذلك الوثوق المريع بأنّ التفويض الذاتي ينطوي أيضاً على حقّ التفريط بالآخر: كأنْ تُسند إلى ضابط، غادر سفينة النظام الغارقة قبل أيام معدودات، رئاسة «مجلس عسكري أعلى»، يُعلي شأن العسكر، حتى حين يُوضع أحد العباقرة المدنيين مستشاراً لهم؛ أو أن يجري التلاعب بالتوزيع على نحو يجعل الحقائب مكافآت طائفية أو دينية أو إثنية، وكأنّ الانتفاضة الشعبية لم تنطلق من أجل تقويض نظام الاستبداد والفساد والتوريث، بل لكي تدغدغ خطوط انقسام الطوائف والأديان والأقوام. واليوم، كما يومذاك، غرق رهط المعارضات والمعارضين في مستنقع الحوارات البيزنطية العقيمة (داخل الإقامات الفارهة، وخلال مؤتمرات غامضة التمويل)، وانزلقوا أكثر فأكثر إلى حمأة التبعية لهذه الدولة أو تلك، فصارت مواقفهم لا تُقاس بما يقولون أو يفعلون، بل باسم الدولة التي ينعمون بأنعامها!
إنها، أيضاً، حال تعيد الأمور إلى طور من عمر المعارضات السورية الخارجية، اعتقدنا ـ متفائلين أكثر مما ينبغي، ربما ـ أنه انقضى وانصرم، وتجاوزه المعارضون إلى ما يليق بتضحيات الشعب السوري. ذلك الطور شهد شراهة مَرَضية في عقد المؤتمرات والملتقيات والمشاورات، لتشكيل مجالس وطنية أو إنقاذية أو انتقالية، عُقدت في عواصم عربية وإقليمية ودولية، وضمّت محاربين قدماء وآخرين التحقوا بالنادي مجدداً؛ بينهم مَنْ عارض النظام طيلة عقود، ومَنْ كان مقرّباً من دوائر السلطة حتى ساعة انطلاق الانتفاضة، أو بعدها. ليس عجيباً، والحال هذه أنها، معظمها أو جميعها، انتهت إلى فشل ذريع صريح، أو آخر ذريع بدوره ولكنه مقنّع؛ أو استعاضت عن الإقرار بالفشل بما هو مزيج من ذرّ الرماد في العيون، وقطع الوعود الخلّبية، وإشاعة الآمال السديمية.
وتلك، كما هي اليوم طبقاً لمعظم المؤشرات، سيرورة تكفّلت بتبيان العورات هنا وهناك، وفضح هزال الغابة التي وُعد السوريون بانبساطها خلف شجرة هذا المؤتمر أو ذاك، وإسقاط أسطورة «الإجماع» على زيد أو عمرو من «نجوم» تلك الغابة (وهم، في الغالب، صناعة آلة المماحكات على الفضائيات، وليس السجال الحيوي النزيه والصادق، حول مسائل أصيلة وحيوية وملحّة). لكنّ السيرورة إياها كانت، من جانب آخر وثيق الارتباط، بمثابة الذريعة غير المباشرة، بل أمّ الذرائع المباشرة عند البعض، في إشاعة خرافتَين: أنّ نجوم الخارج أقدر من سواهم على تمثيل حاجات الانتفاضة في الداخل، من حيث التمثيل والتنظير والقيادة، وتسطير الدساتير والعهود والمواثيق، وما إلى ذلك؛ وأنّ معارضة الداخل الكلاسيكية، غير تلك التي يصنّعها النظام، المؤلفة من الأحزاب والمنظمات والنشطاء خارج «اتحاد التنسيقيات»، و»الهيئة العامة» لاحقاً، و»لجان التنسيق»، والتنسيقيات المهنية المختلفة… ينبغي عليها أن تمتثل للجهود التي يبذلها نجوم الخارج في مؤتمراتهم، تحت طائلة تخريب وحدة المعارضة!
ويومها، أخيراً، كانوا قد وضعوا كلّ البيض، تقريباً، في سلّة الخارج عموماً، والولايات المتحدة تحديداً: من وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، إلى السفير السابق روبرت فورد… الآن، في هذه الأيام المحمومة على هذا الصعيد تحديداً، يندّ عن معارض أوّل تخوّف من أن يكون وزير الخارجية الأمريكي الراهن، جون كيري، قد تواطأ مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حول هذا التفصيل أو ذاك؛ ويعرب معارض ثانٍ عن خشيته من أن تكون مواقف الفرنسيين قد تغيّرت بعد هجمات 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، وصارت أقرب إلى إعادة تعويم النظام، بهدف توظيفه في الحملة ضد «داعش»؛ بل لا نعدم معارضاً ثالثاً يحلل معدّلات الارتفاع، أو الانخفاض، في «قلق» الأمين العام للأمم المتحدة!
ما أشبه حاضر هذه المعارضات اليوم، في الرياض وفي باريس وفي نيويورك؛ بحاضرها البارحة، في المقامات ذاتها، وسواها. ولد الائتلاف على جثة المجلس الوطني، حتى قبل أن يلفظ الأخير أنفاسه تماماً؛ وتولد الهيئة التفاوضية على أنقاض الوريث، الآخذ في التحوّل إلى جثة بدوره… وأمّا الشعب السوري فإنه في واد، ومناطحات حجاب/ الجربا في واد آخر… لا زرع فيه ولا ضرع!
٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
صبحي حديدي
No comments:
Post a Comment