ميشيل كيلو
Link
كتب وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، مقالة يحدد فيها وجهة نظر حكومته حول وضع سورية "واحدة من أكبر الكوارث
البشرية في الحقبة المعاصرة". واستعرض سعادته الإطار الذي تنظر جمهورية إيران الإسلامية من خلاله إلى الأزمة السورية، وحدد سبل الخروج منها، مؤكداً أن سياسة بلاده تجاهها قامت، منذ بدايتها، على المبادئ الثلاثة: احترام مطالب الشعوب وإرادتها في تعيين مصيرها، وإدارة وتعديل أمورها بنفسها، ومعارضة التدخل الخارجي لفرض رغبات أجانب على حكومة وشعب مستقلين، ورفض استخدام الإرهاب أداة لبلوغ أهداف سياسية في النزاعات الداخلية في البلدان الأخرى.
إذا كان هناك من لم يضحك بعد من سذاجة هذا الذي يتوهم أن سوريّاً واحداً سيصدق أن إيران تحترم "إرادة شعبه وحقه في إدارة أموره بنفسه"، فإنه سيضحك، حتماً، من الفقرة التي يدّعي فيها أن بلاده "تعارض التدخل الخارجي لفرض رغبات أجانب على حكومة وشعب مستقلين". يعرف السوريون ما تقوله جثث قتلى إيران، وهو أنها تتدخل ضدهم وتقاتل من أجل إخضاعهم لمجرم اغتصب رئاسة دولتهم، ويعمل لإبادتهم. ويعلمون، أيضاً، أن إيران تقتلهم، لأنها لا تحترم "حقهم في تعيين مصيرهم بأنفسهم" ، ولم ترسل "ملائكة" حزب الله وعصائب أهل الحق وكتائب أبو الفضل العباس إلى وطنهم، إلا لفرض إرادتها عليهم، مع أن وزيرها يدّعي أنه يرى فيهم شعباً مستقلاً يعارض فرض رغبات الأجانب عليه. يبدو الوزير كأنه يعتقد أن مرتزقة الولي الفقيه الذين يذبحون السوريين، ليسوا أجانب، بل عرباً عاربة، لا يدمرون سورية، إلا لحماية شعبها من الإرهاب، ومن لا يصدق، فليقرأ مبدأ سياسات طهران الثالث الذي يرفض "استخدام الإرهاب لبلوغ أهداف سياسية في نزاعات البلدان الداخلية". بعد أن صدّق السوريون أن قتلة حزب الله وأضرابهم من العراقيين والأفغان ليسوا أجانب، ها هم يصدّقون، أيضاً، أن المرشد الإلهي لا يستخدم إرهابهم لبلوغ أهداف سياسية.
ربما كانت السذاجة قد أوهمت الوزير أن كلماته يمكنها ليَّ عنق الحقيقة، وأن ضحايا سياسته سيصدقون أكاذيبه، عرفاناً بجليل خدمات جيشه ومرتزقته لهم، وأن قتل مواطنيهم لم تُمْلِهِ نيّاتٌ ومطامع خبيثة، بل كان يستهدف زيادة رواتب القتلى والمحاصرين بالحصار الغذائي والدوائي، ورفع قدرتهم على مواجهة الموت جوعاً أو حرقاً وتقطيعاً. لا عجب أن يختم الوزير أكاذيبه بالقول: "إن حل الأزمة السورية يأتي فقط من خلال إرادة الشعب السوري ورأيه، بما أن الوصاية على الشعوب قد ولت حقبتها، ولا يحق لأي من اللاعبين الأجانب التحدث باسم هذا الشعب".
يطبق الوزير سياسات تناقض أقواله، تحتقر عقل الشعب السوري، وترفض حقه في تعيين مصيره بنفسه، وتفرض رغبات إيران ومرتزقتها عليه، ولا تعترف به شعباً مستقلاً، وتستخدم الإرهاب لإطالة نزاعات داخلية في وطنه هي أيضا فتنة إيرانية لها أهداف سياسية خسيسة، يذبح السوريون بسببها منذ أربعة أعوام ونصف العام، ولولا تدخلها العسكري الوحشي والشامل، لكانوا اليوم شعباً مستقلاً وحراً وخارج قبضة الاستبداد والحرب.
يتحدث الوزير كأنه ملاك ويتصرف كسفاح. ولشدة سذاجته، يخال أن ضحاياه لن يروا سكاكينه وهي تجزّ أعناق أطفالهم ونسائهم وشيوخهم، وتدمر ما بنوه خلال قرون في وطنهم. ويتوهم أن شعب الثورة من الغباء بحيث تنطلي عليه أكاذيب مفضوحة، يروجها أفاق يريد التلاعب بعقولهم!.
تقول حكمة دارجة: من لا يستحي فليقل ما يشاء. وتقول وقائع إيران السورية إن وزير خارجيتها ساذج، ولا يستحي.
No comments:
Post a Comment