Sunday, April 27, 2008

هل هبط السقف العربي للتسوية الفلسطينية؟


ياسر الزعاترة

"طوال عقود، تحديداً منذ اعتراف جمال عبد الناصر بالقرار الدولي 242 بعد هزيمة عام 1967، التزم النظام العربي الرسمي بسقف محدد في التعاطي مع القضية الفلسطينية يتمثل في ما يعرف بقرارات الشرعية الدولية، وخلاصتها دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، مع عودة اللاجئين إلى ديارهم بموجب القرار الدولي 194.

في قمة بيروت 2002 طرحت المبادرة العربية للسلام التي التزمت عملياً بنفس القرارات لكنها تراجعت في بند اللاجئين إذ تحدثت عن حل بالتوافق، ما يعني عملياً شطب حق العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948 واستبداله بالتعويض إلى جانب العودة إلى أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة.

وهذا البعد يبدو مثيراً للدهشة إذ ترجّح الأوساط السياسية المعنية بالملف أن أرقام التعويضات التي تطرح في هذا السياق ليست رهينة المبالغة فحسب، بل إن ما سيقر منها إنما سيدفع من جيب العرب أنفسهم أيضاً، وبخاصة الدول النفطية، لاسيما أن الإسرائيليين يتنصلون منها بالحديث عن مقايضتها بتعويضات اليهود العرب الذي غادروا بلادهم إلى الدولة العبرية.
.....
.....
ما بين قمة شرم الشيخ السعودية المصرية التي عقدت نهاية الثلث الأول من أبريل/ نيسان الجاري، وبين القمة المرتقبة بحضور الرئيس الأميركي جورج بوش والمصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت منتصف مايو/ أيار القادم، يبدو مشهد التسوية مختلفاً إلى حد كبير.

يبدو مختلفا لأن معطيات كثيرة ما زالت تشير إلى أن الصفقة قد أعدت وانتهى الأمر، أو أنه على الأقل في طور الإعداد بسبب تفاصيل عالقة ينتظر الاتفاق عليها، وهذا التفاؤل غير العادي الذي يبديه عباس وبوش لا يمكن أن يكون مجانياً بحال، تماماً كما هو حال مئات الساعات من المفاوضات السرية والعلنية بين الطرفين.

لا شك أن توفير المرجعية العربية للاتفاق المرتقب يبدو بالغ الأهمية، وحين تدعم القاهرة والرياض اتفاق التسوية رغم أن سقفه أسوأ مما عرض في كامب ديفد عام 2000، ففي ذلك ما يدل على تراجع الوضع العربي، إلى جانب استهداف حماس ووجودها في قطاع غزة، عبر الحصار أو عبر الجهد الاستخباري بشتى تجلياته المعروفة للمعنيين
.

وحدها مغامرة عسكرية أميركية أو إسرائيلية ضد إيران، وربما سوريا أو لبنان، هي ما يمكن أن يخلط الأوراق ويوقف اللعبة، الأمر الذي قد ينسحب على اجتياح لقطاع غزة ينتهي بالفشل.

لكن النجاح الأولي للصفقة المتوقعة لا يعني الكثير في واقع الحال، فقوى المقاومة والممانعة في المنطقة تبدو في وضع جيد مقابل الأزمات المستعصية التي تعيشها الأطراف الأخرى.

وهذه الصحوة الإسلامية المدججة بإرادة المقاومة التي تشيع في المنطقة لا يمكن أن تمرر تسوية من هذا النوع، فكيف إذا كانت مؤقتة على قاعدة خريطة طريق تبدأ بقمع المقاومة بذات المسلسل الذي تابعناه خلال مسلسل أوسلو؟!"

No comments: