Wednesday, November 15, 2006
الاحتلال الإسرائيلي يدمر مسجدا تاريخيا في بيت حانون
أحمد فياض-غزة
كلما حلقت عينا العجوز الستيني حسين الكفارنة، خادم ومؤذن مسجد النصر الأثري، إلى أعالي المئذنة التي بقيت شاخصة وحيدة بعد أن دمرت جرافات الاحتلال الإسرائيلي المسجد في اجتياحها الأخير لبلدة بيت حانون، فاضت عيناه بالدمع حزنا وحرقة على البيت الذي تربى فيه منذ نعومة أظفاره، وتولى رعايته بعد والده الذي غرس في نفسه حب ورعاية أقدم مسجد تاريخي عرفته غزة.
ويقول العجوز الكفارنة "تفاجأت وأنا أنظر من منزلي الذي لا يبعد سوى أربعة أمتار عن المسجد فجر الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالجرافات الإسرائيلية ترافقها خمس دبابات تهدم المسجد الذي خلا في تلك اللحظات من المقاومين تماما".
وأضاف "عندما بدأت الجرافات بنهش جنبات المسجد شعرت بأنني فقدت شيئا من حياتي، لأنهم هدموا حقبة تاريخية مهمة تذكر المسلمين بانتصاراتهم على الصليبيين، فضلا عن أنه الشاهد الوحيد المتبقي بعد أن حرقت وقتلت ودمرت العصابات الصهيونية قرية بيت حانون عام 1948 وفي الأعوام 1954 و1956و1967".
الأهمية التاريخية
ويعتبر المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض أن تدمير المسجد جريمة تتعدى حدود الدين واحترام المقدسات إلى تدمير موقع أثري بالغ الأهمية في بيت حانون.
وأشار إلى أن مسجد النصر يعد من أقدم مساجد فلسطين قاطبة، لأنه يؤرخ في بلاطته الوحيدة موقعة كاد الصليبيون أن يطيحوا فيها بمصر وبلاد الشام.
وأوضح أنه عندما وصلت الحملة الصليبية عام 1239م لمدينة يافا، أخذ الإفرنجة يفكرون بالهجوم على دمشق مركز الثقل العسكري الإسلامي بعد الانتهاء من الوصول إلى القاهرة، فاتجهت جيوشهم نحو الجنوب للاستيلاء على مدينة غزة ففجئوا بالجيش الإسلامي الذي أرسله الملك العادل فالتقى الجيشان في بيت حانون، وهربت الجيوش الصليبية المهزومة إلى المنطقة الواقعة غرب بيت حانون.
وأوضح المؤرخ الفلسطيني للجزيرة نت أن قائد الجيش الإسلامي شمس الدين سنقر أراد أن يخلد تلك الموقعة فأطلق عليها أم النصر وأمر ببناء مسجد أطلق عليه جامع النصر، مشيرا إلى أن المسجد يحوي بداخله حجرا تأسيسيا يشير إلى أن بناءه كان في يوم الأحد النصف من ربيع الأخير عام 637هـ.
وناشد السلطة الفلسطينية ورئيس بلدة بيت حانون التحرك السريع للبحث والعثور على الحجر التأسيسي، مشيرا إلى أن الحجر يعد بمثابة وثيقة تاريخية بالغة، لأهمية الحدث من ناحية ولقدمه من ناحية أخرى، ليبقى دوما عنوانا لمسجد يعاد بناؤه لهذه المدينة الخالدة التي تعود تسميتها للقائد الفلسطيني حانون أو حانو الذي تصدى للقائد الآشوري تفلات أفلستر 745-722 قبل الميلاد.
سياسة لم تتغير
من جانبه قال وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية الدكتور صالح الرقب إن العدو الإسرائيلي أقدم على هدم المسجد رغم تأكده من خلوه من المقاومين وذلك نكاية وانتقاما من أهل بلدة بيت حانون، لافتا إلى أن سياسة الاحتلال في هدم المساجد الفلسطينية لم تتغير منذ اغتصاب فلسطين عام 1948.
وأضاف في تصريحات للجزيرة نت أن اعتداءات الاحتلال على المساجد والمقابر والممتلكات الوقفية لم تتوقف، مشيرا إلى أن الاحتلال لم يفرق في حرب المسعورة على الفلسطينيين منذ اندلاع الانتفاضة بين مسجد أو منزل سكني.
وأوضح أن الآلة العسكرية الإسرائيلية المسعورة على الفلسطينيين منذ اندلاع الانتفاضة عاثت بعدد كبير من المساجد في الضفة الغربية وقطاع غزة تدميرا وتخريبا، لافتا إلى أن عمليات التدمير تلك تذكر بالحملة الصهيونية التي استهدفت المساجد في القرى والمناطق الفلسطينية المدمرة والمهجرة عام 1948.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حول أكثر من 35 مسجدا في الأراضي المحتلة عام 1948 إلى كنس وحظائر لتربية المواشي والخنازير وملاه للرقص وقاعات لشرب الخمر، مؤكدا أن العدوانية الإسرائيلية تستهدف المساجد أسوة باستهداف المقاومين، لأنها تعتبر أن هذه المساجد تنشأ الأجيال وتربي الشباب على التمسك والتشبث بالأرض والدين.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment