تاريخ النشر: 12/08/2013 - آخر تحديث: 13:21
أتلقى هذه الأيام، نصائح عدة تدعوني إلى الحذر فى الكتابة، وتذكرني بين الحين
والآخر بأن الدنيا تغيرت وأن أجهزة مبارك الأمنية استعادت عافيتها. ولست واثقا مما
إذا كانت تلك النصائح من قبيل الحرص أم أنها رسائل للتخويف والترهيب.
لكني استطيع أن أقرر بأن ما صدر عن الأهل على الأقل من الصنف الأول، كما أنني أسجل أن ما جاءني عن غير طريق الأهل لم يعلن منه شيء عبر القنوات الرسمية، وإن قيل إن بعضا منها يعبر عن رأى تلك القنوات.
وقد نبهنى أحد الأصدقاء الناصحين إلى أن الهجوم الذى بات يستهدفني مع غيري عبر بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ليس مصادفة، وما كان له ان يتم إلا إذا كان هناك ضوء أخضر من جهات أعلى، خصوصا أن بعضه صادر عن أشخاص يعرف كثيرون أن أداءهم ليس مستقلا دائما، ولكنه صدى لغيرهم في أغلب الأحيان.
لم يفاجئنى ما حدث، لأنني مررت بتجارب مماثلة في السابق، لكن ما فاجأني هذه المرة، ثلاثة أمور:
الأول أن مشاعر الخوف والقلق انتابت كثيرين بسرعة في ظل مرحلة مستجدة كان الظن انها تخلصت من أجواء تلك التأثيرات وطوت صفحتها؛
الأمر الثاني أن الناصحين ما برحوا يقولون في كل مرة أن المشكلة ليست فيما أكتبه، لكنها تكمن في عدم قدرة الآخرين على احتماله، لا لشيء سوى أنه يبدو أحيانا تغريدا خارج السرب. وهو ما لا تقبل به أجواء التربص المحمومة الراهنة؛
الأمر الثالث أن الناصحين لم يكتفوا بالتنبيه والتحذير، ولكنهم كانوا يقدمون لي مقترحات معينة لتجنب المخاطر والسير إلى جانب الحائط، في سكة الأمان والسلامة.
حين سجلت تلك النصائح وجمعتها وجدت أنها ترسم معالم سكة السلامة المعتمدة هذه الأيام، التي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:
عدم الإشارة إلى وصف ما جرى في 30 يونيو بأنه انقلاب، وحبذا لو جرى التأكيد على أنه ثورة شعبية كاملة الأوصاف؛
ما كان لقيادة القوات المسلحة أن تتدخل فيها إلا بعد إلحاح الجماهير التي أمرت ولم يكن هناك بد من الاستجابة؛
تجاهل اعتصامات الطرف الآخر ومظاهراتهم، مع التأكيد على أن الاجماع الشعبي ملتف حول الفريق السيسي. أما معارضوه فهم فئات هامشية تضم عناصر إرهابية لا تستحق الذكر، فضلا عن أنه يتعين "تطهير" المجتمع منها؛
الحذر في الحديث عن الحشود الكبيرة التى خرجت يوم 30 يونيو، مع الالتزام بالرقم المعلن للمتظاهرين، الذى لا ينزل عن 20 مليونا وحبذا لو ظل عند حدود الثلاثين مليونا، وعدم تكرار الخطأ الذي سبق أن وقعت فيه حين أشرت في وقت سابق إلى تقديرات هيئة الإذاعة البريطانيةBBC وحسابات أحد الخبراء التي اعتمدت على أسس علمية معتمدة، وقدرت طاقة استيعاب ميدان التحرير بما يتراوح بين 400 و500 ألف نسمة؛
الكف عن الإشارة إلى تدخل الجيش في السياسة وعدم الحديث عن التجربة التركية في هذا الصدد. (قيل لي إن ما ذكرته عن إصدار البرلمان التركي قانونا يحظر على الجيش التدخل فى الشأن الداخلي ويحصر مهمته في الدفاع عن الوطن قوبل باستياء وامتعاض من جانب الدوائر المعنية فى القاهرة)؛
التركيز على أخطاء الدكتور مرسي التي لولا تكرارها لما اضطر الجيش إلى التدخل وعزله، مع التحذير من خطر الإخوان على السلم الأهلي والدولة المدنية؛
عدم الإلحاح على مسألة الدستور أو الانتخابات التشريعية أو حتى الرئاسية في الوقت الراهن، مع عدم التركيز على فكرة الشرعية أو الدعوة إلى المصالحة والاحتواء، لأن من شأن ذلك شق الصف الوطني الذي أصبح يقف بوضوح ضد إدماج الإسلاميين في الحياة السياسية. بل ضد السماح لهم بتكوين أحزاب سياسية من الأساس؛
عدم إبداء أى تعاطف مع حركة حماس وقناة الجزيرة، مع عدم إغفال المعلومات التي تتحدث عن تهديد حماس للأمن القومي المصري وسعيها لإثارة القلاقل فى البلاد، وتلك التى تعتبر قناة الجزيرة ضمن المربع المعادي لمصر والمتعاطف مع الإخوان.
هذه النصائح تلقيتها بصورة متفرقة من بعض المحيطين من أقارب ومعارف، لكن النصيحة التي تكررت على مسامعي أكثر من مرة منهم ركزت على أهمية الانطلاق من خريطة الطريق التي أعلنت في الثالث من شهر يوليو الماضي، والتعامل معها باعتبارها شهادة ميلاد النظام الجديد، التي ينبغي البدء بالاعتراف بها، في حين يعد عدم التسليم بها من دلائل المروق التي تصنف صاحبها ضمن قوائم الترقب والاشتباه.
لا أستطيع أن أخفي قلقا ودهشة إزاء مشاعر الخوف والحذر التي باتت تنتاب كثيرين في الأجواء الراهنة، ولولا أن تلك النصائح تكررت على مسامعي عدة مرات لما ألقيت لها بالا ولما شغلت أحدا بها.
أما إذا سألتني لماذا ذكرتها، فإن السؤال يذكرني بخطيب الجمعة الذي تلقى تعليمات من الحكومة بضرورة حث المصلين على تحديد النسل، في حين أنه لم يكن مقتنعا بالفكرة، فما كان منه إلا أن سكت على مضض، وفي أول خطبة له قال إن التعليمات التي تلقاها طلبت منه إقناع المصلين بكذا وكذا، وها هو يمتثل ويبلغهم بما طلب منه إبراء لذمته وإيثارا للسلامة.
وقد حذوت حذوه وأبلغت بما طلب مني متوخيا ذات الهدف.
لكني استطيع أن أقرر بأن ما صدر عن الأهل على الأقل من الصنف الأول، كما أنني أسجل أن ما جاءني عن غير طريق الأهل لم يعلن منه شيء عبر القنوات الرسمية، وإن قيل إن بعضا منها يعبر عن رأى تلك القنوات.
وقد نبهنى أحد الأصدقاء الناصحين إلى أن الهجوم الذى بات يستهدفني مع غيري عبر بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ليس مصادفة، وما كان له ان يتم إلا إذا كان هناك ضوء أخضر من جهات أعلى، خصوصا أن بعضه صادر عن أشخاص يعرف كثيرون أن أداءهم ليس مستقلا دائما، ولكنه صدى لغيرهم في أغلب الأحيان.
لم يفاجئنى ما حدث، لأنني مررت بتجارب مماثلة في السابق، لكن ما فاجأني هذه المرة، ثلاثة أمور:
الأول أن مشاعر الخوف والقلق انتابت كثيرين بسرعة في ظل مرحلة مستجدة كان الظن انها تخلصت من أجواء تلك التأثيرات وطوت صفحتها؛
الأمر الثاني أن الناصحين ما برحوا يقولون في كل مرة أن المشكلة ليست فيما أكتبه، لكنها تكمن في عدم قدرة الآخرين على احتماله، لا لشيء سوى أنه يبدو أحيانا تغريدا خارج السرب. وهو ما لا تقبل به أجواء التربص المحمومة الراهنة؛
الأمر الثالث أن الناصحين لم يكتفوا بالتنبيه والتحذير، ولكنهم كانوا يقدمون لي مقترحات معينة لتجنب المخاطر والسير إلى جانب الحائط، في سكة الأمان والسلامة.
حين سجلت تلك النصائح وجمعتها وجدت أنها ترسم معالم سكة السلامة المعتمدة هذه الأيام، التي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:
عدم الإشارة إلى وصف ما جرى في 30 يونيو بأنه انقلاب، وحبذا لو جرى التأكيد على أنه ثورة شعبية كاملة الأوصاف؛
ما كان لقيادة القوات المسلحة أن تتدخل فيها إلا بعد إلحاح الجماهير التي أمرت ولم يكن هناك بد من الاستجابة؛
تجاهل اعتصامات الطرف الآخر ومظاهراتهم، مع التأكيد على أن الاجماع الشعبي ملتف حول الفريق السيسي. أما معارضوه فهم فئات هامشية تضم عناصر إرهابية لا تستحق الذكر، فضلا عن أنه يتعين "تطهير" المجتمع منها؛
الحذر في الحديث عن الحشود الكبيرة التى خرجت يوم 30 يونيو، مع الالتزام بالرقم المعلن للمتظاهرين، الذى لا ينزل عن 20 مليونا وحبذا لو ظل عند حدود الثلاثين مليونا، وعدم تكرار الخطأ الذي سبق أن وقعت فيه حين أشرت في وقت سابق إلى تقديرات هيئة الإذاعة البريطانيةBBC وحسابات أحد الخبراء التي اعتمدت على أسس علمية معتمدة، وقدرت طاقة استيعاب ميدان التحرير بما يتراوح بين 400 و500 ألف نسمة؛
الكف عن الإشارة إلى تدخل الجيش في السياسة وعدم الحديث عن التجربة التركية في هذا الصدد. (قيل لي إن ما ذكرته عن إصدار البرلمان التركي قانونا يحظر على الجيش التدخل فى الشأن الداخلي ويحصر مهمته في الدفاع عن الوطن قوبل باستياء وامتعاض من جانب الدوائر المعنية فى القاهرة)؛
التركيز على أخطاء الدكتور مرسي التي لولا تكرارها لما اضطر الجيش إلى التدخل وعزله، مع التحذير من خطر الإخوان على السلم الأهلي والدولة المدنية؛
عدم الإلحاح على مسألة الدستور أو الانتخابات التشريعية أو حتى الرئاسية في الوقت الراهن، مع عدم التركيز على فكرة الشرعية أو الدعوة إلى المصالحة والاحتواء، لأن من شأن ذلك شق الصف الوطني الذي أصبح يقف بوضوح ضد إدماج الإسلاميين في الحياة السياسية. بل ضد السماح لهم بتكوين أحزاب سياسية من الأساس؛
عدم إبداء أى تعاطف مع حركة حماس وقناة الجزيرة، مع عدم إغفال المعلومات التي تتحدث عن تهديد حماس للأمن القومي المصري وسعيها لإثارة القلاقل فى البلاد، وتلك التى تعتبر قناة الجزيرة ضمن المربع المعادي لمصر والمتعاطف مع الإخوان.
هذه النصائح تلقيتها بصورة متفرقة من بعض المحيطين من أقارب ومعارف، لكن النصيحة التي تكررت على مسامعي أكثر من مرة منهم ركزت على أهمية الانطلاق من خريطة الطريق التي أعلنت في الثالث من شهر يوليو الماضي، والتعامل معها باعتبارها شهادة ميلاد النظام الجديد، التي ينبغي البدء بالاعتراف بها، في حين يعد عدم التسليم بها من دلائل المروق التي تصنف صاحبها ضمن قوائم الترقب والاشتباه.
لا أستطيع أن أخفي قلقا ودهشة إزاء مشاعر الخوف والحذر التي باتت تنتاب كثيرين في الأجواء الراهنة، ولولا أن تلك النصائح تكررت على مسامعي عدة مرات لما ألقيت لها بالا ولما شغلت أحدا بها.
أما إذا سألتني لماذا ذكرتها، فإن السؤال يذكرني بخطيب الجمعة الذي تلقى تعليمات من الحكومة بضرورة حث المصلين على تحديد النسل، في حين أنه لم يكن مقتنعا بالفكرة، فما كان منه إلا أن سكت على مضض، وفي أول خطبة له قال إن التعليمات التي تلقاها طلبت منه إقناع المصلين بكذا وكذا، وها هو يمتثل ويبلغهم بما طلب منه إبراء لذمته وإيثارا للسلامة.
وقد حذوت حذوه وأبلغت بما طلب مني متوخيا ذات الهدف.
No comments:
Post a Comment