Saturday, November 8, 2008

إلقِ كلمتك.. ولا تصافح


إلقِ كلمتك.. ولا تصافح

عبد الباري عطوان

".....
من الطبيعي ان يتلقف بيريس هذه الدعوة بتلهف، وان يصطحب معه السيدة تسيبي ليفني رئيسة الوزراء المقبلة، خاصة بعد ان عرف انه سيكون في الندوة الافتتاحية نفسها وجنبا الى جنب مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسيلقي كلمته بعده مباشرة، مع وجود فرصة كبيرة للمصافحة امام عدسات التلفزة العالمية.
حوار الأديان في فكرته الاساسية كان حوارا بين رجال الدين من مختلف الديانات السماوية وغير السماوية، وجاء استكمالا لحوار بين المذاهب الاسلامية، انطلق ايضا من الرياض وبمبادرة من العاهل السعودي نفسه، ولكن طالما ان الهدف هو التقريب بين الأديان، واقامة جسور التفاهم بين قياداتها الروحية، وازالة كل سوء فهم ممكن، فلماذا اقحام السياسيين وقادة الدول؟
.....
من الواضح ان هناك أجندات اخرى يحاول البعض اخفاءها، ابرزها توفير الغطاء الديني للقاء اسرائيلي ـ سعودي مباشر، يدشن بداية حوار وتعاون يكون عنوان المرحلة المقبلة في المنطقة العربية بأسرها
......
هناك مدرسة سعودية تضغط باتجاه التطبيع مع اسرائيل، واقامة علاقات سياسية تحالفية معها، لمواجهة المد الايراني، وتلتقي مع الاسرائيليين على ارضية الخوف من ايران ونفوذها المتصاعد في المنطقة، وقرب امتلاكها اسلحة نووية، وفقهاء هذه المدرسة يعتقدون بضرورة تكوين 'تحالف من الخائفين' هؤلاء يتصدى لهذا النفوذ، ويمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية. ويبدو ان هؤلاء نجحوا في التأثير على القرار الرسمي السعودي في اعلى مستوياته، من حيث تسريع خطوات التقارب مع اسرائيل، واستخدام حوار الأديان كمظلة في هذا الصدد.
الخطوة الاولى في التوجه السعودي الاستراتيجي الجديد بدأت باطلاق مبادرة السلام السعودية التي ولدت على ايدي القابلة الامريكي اليهودي توماس فريدمان، وهي المبادرة التي عرضت التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي المحتلة، دون التطرق لحق العودة الذي هو لب الصراع العربي ـ الاسرائيلي. ثم جاءت الخطوة الثانية من خلال ترتيب حوارات بين حاخامات يهود، وآخرين من المملكة العربية السعودية، ثم لقاءات بين هؤلاء وسياسيين وامراء سعوديين كبار، لنفاجأ قبل اسابيع بأول لقاء علني بين الامير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي، وسفير بلاده في لندن وواشنطن سابقا، والجنرال الاسرائيلي المتقاعد داني روتشيلد، منسق الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، والذريعة تحريك مبادرة السلام العربية.
التبرير الرسمي افاد بأن الامير تركي الفيصل كان يمثل نفسه في هذا اللقاء، وليس الحكومة السعودية، ولكن القاصي والداني يعلم جيدا ان الامير تركي هو من ابرز اعضاء دائرة صنع القرار في المملكة العربية السعودية، ويرافق العاهل السعودي في الكثير من الجولات الخارجية، وشارك في معظم لقاءاته مع المسؤولين العالميين، مثل الرئيس جورج بوش وغوردون براون اثناء زيارتيهما الاخيرتين الى الرياض.
......
ايران تكتسب شعبية واسعة في العالم الاسلامي لانها تطرح خطابا يتصدى لاسرائيل، ويجرّم عدوانها، ويؤكد على حتمية تحرير المقدسات، وابرز حلفائها في لبنان خاضوا حربا مشرّفة ضد اسرائيل، واوقعوا بها هزيمة مدوّية، فإذا كانت السعودية على وجه الخصوص، مثلها مثل العرب الآخرين، تريد التصدي للنفوذ الايراني، فعليها ان تتبنى الخطاب العربي الاسلامي في ضرورة استعادة الحقوق المغتصبة وتحرير المقدسات، وهو الخطاب الذي خطفته ايران، لا ان تفعل عكسه
......"

No comments: