عبد الستار قاسم
توقيت العدوانالأسباب الداخليةالأسباب الخارجية
الانتخابات الإسرائيلية
الخلاصة
"....أولا: هذه حرب مكملة للحصار المضروب على الشعب الفلسطيني منذ أن فازت حماس في الانتخابات التشريعية، والمضروب بصورة شديدة على غزة منذ سيطرة حماس على القطاع.
كان الحصار يهدف إلى إسقاط حركة حماس، وإخراجها من الحكومة ومن السلطة الفلسطينية عموما وذلك من خلال إنهاك الحركة معنويا وأخلاقيا، ومن خلال تأليب الناس عليها عسى أن يقوموا بتحرك جماهيري يضحي بحماس من أجل لقمة الخبز.
وكان الظن أن حماس ستسقط خلال مدة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر من سيطرتها على غزة، لكن الأشهر مرت وحماس بقيت صامدة، واستطاعت أن تدبر أمورها جيدا في إدارة القطاع وتحقق مزيدا من التأييد على المستويات الفلسطينية والعربية والإسلامية.
الحرب الآن هي الخيار البديل للحصار. إنهم يحاولون بالحرب تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحصار. من هم هؤلاء؟ هم المحاصرون لغزة وهم إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأنظمة عربية وبقية دول العالم. شركاء الحصار هم شركاء الحرب، وجميعهم معنيون بإنهاء سلطة حماس في غزة.
ثانيا: اهتمام شركاء الحصار على غزة بإسقاط سلطة حماس نابع أساسا من رؤيتهم للحل الخاص بالقضية الفلسطينية.
هناك مشروع يقوم على حل يسمى بحل الدولتين الذي ينتهي، وفق مادة الاتفاقيات المتوفرة لدينا مثل اتفاقيتي أوسلو وطابا، إلى كيان فلسطيني يعمل وكيلا أمنيا لإسرائيل يسميه الفلسطينيون المتساوقون مع الحل دولة فلسطينية.
بسيطرتها على القطاع أفسدت حماس على الأميركيين والإسرائيليين مشروعهم، الذي هو مرتبط أيضا بالرؤية الأميركية الإسرائيلية لما يجب أن تكون عليه المنطقة العربية الإسلامية المسماة بالشرق الأوسط. ولهذا كان لا بد من إسقاط حماس وإعادة قطاع غزة إلى بيت الطاعة ليكون مشمولا بالحل القائم على خريطة الطريق الذي يجند الفلسطينيين ضد الفلسطينيين.
.....
خامسا: تشكل سلطة حماس في غزة إحراجا متواصلا للسلطة الفلسطينية في رام الله وللأنظمة العربية بسبب الحصار المضروب على القطاع.
....
تسبب ضيق الأحوال في غزة إلى تركيز وسائل الإعلام العربية وغير العربية على المأساة، وامتلأت شاشات الفضائيات بالصور المحزنة والمؤلمة حول الأوضاع، ووجه المعلقون والمحللون أصابعهم ومناشداتهم واتهاماتهم نحو الأنظمة العربية معتبرين أن المسؤولية هي مسؤولية عربيا أولا، وأن على الأنظمة العربية ان تصنع شيئا. وبدأت الانتقادات الشديدة تنهال على النظام المصري بسبب إغلاق معبر رفح بصورة أساسية.
.....
المحافطة على الأنظمة العربية المعوجة، والتي يسميها الغرب بالمعتدلة، جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الإسرائيلية الأميركية الآن ذلك لأنها هي الأدوات التي تسهل امتطاء العرب والإبقاء عليهم بلهاء. كان لا بد من القيام بعمل يرفع هذا الإحراج المتزايد للأنظمة والذي من المحتمل أن يقود إلى حركات شعبية غير مرغوب فيها.
....
استغلت حماس والفصائل الأخرى فترة التهدئة للتنظيم والتدريب والتسليح. لم يضع الوقت سدى بالنسبة لهذه الفصائل، وشعرت إسرائيل أن القطاع يتحول إلى بؤر عسكرية مستعدة للقتال. وحسب النظرية الأمنية الإسرائيلية، الضربة الاستباقية هي القرار الصحيح
......
الأسباب الخارجية
تبرز خارجيا الأسباب التالية:
أولا: ضاقت بعض الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية ذرعا بحماس. كانت المسيرة التفاوضية تسير ببطء ولكن بسلاسة، وكانت الآمال كبيرة في الانتهاء من القضية الفلسطينية وإلى الأبد.
شكلت حماس عقبة كبيرة من حيث أنها ليست شريكا في المفاوضات، ومن حيث وقوع العرب في حرج كبير نتيجة الحصار ونتيجة الاعتقالات الكبيرة في صفوف أنصارها في الضفة الغربية.
وقد أوضحت أعلاه أن شركاء الحصار أرادوا وضعا جديدا تختفي فيه حماس وفصائل المقاومة. وواضح أن تهديد وزيرة خارجية إسرائيل لحماس من القاهرة يعطي مؤشرا قويا على هذا التوجه العربي.
....
لا أرى بأن الانتخابات الإسرائيلية تدخل بقوة في المعايير الأمنية الإسرائيلية. صحيح أن شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلي تلعب دورا، والحكومة الإسرائيلية في النهاية هي التي تصدر قرار الحرب وقرار السلام، لكن الأجهزة الأمنية والجيش هي صاحبة اليد الطولى في اتخاذ القرار.
جيش إسرائيل ليس جيشا حزبيا، ولا هو أداة بيد المصالح السياسية الفردية أو الفئوية، إنما تلعب الانتخابات الآن دورا في حشد الأحزاب الإسرائيلية لصالح الحرب. قدمت الأحزاب دعمها للحكومة الإسرائيلية، وصفقت للحرب، ولا مجال لحزب لكي يزايد على الآخر في تأجيج المشاعر ودق الطبول.
.....
الخلاصة
كانت الحملة العسكرية الإسرائيلية متوقعة، وهي تهدف إلى تغيير الوضع القائم في غزة. المتوقع هو توسيع الحرب لتكون برية، ولتطال قيادات سياسية.
لكن مشكلة إسرائيل الأساسية هي في صمود حماس والفصائل الفلسطينية. الضغط على إسرائيل سيزداد من قبل حلفائها العرب، ومن قبل منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام إن طالت الحرب. الأنظمة العربية هي الحلقة الأضعف التي على إسرائيل أن تراعيها في تقصير أمد الحرب، وربما هي الحلقة التي ستقود إسرائيل إلى وقف الحرب دون تحقيق أهداف."
No comments:
Post a Comment