رأي القدس
"......
الحرب موجودة ومستعرة فعلاً، ولكن على الورق، وعبر الحناجر، ومن جانب واحد، أي الجانب المصري فقط. فالصحف ووسائل الاعلام المصرية المتلفزة تزدحم بالتهجمات والمقالات البذيئة التي تستهدف 'حزب الله' وايران من خلفه، بينما يلتزم اعلام 'حزب الله' الصمت المطبق، ولا يعير هذه الحملة أي اهتمام.
سبب هذا الهدوء من قبل حزب الله وقيادته، والامتناع عن الرد على 'البذاءات' الاعلامية المصرية، يعود الى حكمة سياسية يتمتع بها المسؤولون في الحزب، وغالباً ما تعطي ثمارها بشكل ايجابي في نهاية المطاف. فالقارئ العربي يزداد تعاطفاً مع الحزب وقيادته كلما اطلع على المستوى الهابط للهجمات عليه في الصحافة المصرية، لأن معظم هذه الأقلام غير مقتنعة بما تكتب، ولهذا يصعب عليها اقناع الآخرين.
فهل يعقل ان تشن كل هذه الحملات الاعلامية بسبب شخص واحد ألقي القبض عليه، وهو يحاول مساعدة اشقائه المحاصرين المجوعين في قطاع غزة، بعد ان شارك النظام المصري في تشديد الحصار عليهم، وتواطأ مع العدوان الاسرائيلي ضدهم على امل ان يؤدي العدوان الى القضاء على حركة 'حماس' وظاهرة المقاومة في القطاع؟
لا نعتقد ان شخصاً واحداً، او خلية واحدة، يمكن ان تهز الأمن القومي او السيادة المصرية، ولكن ما نعتقده ان النظام المصري الذي يواجه ازمات داخلية متفاقمة بسبب الفساد ونهب المال العام وتدهور مستويات المعيشة وارتفاع معدلات البطالة، وجد في 'خطأ' حزب الله غير المقصود فرصة لايجاد 'عدو' خارجي يستخدمه ككبش فداء لالهاء الشعب المصري عن هذه الأزمات.
.........
حزب الله يجب ان لا يشجع هذه الوساطات، ناهيك عن قبوله بها، لأنها تعني اعترافه بارتكاب 'خطأ ما' بانحيازه الى المقاومة، وانخراطه في عمليات دعمها. والنظام المصري هو الذي اخطأ عندما بالغ بهذه الحادثة، ووظفها بشكل مخجل يخدم اسرائيل اكثر مما يخدم الأمن القومي المصري الذي اصبح مثل قميص عثمان يستخدم كذريعة لخنق مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، ولتحريض الاشقاء المصريين ضد اخوانهم العرب والمسلمين.
فلتستمر الحملة الاعلامية ضد 'حزب الله'، ولتتصاعد اكثر فأكثر، ليستنفد اصحابها كل ما في جعبتهم وقاموسهم من الفاظ بذيئة، حتى يفقد هذا السلاح القديم الصدئ مفعوله دفعة واحدة. ففي ذلك خير لمصر قبل ان يكون خيراً للعرب الذين طالما استخدم هذا السلاح ضدهم.
"
No comments:
Post a Comment