Sunday, June 20, 2010

وحدة الشعب الفلسطيني

A Very Good Article
By Dr. Abdul Sattar Qassem

د.عبد الستار قاسم


".....
كم فلسطيني هناك؟

تم تصنيف الفلسطينيين بعد عام 1948 في خانتين وهما فئة اللاجئين وفئة غير اللاجئين، لكن التصنيف اختلف الآن بحيث أصبح هناك ضفاوي وغزاوي وفلسطينيي 48 أو عرب 48 أو "عرب إسرائيل"، كما يحلو لبعضهم تسميتهم، وفلسطينيي لبنان، وفلسطينيي سوريا والأردن، وفتحاوي وحمساوي وعرب الجليل وعرب النقب وجبهاوي وإسلام الشمال وإسلام الجنوب، الخ.
....
العقلية القبلية

طورت قوى خارجية بالتعاون مع أنظمة وقيادات عربية كثيرة سياسة صناعة الهموم الخاصة، والتي يتبعها في النهاية صناعة ثقافات خاصة، لكن لا ننسى أيضا العقلية لقبلية التي ما زالت تعشش في عقوق العرب عموما، والتي تتغذى على فكرة الوحدة سواء على المستوى القومي أو القطري. حتى أن هذه العقلية التي تستلهم التعصب تسيطر في كثير من الأحيان على مسلمين متدينين وهم يعرفون تماما أن الإسلام قد شجع التعارف بين الناس ونبذ التعصب القبلي نبذا مطلقا.

تعبر هذه العقلية عن نفسها باستمرار من خلال الصراعات العائلية في كل مدينة وقرية، والوساطات والمحسوبيات في المؤسسات العامة، وفي المحاباة والنصرة وفض النزاعات، وهي تشد الناس في كثير من الأحيان إلى الاقتتال الداخلي أكثر مما تشدهم إلى قتال أعداء خارجيين.

هذه العقلية القبلية لا تقتصر على العائلات أو العشائر فقط وإنما امتدت لتشمل الأحزاب والفصائل، بحيث تبدو الآن الأحزاب والفصائل وكأنها قبائل محكومة بذات الأنماط السلوكية التعصبية التي جرّت العرب إلى نزاعات داخلية وقضت على فكرة المجتمع الأوسع.

هذا هو الشأن الفلسطيني الآن إذ تتصرف الفصائل والأحزاب إلى حد كبير وفق معايير القبلية وليس وفق معايير علمية مهنية. وكل فصل وحزب يدعي إنه يحرص على المصلحة الوطنية الفلسطينية، والتي تؤول في النهاية لتكون مصلحة الحزب أو الفصيل.
....
طريق إلى وحدة الشعب

أذكر باختصار بعض النقاط التي أعتبرها هامة نحو تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني، وإيقاف التدهور المستمر في النسيجين الأخلاقي والاجتماعي، وهي نقاط تفقد الكثير من قيمتها إن لم نعترف بأننا أخفقنا، وبقينا نصر على الانتصارات الوهمية، وأن علينا أن نراجع العديد من السياسات التي اتبعناها عبر الزمن:

أولا: من الضروري تطوير برامج ثقافية تربوية توحد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. صحيح أن هموم المكان لها أهمية، لكن من المفروض معالجة هذه الهموم ضمن بعد ثقافي تربوي أعم وأشمل من الدائرة الخاصة للمكان.

هذا العمل مهمة المثقفين والخبراء التربويين، وليس من شأن الفصائل لأنها أساءت تربويا أكثر بكثير مما أفادت. يعمل هؤلاء ضمن مظلة فلسطينية شاملة، وأرى أن تكون منظمة التحرير بعد إعادة ترتيبها وفق ميثاق جديد يجمع مختلف قطاعات وفئات الشعب هي المظلة.

ثانيا: التمسك بمبدأين هامين في طريقنا نحو استعادة حقوقنا وهما: ا) الوحدة الوطنية الفلسطينية تعلو على استرضاء القوى الخاجية أو إرضائها، وقوتنا الداخلية هي أساس استمرارنا، وليس الدعامات الخارجية. تتجسد الوحدة الوطنية في فكرة الاعتماد على الذات ما أمكن، ورفض كل ما يؤدي بنا إلى التواكل والاتكال على الغير؛ ب) يتطلب أي مس فلسطيني بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني إجماعا فلسطينيا، وإلا كانت النتيجة المزيد من الاقتتال الداخلي.

ثالثا: التركيز على البناء الداخلي لاكتساب قوة كافية تؤهلنا لانتزاع الحقوق، أو، إذا تطلبت الظروف، الجلوس على طاولة مفاوضات حقيقية. حتى الآن، خاض الفلسطينيون مفاوضات استجدائية وليس ندية، وليس للمستجدي في النهاية سوى بعض الإحسان.

رابعا: عدم جواز الاستئثار بالقرار الفلسطيني سواء كان ذلك متعلقا بالمكان أو بالشخص. وهنا أشير إلى التفرد في القرار الذي ميز الساحة افلسطينية عبر عشرات السنوات، وإلى حصر القضية الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة. شاء الآخرون تحويل قضية فلسطين إلى قضية احتلال حصل عام 1967، ونحن وقعنا في شرك يعمل كل يوم على تغييب الوعي الفلسطيني وتوجيه الناس نحو مصالحهم الذاتية. فلسطين ليست الضفة وغزة، وشعب فلسطين أكبر بكثير من الناس الموجودين في الضفة وغزة.
خامسا: عدم طرح مبادرات للحل. نحن مضطهدون مشردون، ويقع علينا عدوان مستمر منذ حوالي مائة عام، وما علينا إلا الإصرار على حقوقنا وعلى رأسها عودة اللاجئين وحق تقرير المصير. تلهينا كثيرا بطرح حلول لا يمكن أن يسمعها الطرف الآخر إلا إذا كنا أقوياء، فاستهلكنا أنفسنا، ومزقنا ذاتنا، واستهتر الآخرون بنا. دع الآخرين يطرحون حلولا، ولنا أن نناقشها، والآخرون لن يطرحوا حلولا ما دمنا نحن نطرح حلولا ينخفض سقفها مع الزمن.

سادسا: السلطة الفلسطينية القائمة حاليا عبارة عن أداة، ولا تملك أي استقلال، ورقبتها ورقاب الشعب مطوقة بحزام المال القادم من الدول المانحة، ومن الضروري التخلص منها تدريجيا لصالح مجلس إداري فلسطيني مكون من مهنيين مستقلين ووطنيين لا علاقة لهم بدول أو تنظيمات يقوم على إدارة شؤون الناس المدنية واليومية. وهذا يرخي السيل نحو إعادة بناء منظمة التحرير التي ستتسلم إدارة شؤون الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات.

المصالحة

يركز الناشطون على المصالحة الفلسطينية، أي المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وهذا تركيز لا أراه يصيب المشكلة. الاقتتال بين فتح وحماس ليس سببا وإنما نتيجة لتراكم المشاكل وللإخفاقات التي أصابت الشعب الفلسطيني، وهو ليس اقتتالا نادرا، بل هو متكرر منذ زمن بعيد: من اقتتال بين العائلات إلى اقتتال بين فتح والشعبية، فتح والديمقراطية، فتح والناصريين، فتح وفتح، الخ، وإذا كان لنا أن نعالج الأمر فإن علينا معالجة الجذور والتي ذكرت بعضها أعلاه. لقد سبق أن تصالحنا، وتبادلنا القبل وتعانقنا، لكن ذلك لم يقض على أسباب الصراع الدموي. وسبق لحماس وفتح أن وقعتا اتفاق القاهرة عام 2005، واتفاق مكة عام 2007، لكن التطبيق العملي لما تم الاتفاق عليه لم يتم.

من الصعب أن نجد فلسطينيا يعترض على المصالحة، لكن المسألة أعمق بكثير من مجرد اللقاء والتوقيع على اتفاق، وهي تتعلق بالإرادة الفلسطينية الحرة ومشاركة الشعب في اتخاذ القرار. فهل نمتلك إرادة حرة مستندة على تفاعل شعبي قادر على ردع الفصائل وتقويم المسار الوطني؟
"

No comments: