تصرف مصري رسمي معيب

تصرف مصري رسمي معيب

رأي القدس

"ان تصادر السلطات الامنية المصرية اسلحة او مخدرات، كانت في طريقها الى قطاع غزة، عبر شبكة الانفاق تحت الحدود، فهذا امر مفهوم، علاوة على كونه متوقعا، بسبب الضغوط الاسرائيلية والامريكية المفروضة على الحكومة المصرية، لكن ان تصادر هذه السلطات كميات كبيرة من الوقود والسلع الاساسية فهذا امر لا يقره عقل او منطق او دين.
فحسب البيان الرسمي قالت مصادر امنية مصرية ان اجهزة الامن في محافظة شمال سيناء صادرت كميات كبيرة من الوقود والسلع تتضمن 'مواد غذائية وقطع غيار، واجهزة منزلية، وملابس كانت معبأة في اجولة وعبوات بلاستيكية'.
والأكثر من ذلك ان البيان اكد على تدمير ثلاثة انفاق كانت تستخدم في تهريب هذه البضائع، ولم يتحدث عن اي اعتقالات في صفوف الفلسطينيين او المصريين المشاركين في عملية التهريب هذه.
فالشغل الشاغل للأمن المصري هذه الأيام هو العمل بكل حماس وجدية من اجل احكام الحصار على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، والتأكد من عدم وصول اي مواد غذائية او وقود لهم حتى تزداد معاناتهم، ولا مانع اذا ماتوا جوعاً او بسبب البرد نظراً لنقص الوقود اللازم للتدفئة مع قدوم فصل الشتاء القارس.
البضائع المهربة هذه ليست مدرجة على قائمة الممنوعات، كما انها مصرية المنشأ والتصنيع، اي انها لا تشكل اي مخالفة، بل ان تهريبها يساعد الاقتصاد المصري، ويوفر وظائف لبعض المصريين، سواء الذين يعملون في المصانع التي تنتجها او الآخرين المشاركين في عملية توصيلها ثم تهريبها الى المحاصرين في قطاع غزة.
الحكومة المصرية لم تسأل نفسها عن الاسباب التي تدفع الى تهريب هذه البضائع الاساسية الضرورية عبر الانفاق، وليس عبر المنافذ الشرعية مثل معبر رفح، لانها وبكل بساطة، تعرفها جيدا، بل وتتحمل المسؤولية الرئيسية لهذه الظاهرة المؤسفة.
اغلاق معبر رفح رضوخا للاملاءات الاسرائيلية والامريكية، ودون اي مسوغات قانونية او اخلاقية، او حتى قرار من الامم المتحدة، هو الذي ادى الى لجوء ابناء القطاع الى هذه الممارسات غير القانونية والخطرة في الوقت نفسه، فالانفاق لم تحفر لتهريب البضائع والاغذية والادوية عندما كان المعبر مفتوحا. ولكن عندما احكمت السلطات المصرية الحصار، بالتعاون مع نظيرتها الاسرائيلية، اضطر بعض ابناء القطاع الى كسر القواعد المألوفة، واللجوء الى التهريب مكرهين.
امر معيب ان تمنع السلطات المصرية احذية وقطع غيار وادوية واطعمة عن اشقاء من المفترض ان تتحمل مسؤولية اخلاقية وقانونية تجاههم، لانهم كانوا يخضعون رسميا لحكمها، عندما احتلت اسرائيل قطاع غزة، وما هو معيب اكثر ان تمنع قوافل المعونات التي جمعها ابناء مصر الشرفاء من التوجه الى قطاع غزة محملة بالادوية والمعدات الطبية تضامنا مع اشقائهم المحاصرين."