فاضل الربيعي
"تحت سطح الأحداث العنيفة، غالباً ما يدور صراع خفي بين "الحلفاء" لا بين الخصوم وحسب. وفي حالة العراق الراهنة، حيث تختلط صور الحلفاء بالخصوم بطريقة يصعب توقعها، بحيث يتحول "صديق الأمس" بسهولة إلى "عدو اليوم"، نتيجة تعارض المصالح أو الآراء أو درجة الولاء المطلوب، فإن التفاعلات الخطيرة التي تجري تحت السطح، ستبدو أنها أكثر خطورة بالفعل من الظواهر البارزة فوق السطح.
وقد بينت وقائع الأيام الماضية من الشد والجذب بين إيران وبعض أطراف الائتلاف الشيعي -وبشكل أخص حزب الدعوة/جناح المالكي- على خلفية المعارك الدامية في البصرة ومدينة الصدر، أن إيران تخوض صراعاً خفياً ضد بعض حلفائها، وأنها تقترب من موعد مواجهة شبه محتومة معهم، وقد تصبح على أعتاب مواجهة مكشوفة مع قوى أخرى داخل الائتلاف نفسه.
ولعل إصرار حكومة المالكي على المضي قدماً في التعاون مع الأميركيين والاعتماد المكشوف على دعمهم وحمايتهم من أجل مواصلة الحرب على الصدريين، بل وإصرارها على الاستمرار في عمليات القصف الوحشي لمنازل المدنيين في بعض المدن الشيعية، وبشكل أخص مدينة الصدر الفقيرة والمنكوبة، هو من بين إشارات كثيرة تدل على بداية مرحلة "قطيعة" متوقعة بين إيران وحلفائها.
....
من الناحية التاريخية، كان هناك وباستمرار عداء خفيّ شبه مُستحكم بين إيران وحزب الدعوة، يعود في جذوره إلى الأيام الأولى من الثورة الخمينية، عندما فجرّ بعض قادة الثورة -استناداً إلى وثائق رسمية- فضيحة "ارتباط حزب الدعوة بالمخابرات البريطانية والسافاك"، وأن هذا الحزب لم يتأسس في العراق في خمسينيات القرن قبل الماضي إلا نتيجة تواطؤ الشاه مع البريطانيين.
لذلك سارع الخميني بحلول صيف عام 1980 إلى دعم خطة تقدم بها الحرس الثوري لتأسيس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة باقر الحكيم (الشقيق الأكبر لعبد العزيز الذي قتل في انفجار سيارة مُفخخة).
في هذا الوقت كان موفق الربيعي يترك صفوف حزب الدعوة ويعيد تقديم نفسه من لندن كطرف مستقل، ولكن أكثر ارتباطاً بالبريطانيين الذين سيعيدون تقديمه مع مطلع التسعينيات إلى الأميركيين بوصفه قناة الاتصال الفعالة مع الأحزاب الشيعية.
.....
اليوم، ومع تصاعد نبرة العداء لسياساتهم في العراق -وهذه أخذت مؤخرا صورة نقد لاذع يصدر باستمرار عن أطراف وجماعات وعشائر شيعية- ومع استمرار وزارة الداخلية في سياسة "الكشف عن عمليات تهريب أسلحة إيرانية إلى المليشيات الشيعية".. يشعر الإيرانيون أنهم قد ينزلقون نحو صراع مكشوف ضد أقرب حلفائهم.
ولأن مثل هذا التطور يعكس بدرجة كافية من الوضوح مدى استعداد كل أطراف الصراع في العراق لإعادة ترتيب أوراقها استعداداً لمرحلة جديدة، فقد يكون من المحتمل أن إيران استشعرت مبكراً إمكانية انحياز بعض حلفائها إلى السياسة الأميركية وانتقالهم نهائياً إلى "جبهة أعداء إيران".
والمثير للسخرية أن بعض الأطراف الشيعية الحاكمة في العراق أخذت في الآونة الأخيرة تستخدم كلمات مثل الحفاظ على عروبة العراق في سياق نقدها للنفوذ الإيراني، وهو التعبير نفسه الذي استخدمته كوندوليزا رايس أثناء زيارتها لبغداد عشية اجتماع دول الجوار في الكويت، حين خاطبت المسؤولين الحكوميين بأن عليهم "الحفاظ على عروبة العراق".
هذه "العروبة" التي يدافع عنها المالكي والربيعي ورايس هي "عتاد حربي" لمعركة أميركية توشك أن تندلع ضد إيران، لا أكثر ولا أقل."
"تحت سطح الأحداث العنيفة، غالباً ما يدور صراع خفي بين "الحلفاء" لا بين الخصوم وحسب. وفي حالة العراق الراهنة، حيث تختلط صور الحلفاء بالخصوم بطريقة يصعب توقعها، بحيث يتحول "صديق الأمس" بسهولة إلى "عدو اليوم"، نتيجة تعارض المصالح أو الآراء أو درجة الولاء المطلوب، فإن التفاعلات الخطيرة التي تجري تحت السطح، ستبدو أنها أكثر خطورة بالفعل من الظواهر البارزة فوق السطح.
وقد بينت وقائع الأيام الماضية من الشد والجذب بين إيران وبعض أطراف الائتلاف الشيعي -وبشكل أخص حزب الدعوة/جناح المالكي- على خلفية المعارك الدامية في البصرة ومدينة الصدر، أن إيران تخوض صراعاً خفياً ضد بعض حلفائها، وأنها تقترب من موعد مواجهة شبه محتومة معهم، وقد تصبح على أعتاب مواجهة مكشوفة مع قوى أخرى داخل الائتلاف نفسه.
ولعل إصرار حكومة المالكي على المضي قدماً في التعاون مع الأميركيين والاعتماد المكشوف على دعمهم وحمايتهم من أجل مواصلة الحرب على الصدريين، بل وإصرارها على الاستمرار في عمليات القصف الوحشي لمنازل المدنيين في بعض المدن الشيعية، وبشكل أخص مدينة الصدر الفقيرة والمنكوبة، هو من بين إشارات كثيرة تدل على بداية مرحلة "قطيعة" متوقعة بين إيران وحلفائها.
....
من الناحية التاريخية، كان هناك وباستمرار عداء خفيّ شبه مُستحكم بين إيران وحزب الدعوة، يعود في جذوره إلى الأيام الأولى من الثورة الخمينية، عندما فجرّ بعض قادة الثورة -استناداً إلى وثائق رسمية- فضيحة "ارتباط حزب الدعوة بالمخابرات البريطانية والسافاك"، وأن هذا الحزب لم يتأسس في العراق في خمسينيات القرن قبل الماضي إلا نتيجة تواطؤ الشاه مع البريطانيين.
لذلك سارع الخميني بحلول صيف عام 1980 إلى دعم خطة تقدم بها الحرس الثوري لتأسيس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة باقر الحكيم (الشقيق الأكبر لعبد العزيز الذي قتل في انفجار سيارة مُفخخة).
في هذا الوقت كان موفق الربيعي يترك صفوف حزب الدعوة ويعيد تقديم نفسه من لندن كطرف مستقل، ولكن أكثر ارتباطاً بالبريطانيين الذين سيعيدون تقديمه مع مطلع التسعينيات إلى الأميركيين بوصفه قناة الاتصال الفعالة مع الأحزاب الشيعية.
.....
اليوم، ومع تصاعد نبرة العداء لسياساتهم في العراق -وهذه أخذت مؤخرا صورة نقد لاذع يصدر باستمرار عن أطراف وجماعات وعشائر شيعية- ومع استمرار وزارة الداخلية في سياسة "الكشف عن عمليات تهريب أسلحة إيرانية إلى المليشيات الشيعية".. يشعر الإيرانيون أنهم قد ينزلقون نحو صراع مكشوف ضد أقرب حلفائهم.
ولأن مثل هذا التطور يعكس بدرجة كافية من الوضوح مدى استعداد كل أطراف الصراع في العراق لإعادة ترتيب أوراقها استعداداً لمرحلة جديدة، فقد يكون من المحتمل أن إيران استشعرت مبكراً إمكانية انحياز بعض حلفائها إلى السياسة الأميركية وانتقالهم نهائياً إلى "جبهة أعداء إيران".
والمثير للسخرية أن بعض الأطراف الشيعية الحاكمة في العراق أخذت في الآونة الأخيرة تستخدم كلمات مثل الحفاظ على عروبة العراق في سياق نقدها للنفوذ الإيراني، وهو التعبير نفسه الذي استخدمته كوندوليزا رايس أثناء زيارتها لبغداد عشية اجتماع دول الجوار في الكويت، حين خاطبت المسؤولين الحكوميين بأن عليهم "الحفاظ على عروبة العراق".
هذه "العروبة" التي يدافع عنها المالكي والربيعي ورايس هي "عتاد حربي" لمعركة أميركية توشك أن تندلع ضد إيران، لا أكثر ولا أقل."
No comments:
Post a Comment