A Great Article (Arabic)
سامي لطيف
"قلت للمرجع الإسلامي الكبير آية الله العظمي محمد حسين فضل الله لماذا لا تطلبون من المراجع الدينية والسياسية لإخواننا الشيعة فــــي العراق، ان يقوموا بتحديد جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال الأمريكي، فان في ذلك إثبـــــاتا دامغا لموقفهم الذي تثار بشأنه التساؤلات من الاحــــتلال، كما ان فيه تطمينا لإخوانهم المقـــاومين ونزعـــا لإحدي فتائل الصراع المذهبي الذي بدأ ظلامه يلف العراق.
.......
من هنا اعتقد اننا في معرض تناولنا للأزمة المترتبة علي الاحتلال الأمريكي للعراق، وما تفرع عنها من كوارث وأزمات، ينبغي في الشق المتعلق بالعلاقة مع إيران وبحث الدور الإيراني في العراق، أن نتوقف عند ظاهرة التوافق علي تأييد عملية الاغتيال الهمجي المسمي إعداماً للرئيس الشهيد صدام حسين، بين كل من المراجع الدينية والقيادات السياسية الإيرانية والإدارة الأمريكية صاحبة قرار الإعدام، وأيضا المسؤولين الصهاينة، هذا التوافق الملفت علي المحاكمة المهزلة، ثم علي الإعدام يحفزنا إلي التساؤل المحق حول طبيعة الاستراتيجية الإيرانية في العراق، لا بل للتساؤل: كيف يفهم الإيرانيون الاستراتيجية؟
.......
إيران تعمل علي إطالة عمر الاحتلال الأمريكي للعراق بعدم دعمها للمقاومة ضده، والرموز الدينية المحسوبة علي الخط الصفوي ضمن الشيعة مثل آية الله السيستاني، تسرّع لمهادنة الاحتلال وتضمن التعامل مع الاحتلال ومنتجاته وتفريخاته الحزبية وازلامه في سلطة عميلة له وتخضع لسياساته.
ہ إيران تسعي إلي استبعاد وتقزيم وتهميش السنة في العراق، فهل يعبر ذلك كله عن مصالح إيران الاستراتيجية وهل يخدمها؟
إذا كان الأمر كذلك فكيف تفهم إيران الاستراتيجية؟
......
تعالوا نبحث عن احد ما يقول لنا ماذا يعني الإمام بذلك، فأمريكا هي التي تسمي من يقاومونها في العراق بالإرهابيين، وأمريكا هي التي تتهم البعثيين السابقين في العراق بأنهم رأس الحربة في قوات المقاومة العراقية ضدها مع تنظيم القاعدة، أي ان إيران وبوضوح تام تتفق مع أمريكا ضد المقاومة العراقية وضد المقاومين للاحتلال في العراق، وان كانت هي تدعو أمريكا للرحيل، وهذان مفهومان متناقضان يعنيان شيئا واحداً في الاستراتيجية أو في الفهم الاستراتيجي، وهو ان إيران لا تريد نفوذاً امريكياً في العراق، لأنها تريد نفوذها هي، ولا تريد قرارا أمريكيا في العراق لأنها تريد أن يظل القرار لها وحدها.
........
فالإسرائيليون لا ينقصهم الوضوح ولا تعوزهم الصراحة في تحديد أهدافهم وخطتهم الاستراتيجية في العراق، ولذلك فان انسجام الدور الإيراني مع تلك الأهداف وتناغم السياسات الإيرانية مع تلك الخطة يثيران عندنا من التوجس بقدر ما يثيران من الحنق، ويبدو ان أحدا في طهران قد أضاع البوصلة منذ فترة ليست بالقصيرة، فإيران لا تفعل في العراق سوي الخطة الاستراتيجية الإسرائيلية وسياساتها هي خدمات مجانية للاحتلال الأمريكي ولولاها لما تحمل البقاء ثلاثة اشهر وليس ثلاث سنوات.
........
من حقنا إذن أن نسأل الإيرانيين بمنتهي القوة: لماذا يساعدون الإسرائيليين والأمريكيين ضد الأمة العربية وضد المسلمين؟
إننا دعاة وحدة عربية، ودعاة وحدة إسلامية، ونحن لا ننكر اننا قد استبد بنا الفرح لتفجر الثورة الإسلامية في إيران ضد الشاه، واننا قدرنا كثيرا وقفة الإمام الخميني التاريخية ضد أمريكا وضد الصهيونية والإجراءات التي اتخذتها الثورة غداة قيامها لصالح القضية العربية والإسلامية الأولي قضية فلسطين، ونحن كنا كعرب وكمسلمين ضد النظام الرسمي العربي في عدائه لإيران وفي انحيازه للغرب ضدها علي كل صعيد، بل إننا كنا قد عارضنا صدام حسين في حربه ضد إيران منذ بدايتها، لأننا علمنا ان هذه الحرب خدمة غير مباشرة لأعدائنا جميعا نحن والإيرانيين، وفي مقدمة هؤلاء الأعداء الكيان الصهيوني نفسه، عارضنا الرئيس صدام في حربه علي إيران واعتبرناها اضعافا غير مبرر لمنظومة الأمن القومي ـ الإسلامي وشذوذا عن خط استنهاض الأمة في مواجهة الصهيونية والإمبريالية الأمريكية، وعارضنا تلك الحرب منذ بدايتها لأننا شعرنا اننا كلنا بسببها خاسرون، وهي حرب تحتاج منا ومن الإيرانيين إلي إعادة قراءة لأسبابها ونتائجها كي لا تتكرر الكارثة وكي نجتهد معاً لمعالجة الأخطاء قبل استفحالها، حيث ان مؤشرات مستجدة علي وقوع مثل هذه الأخطاء تملأ الواقع السياسي اليومي الراهن.
ولعل لوقفتنا المعارضة لحرب صدام ضد إيران المنطلق ذاته الذي يحفزنا اليوم لمعارضة ما نراه تجاوزاً ايرانياً لمصالح الأمة العربية والمصالح الإسلامية المشتركة، كنا نرجو أن تراعيها طهران وتحرص عليها كما نحرص.
.......
ترتكب إيران خطيئة كبري بحق الأمتين العربية والإسلامية، ومن حقنا أن نطالبها بمراجعة سريعة بل وفورية لاستراتيجيتها في العراق، إن لم نطالبها بتعديل فهمها الخاص بالاستراتيجية فكل شيء واضح، بل وفي غاية الوضوح، وفي إيران ـ نحن نثق تماما ـ قوي ورموز عاقلة رشيدة حكيمة لديها الرغبة ونتمني أن تكون لديها القدرة علي تصحيح الأخطاء والتطهر من الخطايا.
علي إيران أن تدرك اننا قد نبدو ضعفاء مشتتين الآن كعرب، إلا أن عوامل النهوض فينا قوميا وإسلاميا لما تزل تقوي، وعوامل الضعف التي مردها النظام الرسمي العربي ليست أبدية ولا قاهرة.
......
وعلي إيران أن تدرك ان الأمة العربية هي رصيدها التاريخي والشرعي، وانها إذا كانت اليوم مجزأة وتنهشها عوامل ضعــــف وتناقضات داخلية، فان إيران ذاتها لا تخلو من عوامل ضعف وتناقضات داخلية بدورها، ويوم تتعرض إيران ـ لا سمح الله ـ لضربة إسرائيلــــية أو غربية فان زخمها الأول وشارعها الأكبر هو الشارع العربي، الذي تستهين به الآن ولا تحسب له حساباً عبر سعيها الدؤوب مع العناصر العميلة لتفتيت العراق وإنهائه كدولة قوية مستقرة.
......"
No comments:
Post a Comment