ياسر الزعاترة
"من تونس جاءت الرسالة واضحة كل الوضوح. من هنا تبدأ مسيرة الإطاحة بالطغاة. رسالة عنوانها أن حالة الصمت التي استمرت خلال العقدين الأخيرين ليس معناها الرضا، وأن لعبة الديمقراطية المفرغة من المضمون، وإن تمكنت من تهدئة نيران الغضب لبعض الوقت، فهي لم تتمكن من إطفائها، ولعلها كانت تساهم في تأجيجها على نحو تدريجي بسبب ما ترتب عليها من ممارسات وتداعيات
....
خلال العقدين الأخيرين تكاثرت الانتخابات، وانشغلت قوى المعارضة (بخاصة الإسلامية التي تمثل الثقل الأكبر في الشارع) بالمشاركة فيها، لكن ذلك لم ينعكس إيجابا على حياة المواطن، لا على صعيد الحريات، ولا على صعيد الوضع المعيشي، بينما استفادت قوى السلطة بالحصول على مزيد من الشرعية
.....
والحال أن ما أخر ترجمة الغضب الشعبي في مواجهة ذلك كله إلى حراك في الشارع، إنما يتعلق بعسكرة المجتمع والسطوة الاستثنائية لأجهزة الأمن التي صرف عليها من دم الشعوب لكي تبقى تابعا لمن يعطيها الأوامر، بدليل ردها المفرط في القوة على الاحتجاجات، أما الذي لا يقل أهمية فيتمثل في الديمقراطية المزيفة التي أشغلت قوى المعارضة، لاسيما الإسلامية منها في عملية لم تسمن ولم تغن من جوع، بل نجحت في استيعاب تلك القوى والكثير من رموزها في سياق لا صلة له بهموم الناس، الأمر الذي أخذت بعض تلك القوى تدركه بهذا القدر أو ذاك، فيما بقي بعضها الآخر يجادل في صحة مساره رغم كل ما جرى ويجري.
.....
في ضوء ذلك كله، يمكن القول إنه آن للقوى الحية في العالم العربي، وفي مقدمتها الإسلامية، أن تتحرك لقيادة الشارع من أجل التغيير الحقيقي الذي يمنح الحرية للناس في تحديد مصيرهم، ويضع حدا لعبثية المشهد القائم، أما الإصلاح بمعناه الترقيعي فلم يعد مقبولا بأي حال.
ليس أمام هذه القوى سوى تمثيل الشارع وغضبه، بل وتدريبه على النضال السلمي القادر على مواجهة عسف الأنظمة وشراسة أجهزتها الأمنية، مع العلم أنه كلما كانت ردود تلك الأجهزة أكثر عنفا اقترب فجر التغيير، لأن الدماء التي تسيل في نضال سلمي تختلف عن تلك التي تسيل في مواجهة عبثية بين تنظيم محدود وأجهزة أمنية مدججة بأدوات القوة. وعموما ليس ثمة تغيير من دون دماء وتضحيات، وهذه الأنظمة لن تستسلم بسهولة، لكنها ستفعل عندما تدرك أن لا مناص من ذلك.
الأهم من ذلك أن يتم ذلك من خلال تحالفات واسعة بين قوى المجتمع الحية، وذلك من خلال عنوان عريض يجمع سائر القوى يتمثل في أولوية الحرية، وحين يستعيد المجتمع حريته المسلوبة، سيكون بوسعه أن يحقق الإجماع على الأفكار ومسار الحكم،
....
"
"من تونس جاءت الرسالة واضحة كل الوضوح. من هنا تبدأ مسيرة الإطاحة بالطغاة. رسالة عنوانها أن حالة الصمت التي استمرت خلال العقدين الأخيرين ليس معناها الرضا، وأن لعبة الديمقراطية المفرغة من المضمون، وإن تمكنت من تهدئة نيران الغضب لبعض الوقت، فهي لم تتمكن من إطفائها، ولعلها كانت تساهم في تأجيجها على نحو تدريجي بسبب ما ترتب عليها من ممارسات وتداعيات
....
خلال العقدين الأخيرين تكاثرت الانتخابات، وانشغلت قوى المعارضة (بخاصة الإسلامية التي تمثل الثقل الأكبر في الشارع) بالمشاركة فيها، لكن ذلك لم ينعكس إيجابا على حياة المواطن، لا على صعيد الحريات، ولا على صعيد الوضع المعيشي، بينما استفادت قوى السلطة بالحصول على مزيد من الشرعية
.....
والحال أن ما أخر ترجمة الغضب الشعبي في مواجهة ذلك كله إلى حراك في الشارع، إنما يتعلق بعسكرة المجتمع والسطوة الاستثنائية لأجهزة الأمن التي صرف عليها من دم الشعوب لكي تبقى تابعا لمن يعطيها الأوامر، بدليل ردها المفرط في القوة على الاحتجاجات، أما الذي لا يقل أهمية فيتمثل في الديمقراطية المزيفة التي أشغلت قوى المعارضة، لاسيما الإسلامية منها في عملية لم تسمن ولم تغن من جوع، بل نجحت في استيعاب تلك القوى والكثير من رموزها في سياق لا صلة له بهموم الناس، الأمر الذي أخذت بعض تلك القوى تدركه بهذا القدر أو ذاك، فيما بقي بعضها الآخر يجادل في صحة مساره رغم كل ما جرى ويجري.
.....
في ضوء ذلك كله، يمكن القول إنه آن للقوى الحية في العالم العربي، وفي مقدمتها الإسلامية، أن تتحرك لقيادة الشارع من أجل التغيير الحقيقي الذي يمنح الحرية للناس في تحديد مصيرهم، ويضع حدا لعبثية المشهد القائم، أما الإصلاح بمعناه الترقيعي فلم يعد مقبولا بأي حال.
ليس أمام هذه القوى سوى تمثيل الشارع وغضبه، بل وتدريبه على النضال السلمي القادر على مواجهة عسف الأنظمة وشراسة أجهزتها الأمنية، مع العلم أنه كلما كانت ردود تلك الأجهزة أكثر عنفا اقترب فجر التغيير، لأن الدماء التي تسيل في نضال سلمي تختلف عن تلك التي تسيل في مواجهة عبثية بين تنظيم محدود وأجهزة أمنية مدججة بأدوات القوة. وعموما ليس ثمة تغيير من دون دماء وتضحيات، وهذه الأنظمة لن تستسلم بسهولة، لكنها ستفعل عندما تدرك أن لا مناص من ذلك.
الأهم من ذلك أن يتم ذلك من خلال تحالفات واسعة بين قوى المجتمع الحية، وذلك من خلال عنوان عريض يجمع سائر القوى يتمثل في أولوية الحرية، وحين يستعيد المجتمع حريته المسلوبة، سيكون بوسعه أن يحقق الإجماع على الأفكار ومسار الحكم،
....
"
No comments:
Post a Comment