توجان فيصل
"بعد أن ثبت كذب كل وعود الإدارة الأميركية بإقامة دولة فلسطينية بما لا يقبل إعادة الترويج تحت أي ذريعة, فإن تدخل تلك الإدارة السافر في إملاء كل شيء على الفلسطينيين, وحتى في رفض المصالحة بين حماس والسلطة, يصبح بلا معنى من الناحية المنطقية.
ومع ذلك تشترط وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على السلطة الفلسطينية ألا تتصالح مع حماس إلا إذا التزمت الأخيرة بما سمي شروط الرباعية.
ونفهم أن السلطة العالقة في قعر جيب إدارة بوش والرباعية وحكام الكيان الصهيوني، تحتاج لرافعة حماس لتستعيد بعضا من مبررات وجودها الذي انتهى منذ سنوات. ولكن السؤال الذي ينبغي على حماس أن تطرحه على نفسها هو: ما الذي تستفيده هي من مثل هذا الالتزام الذي يورثها بجرة قلم وزر ما لم تقترفه؟
سنتناول هنا جزئية واحدة من تلك الشروط، وهي اعتراف حماس بالاتفاقيات المعقودة مع الجانب الإسرائيلي، لنقول لها إياك أن تفعلي. فهذا تفريط أكثر من مجاني في الحقوق الفلسطينية، بل خطوة أخرى على طريق تصفية تلك الحقوق كاملة.
.....
وحل محل النضال -بالبندقية أو بغصن الزيتون- التهالك على مصافحة وحَضن و"تبويس" قادة الكيان الصهيوني، مما يوحي للعالم بإسقاط الحقوق وانتفاء المظالم.
ولكن حماس لم تعترف ولم تشارك في أي من هذا بعد. والآن، بعد خمسة عشر عاما من أوسلو, وبعد حوالي اثني عشر عاما من بداية زعم الخوض في "الوضع النهائي"، وبعد جدار الفصل العنصري وحملات إبادة واستيطان وتهجير لم تنقطع، وغير ذلك مما لا تتسع مجلدات لذكره. تجري محاولة جر الشعب الفلسطيني مرة أخرى إلى ما يقال إنه, ليس حتى "الوضع النهائي"، بل "اتفاق إطار للوضع النهائي" تستثنى منه مرة أخرى كل الحقوق الأساسية: الدولة وصورتها والحدود والقدس واللاجئون والنازحون.
ولكن ليس بالضبط, بل بما هو أسوا. فالدولة كما تطرحها إسرائيل كيان مؤقت لإدارة ذاتية سيصبح -بعد استكمال صورة "الأمر الواقع الاستيطاني" على الأرض وبعد قصقصة تجري بذريعة تبادل أراض وأراض لا يمكن تبادلها- أمرا واقعا هو الآخر.
والحدود -كما تصرح إسرائيل منذ قيامها وكما أكد الأميركان مؤخرا وألقوا بثقلهم فيه- هي حدود العراق شرقا, وغربا "حدود إسرائيل" التي وحدها في العالم كله لم ولا ولن تعرف حدودا. لسبب جلي وهو أن أمنها هو هاجسها، وهي لا يمكن أن تشعر بالأمن إذا كان لها حدود خلفها عرب لا تستطيع أن تتدخل في شؤونهم بيد مطلقة.
حماس وحدها لم تتورط بعد في أي من هذا الذي أسس "لأوضاع نهائية" لم تعلن ولم تتبد كلها بعد، رغم فداحة كل ما أعلن أو تبدى.
وحماس انتقلت من فصيل غير عضو في منظمة التحرير, إلى شريك في الحكم، إلى الوحيد الذي يملك ما يمكن أن يسمى سلطة حكم مهما صغرت أو اتسعت الرقعة التي تحكمها. وهذا ما بدأ العالم يعترف به.
وفي ضوء ما يتجاوز الشك إلى ما يشبه اليقين في انتفاء قدرة ما تبقى من "السلطة"، بما آلت إليه وجرت معها إليه فتح ثم المنظمة, على استعادة أي حق أو حتى الاستناد لأية شرعية تبرر للطرف الثاني التفكير في إعطائها أي شيء.
في ضوء هذا فإن حماس بما أنجزته لحينه ورغم ما خسرته, إن هي عرفت واعترفت بحدود "برنامجها الاجتماعي" (ونظن أنها فعلت نتيجة تجاربها وتجارب أحزاب وأنظمة حكم إسلامية في المنطقة) الذي لا يجدي في غير كسب الأعداء لها حتى بين خيرة الوطنيين الفلسطينيين والقوميين العرب. وإن لم تقبل وراثة أوزار الاتفاقيات المبرمة، فإن فرصتها كبيرة في إمكانية بناء أو إعادة بناء جسم شرعي فلسطيني بالتنسيق مع من يرغب من الفصائل, ومع من يمثل الفلسطينيين ممن لا يصنفون في فصائل.
فكل ما أراده الفلسطينيون ابتداء هو "موطئ قدم" لا يمن عليهم به أحد، وكل ما يريدونه الآن هو قيادة لم تفرط ولم تعط شرعية لغير الحقوق التاريخية الوطنية الثابتة.
المهم أن تثبت حماس على موقفها وألا تعترف باتفاقيات لم تزد على أن أسست "لنهايات" تلك الحقوق"
"بعد أن ثبت كذب كل وعود الإدارة الأميركية بإقامة دولة فلسطينية بما لا يقبل إعادة الترويج تحت أي ذريعة, فإن تدخل تلك الإدارة السافر في إملاء كل شيء على الفلسطينيين, وحتى في رفض المصالحة بين حماس والسلطة, يصبح بلا معنى من الناحية المنطقية.
ومع ذلك تشترط وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على السلطة الفلسطينية ألا تتصالح مع حماس إلا إذا التزمت الأخيرة بما سمي شروط الرباعية.
ونفهم أن السلطة العالقة في قعر جيب إدارة بوش والرباعية وحكام الكيان الصهيوني، تحتاج لرافعة حماس لتستعيد بعضا من مبررات وجودها الذي انتهى منذ سنوات. ولكن السؤال الذي ينبغي على حماس أن تطرحه على نفسها هو: ما الذي تستفيده هي من مثل هذا الالتزام الذي يورثها بجرة قلم وزر ما لم تقترفه؟
سنتناول هنا جزئية واحدة من تلك الشروط، وهي اعتراف حماس بالاتفاقيات المعقودة مع الجانب الإسرائيلي، لنقول لها إياك أن تفعلي. فهذا تفريط أكثر من مجاني في الحقوق الفلسطينية، بل خطوة أخرى على طريق تصفية تلك الحقوق كاملة.
.....
وحل محل النضال -بالبندقية أو بغصن الزيتون- التهالك على مصافحة وحَضن و"تبويس" قادة الكيان الصهيوني، مما يوحي للعالم بإسقاط الحقوق وانتفاء المظالم.
ولكن حماس لم تعترف ولم تشارك في أي من هذا بعد. والآن، بعد خمسة عشر عاما من أوسلو, وبعد حوالي اثني عشر عاما من بداية زعم الخوض في "الوضع النهائي"، وبعد جدار الفصل العنصري وحملات إبادة واستيطان وتهجير لم تنقطع، وغير ذلك مما لا تتسع مجلدات لذكره. تجري محاولة جر الشعب الفلسطيني مرة أخرى إلى ما يقال إنه, ليس حتى "الوضع النهائي"، بل "اتفاق إطار للوضع النهائي" تستثنى منه مرة أخرى كل الحقوق الأساسية: الدولة وصورتها والحدود والقدس واللاجئون والنازحون.
ولكن ليس بالضبط, بل بما هو أسوا. فالدولة كما تطرحها إسرائيل كيان مؤقت لإدارة ذاتية سيصبح -بعد استكمال صورة "الأمر الواقع الاستيطاني" على الأرض وبعد قصقصة تجري بذريعة تبادل أراض وأراض لا يمكن تبادلها- أمرا واقعا هو الآخر.
والحدود -كما تصرح إسرائيل منذ قيامها وكما أكد الأميركان مؤخرا وألقوا بثقلهم فيه- هي حدود العراق شرقا, وغربا "حدود إسرائيل" التي وحدها في العالم كله لم ولا ولن تعرف حدودا. لسبب جلي وهو أن أمنها هو هاجسها، وهي لا يمكن أن تشعر بالأمن إذا كان لها حدود خلفها عرب لا تستطيع أن تتدخل في شؤونهم بيد مطلقة.
حماس وحدها لم تتورط بعد في أي من هذا الذي أسس "لأوضاع نهائية" لم تعلن ولم تتبد كلها بعد، رغم فداحة كل ما أعلن أو تبدى.
وحماس انتقلت من فصيل غير عضو في منظمة التحرير, إلى شريك في الحكم، إلى الوحيد الذي يملك ما يمكن أن يسمى سلطة حكم مهما صغرت أو اتسعت الرقعة التي تحكمها. وهذا ما بدأ العالم يعترف به.
وفي ضوء ما يتجاوز الشك إلى ما يشبه اليقين في انتفاء قدرة ما تبقى من "السلطة"، بما آلت إليه وجرت معها إليه فتح ثم المنظمة, على استعادة أي حق أو حتى الاستناد لأية شرعية تبرر للطرف الثاني التفكير في إعطائها أي شيء.
في ضوء هذا فإن حماس بما أنجزته لحينه ورغم ما خسرته, إن هي عرفت واعترفت بحدود "برنامجها الاجتماعي" (ونظن أنها فعلت نتيجة تجاربها وتجارب أحزاب وأنظمة حكم إسلامية في المنطقة) الذي لا يجدي في غير كسب الأعداء لها حتى بين خيرة الوطنيين الفلسطينيين والقوميين العرب. وإن لم تقبل وراثة أوزار الاتفاقيات المبرمة، فإن فرصتها كبيرة في إمكانية بناء أو إعادة بناء جسم شرعي فلسطيني بالتنسيق مع من يرغب من الفصائل, ومع من يمثل الفلسطينيين ممن لا يصنفون في فصائل.
فكل ما أراده الفلسطينيون ابتداء هو "موطئ قدم" لا يمن عليهم به أحد، وكل ما يريدونه الآن هو قيادة لم تفرط ولم تعط شرعية لغير الحقوق التاريخية الوطنية الثابتة.
المهم أن تثبت حماس على موقفها وألا تعترف باتفاقيات لم تزد على أن أسست "لنهايات" تلك الحقوق"
No comments:
Post a Comment