Tuesday, February 12, 2008

خيارات اسرائيل في غزة

خيارات اسرائيل في غزة

عبد الباري عطوان

"....
الدبابات الاسرائيلية قد تدخل قطاع غزة حيث لا توجد جبال ولا ادغال، وانما كتل هائلة من اللحم البشري المكشوف، وشباب يتطلع الي الشهادة، ويتمني نيلها في اسرع وقت ممكن للانتقال من دار الفناء الي دار البقاء عبر اشرف الطرق واقصرها. قطعاً ستحصل مقاومة شرسة، وستتكبد القوات الغازية خسائر كبيرة. وفي نهاية المطاف ستحتل اسرائيل غزة مجددا، وستحل حركة حماس وقوتها التنفيذية، مثلما حلت القوات الامريكية حزب البعث والجيش العراقي. وربما تصدر قوات الاحتلال قانوناً تحت اسم dehamisation علي غرار قانون Debathification الذي اصدره بول بريمر حاكم العراق الاول، ويترافق القانون الجديد مع مجموعة ورق اللعب (الشدة) الذي يتضمن صور قادة حماس المطلوبين او من بقي منهم علي قيد الحياة، ثم ماذا بعد؟
ہپہپہ
البديل للنظام العراقي أحضر للبلاد الفوضي الدموية والحرب الاهلية، والجثث المقطعة الرؤوس والمجهولة الهوية، والهروب الجماعي، وانهيار الخدمات. فهل يتكرر الشيء نفسه في قطاع غزة اثناء وبعد الاحتلال الاسرائيلي الجديد؟
الامر لا يحتاج الي الضرب بالرمل او قراءة الطالع لمعرفة الجهة التي ستسلم قطاع غزة بعد الاطاحة بحركة حماس في حال نجاح الاجتياح الاسرائيلي المتوقع في تحقيق اهدافه، فمن الواضح ان سلطة الرئيس محمود عباس في رام الله تسنّ اسنانها، وتستعد للعودة الي قطاع غزة علي ظهور الدبابات الاسرائيلية، تماماً مثلما عاد الي العراق الدكتوران احمد الجلبي واياد علاوي ورهط من المعممين وعلي ظهور الدبابات الامريكية، فهل هذا يشرف السيد عباس ابن حركة فتح ورئيسها التي حملت النضال الفلسطيني علي اكتافها لأكثر من اربعين عاماً، وقدمت آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الاسري والجرحي؟
وفي حال عودة الرئيس عباس وسلطته وقيادات امنه السابقة، هل سيتمكن هؤلاء من السيطرة علي القطاع، وكيف سينظرون في عيون ابنائه، ويقدمون انفسهم لهم علي انهم قياداته الشرعية؟ هل سيقولون لأبناء القطاع انهم ابطال تحريره تماماً مثلما قال نظراؤهم العراقيون للشعب العراقي يوم عودتهم علي ظهور الدبابات الامريكية؟
هل يعتبر المحررون الجدد للقطاع يوم عودتهم اليه يوم التحرير ويجعلونه عيدا وطنيا في الروزنامة الفلسطينية الجديدة، وهل يغيرون العلم الفلسطيني ويحذفون منه الالوان السابقة، ويشكلون لجنة لوضع علم جديد بألوان جديدة؟

ہپہپہ
اسئلة كثيرة نطرحها في هذه العجالة، ونتطلع الي اجابات مسبقة لها، لاننا نعرف جيدا منطقتنا، مثلما نعرف تجاربها السابقة وثوابتها الوطنية، ونجعلها مقياسا لقراءة المستقبل بشكل اكثر دقة وعمقا.
باراك هدد اكثر من مرة في السابق باجتياح قطاع غزة، ولكنه لم يترجم تهديداته علي ارض الواقع خوفا من النتائج، وفضل اللجوء الي سياسة الاغتيالات لبعض النشطاء من قادة حركة المقاومة الميدانيين، وهي سياسة تعكس جبنا وانعداما كاملا للقيم الاخلاقية.
اليوم يهدد ايهود اولمرت ومجلسه الوزاري المصغر باغتيال قادة حماس المدنيين من امثال اسماعيل هنية ومحمود الزهار وسعيد صيام، اعتقادا منه ان هذه التهديدات ستدفع هؤلاء الي الاستسلام ووقف اطلاق الصواريخ علي سديروت واستجداء الهدنة ووقف اطلاق النار.
التجارب اثبتت ان اغتيالات قادة الفصائل الفلسطينية لا تضعف ارادة المقاومة وانما تقويها، وتأتي بنتائج عكسية تماما، فاغتيال قادة حركة فتح الثلاثة في بيروت وعلي ايدي فرقة بقيادة باراك نفسه جعلت من الحركة القوة الضاربة الاكبر في المنطقة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
ہپہپہ
اغتيال قادة حماس الكبار مثل الشيخ احمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وسّعت من شعبية الحركة وقادتها الي الفوز باغلبية مقاعد المجلس التشريعي في اكثر الانتخابات نزاهة وحرية في تاريخ المنطقة.
حركة فتح لم تنته بعد اخراجها من لبنان بعد اجتياح عام 1982، وحركة حماس لن تختفي من الوجود في اي اجتياح اسرائيلي قادم لقطاع غزة، بل ربما ستصبح اكثر قوة وصلابة.
اجتياح غزة الذي يهدد به باراك بدعم من اولمرت وليفني ربما يكون الشرارة التي ستشعل حربا مدمرة في المنطقة، لن تخرج منها اسرائيل سليمة معافاة. فالاحتقان المتضخم بسبب الممارسات الاسرائيلية الفاجرة التي تجلت بوضوح في حصار مليون ونصف المليون في قطاع غزة ومنع كل سبل الحياة عنهم، وفرض الموت البطيء عليهم، بات ينتظر المفجر فقط. فالكيل طفح فعلا.
سمعنا الكثيرين من ابناء القطاع المحاصر، يقولون فليأتوا علي دباباتهم فالموت مرة واحدة، افضل من الموت جوعا وقهرا وبردا. ولكنه موت سيكون مكلفا جدا للاسرائيليين في جميع الاحوال."

No comments: