A VERY GOOD ANALYSIS
"طالما أننا عجزنا عن الدفاع عن وحدة السودان، فربما يفيدنا أن نفهم ما جرى، ربما نبهنا ذلك إلى أن انفصال الجنوب ليس نهاية المطاف، ولكنه حلقة في مسلسل تفكيك العالم العربي وتطويق مصر.
منذ وقت مبكر للغاية أدرك قادة الحركة الصهيونية أن الأقليات في العالم العربي تمثل حليفا طبيعيا لإسرائيل. من ثم خططت لمد الجسور معها، فتواصل رجالها مع الأكراد في العراق وسكان جنوب السودان، والموارنة في لبنان، والأكراد في سوريا والعراق، والأقباط في مصر.
واعتمدت في مخططها على مبدأ فرق تسد. حيث اعتبرت أن تلك هي الوسيلة الأنجع لتفتيت الوطن العربي من خلال خلق كيانات انفصالية في داخله. واستهدفت بذلك إعادة توزيع القوى في المنطقة على نحو يجعل منها مجموعة من الدول الهامشية المفتقدة لوحدتها وسيادتها، مما يسهل على إسرائيل بالتعاون مع دول الجوار غير العربية، مهمة السيطرة عليها الواحدة تلو الأخرى فيما بعد
.....
لست صاحب الفقرات السابقة، ولكنني نقلتها نصا من كتاب "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان" الذي صدر عام 2003 عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا. ومؤلفه هو عميد الموساد المتقاعد موشى فرجي. وقد سبق أن استشهدت به وأشرت إليه أكثر من مرة، لكنني اعتبرت أن استعادة الشهادة في الوقت الراهن لها مذاقها الخاص، لأننا بصدد لحظة حصاد ثمار الزرع الذي غرسته إسرائيل والقوى الدولية الواقفة معها منذ خمسينيات القرن الماضي.
.....
ديختر:
كان لابد أن تعمل إسرائيل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لعدم تمكينه من بناء دولة قوية موحدة, وهذا المنظور الإستراتيجي يشكل أحد ضرورات دعم وتنظيم الأمن القومي الإسرائيلي
....
حينما بدا أن حركة التمرد على وشك الانتهاء في عام 1969، بذلت إسرائيل جهدا هائلا لحث المتمردين الجنوبيين على مواصلة قتالهم، على اعتبار أنهم يخوضون صراعا قوميا مصيريا
.....
من تلك الملاحظات أيضا أنه في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تدعم الجنوبيين بالسلاح، فإن الدول الغربية كانت تواصل مساعيها الدبلوماسية لترتيب أمر انفصال الجنوب من خلال الاستفتاء. فاتفاقية نيفاشا للسلام التي وقعت بين حكومة الخرطوم والمتمردين تمت برعاية أميركية نرويجية بريطانية إضافة إلى منظمة إيغاد. وهذه الاتفاقية تم التوصل إليها عبر سلسلة من المفاوضات المتقطعة في أديس أبابا ونيروبي وأبوجا عاصمة نيجيريا. كما أن اتفاق ماشكوس الأول تم بناء على مبادرة قدمتها الولايات المتحدة.
منذ أكثر من نصف قرن وهم يمهدون للانفصال بالسلاح في جانب وبالضغوط والألاعيب الخبيثة في جانب آخر
....
لقد خططوا لأجل الانفصال وتحقق لهم ما أرادوا. أما العرب فقد وقفوا متفرجين على ما يجري وذاهلين عن مراميه. وكانت النتيجة أن الذي زرع حصد الاستقلال، ومن وقف متفرجا ذاهلا حصد الخيبة، التي أرجو أن لا تتبع بخيبات أخرى في العام الجديد.
"
No comments:
Post a Comment