عبد الباري عطوان
".......خطر هذه اللقاءات لا ينحصر فقط في القضايا الثانوية والهامشية التي تبحثها، وانما في اعطائها ايحاء خاطئا للعالم بأسره بان العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تسير في الاتجاه الصحيح، وربما يعطي الذريعة والمبرر لبعض الاطراف العربية والدولية للإقدام علي خطوات تطبيعية اكثر مع الدولة العبرية....
...الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين بشرنا بان الرئيس عباس وصديقه اولمرت (تعانقا قبل اللقاء مرة اخري) بحثا خلال اجتماعهما في القدس المحتلة الافق السياسي لعملية السلام للمرة الاولي، ولكن بشارته هذه لم تدم الا بضع دقائق عندما اكد متحدث اسرائيلي ان الرجلين لم يبحثا مطلقا في القضايا الشائكة المتعلقة بالوضع النهائي. وهذا يعني امرا من اثنين، وهو ان الدكتور عريقات يبيع الشعب الفلسطيني املا كاذبا بحدوث تقدم، او ان المتحدث الاسرائيلي يكذب، ولا نعتقد ان الاخير يكذب، لانه يعبر عن موقف اسرائيلي ثابت، وللأسف الشديد، في هذا الخصوص......
....وسط هذه اللقاءات العقيمة غير ذات الجدوي بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس وزراء الدولة العبرية، نبحث عن الشريك الآخر في حكومة الوحدة الفلسطينية فلا نجد له اي حراك، وهو الذي كان، وحتي ما قبل صلح مكة شاغل الارض ومن عليها، بالمواقف المتشددة والتصريحات المنتقدة لأداء رئيس السلطة ومستشاريه.
فحتي متي تصمت حركة حماس علي هذا التهميش الذي يعيشه وزراؤها، رغم كل المرونة، ولا نقول التنازلات، التي قدمتها من اجل تشكيل هذه الحكومة، فلا هذه المرونة اثمرت في اقناع العالم والعرب في التعامل معها كجهة معترف بها، ولا كسرت الحصار المالي المفروض علي الشعب الفلسطيني منذ عام واكثر.
الحكومة بدأت حكومة وحدة وطنية وانتهت الي حكومة مكتب الرئيس ، ما تغير فقط هو التسمية. المستشارون اصبحوا وزراء، ومجلس الامن القومي حل مكان وزارة الداخلية، والاجهزة الامنية بقيت علي حالها مثل دار ابو سفيان .
نشهد حراكا لافتا داخل حركة فتح يحمل بذور تمرد علي قيادة شاخت، واخري تريد خطف الحركة وقرارها، وتوظيفها في خدمة المشروعين الامريكي والاسرائيلي، ولا نستغرب ان يكون هناك حراك مماثل داخل حركة حماس لانه من المستبعد ان يكون من تربي علي استعجال نيل الشهادة، والانتقال الي دار البقاء، علي استعداد لقبول الوضع الراهن. وهو وضع لا يتماشي مع ايديولوجية الحركة وادبياتها.
الساحة الفلسطينية تشهد مخاضا عسيرا وهو مخاض سيؤدي حتما الي انفجار يفاجيء الكثيرين بتغيرات غير محسوبة بل وغير متوقعة داخليا وخارجيا."
No comments:
Post a Comment