"....
فبعد أن حطم الشبان السوريون جدار الخوف السميك، الذي شيده النظام بأنين معارضيه، لم يعد الخوف مبرراً. لم يعد الصمت مقبولاً، فماذا يعني أن تكون مثقفاً سوريا وتصمت على رصاص الأمن الحاصد؟ ما جدوى الكلمة إن لم تقل الآن وهنا؟ كيف يمكن لشاعر أو كاتب يرى بلاده تترنَّح تحت ضربات رجال الأمن والشبِّيحة ويدير ظهره أو يضع يده على فمه؟
يد النظام
من السهل قول قولي هذا من لندن وليس من دمشق. لست قريباً من يد النظام كي ترمي بي في أقرب سجن. أعرف ذلك. لا شجاعة، كذلك، في قولي هذا ما دمت بعيداً عن غيلان الأمن السوري وبطش سجانيه. لسنا في الثمانينات عندما كانت مسدسات النظام كاتمة الصوت تتجول في أوروبا. ولست أحرّض أصدقائي وزملائي على ما أنا في منجى منه. ولكني لا أجد أمامي، في هذا الوقت السوري الصعب، سوى هذه الكلمات "السهلة". سوى هذا الموقف "غير مدفوع الثمن". لا أملك وأنا أرى الدم السوري يسيل بيد نظام من مخلفات الحرب الباردة، نظام قزَّم سوريا العظيمة، كبح جماح خيالها، أعاقها عن النمو، حولها مزرعة أبدية للجنرالات وأبنائهم وأحفادهم، سوى هذه الكلمات المدفوعة بحماسة قد تبدو للآخرين زائدة.
وكما قال "حكيم" الثورة التونسية، الرجل الذي يمسّد شعر رأسه الأشيب بيده المرتجفة أمام الكاميرا، أقول لأصدقائي المثقفين السوريين: لقد شابت نواصيكم وأنتم تنتظرون هذه اللحظة التاريخية التي أتاحها لبلادكم هؤلاء الفتيان الشجعان فلا تتركوا دمهم يسيل بلا نصير. لا تخذلوهم في خروجهم الكبير إلى الحرية. لا تتركوا الرصاص يخمد جذوة الأمل. هذا وقتكم. هذا أوانكم. إنه وقت كلماتكم المحبوسة، قسراً، في الصدور.
النظام البوليسي الذي فاق كذبه آلة قمعه لا يزال يكذب. إنه يراوغ للإفلات من استحقاق التاريخ، فضيقوا عليه الخناق. الأيام الأفضل التي حلمت بها قصائدكم ونصوصكم قد وصلت... في غيابكم غير المفهوم حتى الآن.
"
فبعد أن حطم الشبان السوريون جدار الخوف السميك، الذي شيده النظام بأنين معارضيه، لم يعد الخوف مبرراً. لم يعد الصمت مقبولاً، فماذا يعني أن تكون مثقفاً سوريا وتصمت على رصاص الأمن الحاصد؟ ما جدوى الكلمة إن لم تقل الآن وهنا؟ كيف يمكن لشاعر أو كاتب يرى بلاده تترنَّح تحت ضربات رجال الأمن والشبِّيحة ويدير ظهره أو يضع يده على فمه؟
يد النظام
من السهل قول قولي هذا من لندن وليس من دمشق. لست قريباً من يد النظام كي ترمي بي في أقرب سجن. أعرف ذلك. لا شجاعة، كذلك، في قولي هذا ما دمت بعيداً عن غيلان الأمن السوري وبطش سجانيه. لسنا في الثمانينات عندما كانت مسدسات النظام كاتمة الصوت تتجول في أوروبا. ولست أحرّض أصدقائي وزملائي على ما أنا في منجى منه. ولكني لا أجد أمامي، في هذا الوقت السوري الصعب، سوى هذه الكلمات "السهلة". سوى هذا الموقف "غير مدفوع الثمن". لا أملك وأنا أرى الدم السوري يسيل بيد نظام من مخلفات الحرب الباردة، نظام قزَّم سوريا العظيمة، كبح جماح خيالها، أعاقها عن النمو، حولها مزرعة أبدية للجنرالات وأبنائهم وأحفادهم، سوى هذه الكلمات المدفوعة بحماسة قد تبدو للآخرين زائدة.
وكما قال "حكيم" الثورة التونسية، الرجل الذي يمسّد شعر رأسه الأشيب بيده المرتجفة أمام الكاميرا، أقول لأصدقائي المثقفين السوريين: لقد شابت نواصيكم وأنتم تنتظرون هذه اللحظة التاريخية التي أتاحها لبلادكم هؤلاء الفتيان الشجعان فلا تتركوا دمهم يسيل بلا نصير. لا تخذلوهم في خروجهم الكبير إلى الحرية. لا تتركوا الرصاص يخمد جذوة الأمل. هذا وقتكم. هذا أوانكم. إنه وقت كلماتكم المحبوسة، قسراً، في الصدور.
النظام البوليسي الذي فاق كذبه آلة قمعه لا يزال يكذب. إنه يراوغ للإفلات من استحقاق التاريخ، فضيقوا عليه الخناق. الأيام الأفضل التي حلمت بها قصائدكم ونصوصكم قد وصلت... في غيابكم غير المفهوم حتى الآن.
"
No comments:
Post a Comment