Tuesday, May 8, 2007

هل سينتحر الأميركيون على أسوار بغداد؟


فاضل الربيعي

"يخطئ العراقيون إذا اعتقدوا أن "سور الأعظمية العظيم" هو سور عزل طائفي القصد منه عزل "طائفة بعينها" عن بقية الطوائف، وسوف يخطئون أكثر إذا ما ركزوا أنظارهم على هذا البعُد وحده في المسألة وتناسوا أو أهملوا رؤية الأهداف الحقيقية "ما وراء السور" وهي كثيرة بكل تأكيد......

.....

هل تتذكرون جملة "الأميركيون سوف ينتحرون عند أسوار بغداد؟" التي أطلقها الرئيس الراحل صدام حسين أثناء الغزو الأميركي للعراق، وتوعد فيها قوات الغزو بمواجهة مصير محتوم هو الانتحار؟

لم تكن هناك أسوار في بغداد قط لا أثناء الحرب ولا قبلها. فهل كان الرئيس الراحل عندما وقف ليقول لشعبه إن الغزاة سينتحرون على أسوار عاصمتهم يتخيل مجرد تخيل أن معركته الأخيرة سوف تُخاض عند "بوابات" وهمية وأسوارِ لا وجود لها؟ أم أنه كان يتوقع قيام الأميركيين ببناء أسوار من هذا النوع، وأنهم سوف يواجهون تحت حجارتها العملاقة مصيرهم المحتوم؟

إذا لم يكن الأمر كذلك وهو لا يتعدى نطاق المصادفة وحدها، فهل يحق لنا التساؤل عن مغزى هذه المصادفة؟ ولماذا تخيل أصلا أن في بغداد أسوارا عملاقة سينتحر تحت حجارتها جنود يائسون من اقتحام "القلعة"؟

القليلون فقط، ربما يتذكرون هذه الجملة، وقلة منهم سيخطر لها أن تربط بين سور الأعظمية العظيم وأسوار بغداد؟ في كل الأحوال لن يكترث أحد لا بالأمس ولا اليوم بهذه النبوءة حتى لو صحت. ولكن الجميع مع ذلك سيشعر بالفزع من فكرة تحققها.

لقد انصرفت أنظار بعض المحللين أثناء الغزو إلى أن المقصود منها الإشارة إلى بوابات بغداد القديمة. بيد أن كل ما يتذكره العراقيون عن "أسوار وبوابات بغداد" التاريخية (الأثرية) لا يكاد يتجاوز المعلومات المدرسية الشائعة لأن هذه الأبواب صارت أثرا بعد عين ولم يبق منها شيء يُذكر.

بعض العسكريين العراقيين مثلا (وبعض العرب كذلك) وفي إطار تفسير النبوءة، ارتأوا –آنذاك- أن المقصود من إطلاقها الإشارة إلى مداخل بغداد العسكرية، وأن هذه المداخل ستكون على نحو ما أشبه بالبوابات التي سوف يقتل أو يموت عند أسوارها كل من يجرب اقتحامها؟

لكن ومع دخول الاحتلال عامه الخامس، وبينما يتصاعد الجدل داخل الولايات المتحدة الأميركية حول موعد الانسحاب نهائيا من هذا البلد التعيس؛ فإن على العراقيين ومهما كان رأيهم بنبوءة صدام حسين أو موقفهم من فترة حكمه، التفكير جماعيا بخلاصهم من كابوس العيش داخل "غيتوات" لها بوابات ألكترونية رهيبة سوف يتحكم فيها اليوم جنود؛ وفي المستقبل ستحكم بها من "وراء السور" حراس آليون، من ذاك النوع الذي تخيله مؤلف رواية 1984.

إنه نوع جديد من "الحكام" ونوع جديد من الحراس لأجل نوع جديد من العبيد."

No comments: