Thursday, March 27, 2008

قمة بلا مستقبل


عبد الستار قاسم

"القمة العربية السنوية على الأبواب، فماذا سينتج عنها؟ بالتأكيد لن تكون النتائج إلا متناسبة مع حجم أقطابها مجتمعين.

الأقطاب العظام يتخذون قرارات عظيمة، يعملون على تنفيذها بجد ودأب وحرص ومتابعة، والأقطاب الصغار يتخذون قرارات هزيلة خاوية لا يعملون على تنفيذها. هذه قاعدة تاريخية صحيحة تنطبق على العرب وعلى غير العرب.

القضايا بقدر عقول أصحابها، القرارات على قدر متخذيها
والمتابعة على قدر الإرادة، ومن كان عقله صغيرا تصغر قضاياه، ومن كان ضعيفا لا يستطيع القفز عن ضعفه، ومن كان متهتكا يعجز عن توظيف الجهود.
......
وأحاطت بقمة بيروت عام 2002 ظروف مختلفة دعت الحكام العرب إلى اتخاذ قرارات هزيلة، لكن السواعد كانت أكثر هزلا من القرارات الهزيلة.

مع كل قمة عربية تستنفر وسائل الإعلام العربية خاصة الرسمية منها وتضخ الآمال في نفوس الناس وتعدهم بخير وفير قادم، وبعزة عربية طال انتظارها، ولا تكاد أسابيع تمر حتى تتبدد الآمال دون أن تعتذر وسائل الإعلام، علما بأن انعقاد القمة عبارة عن خبر وليس حدثا بمعنى أن للحدث تبعات وذيولا بينما قد لا يكون للخبر مثل ذلك.
.....
.....
يبدو أن أغلب الأنظمة العربية منهمكة الآن في التعاون مع إسرائيل مباشرة أو بصورة غير مباشرة للقضاء على حزب الله، ومع أميركا لمحاصرة القوة الإيرانية المتزايدة.

هذا أيضا منطقي من حيث إن إسرائيل لا تشكل تهديدا للأنظمة العربية رغم أنها تهدد الأمة، وحزب الله يهدد الأنظمة من حيث إن لانتصاره العسكري تأثيره على رغبة وقدرة الشعوب العربية على مواجهة الحكام.

حزب الله يشكل خطرا غير مباشر على أغلب الأنظمة العربية بينما تشكل إسرائيل ضمانة لاستمرار هذه الأنظمة، ونفس المنطق ينسحب على إيران التي ترى فيها الأنظمة العربية خطرا داهما يمكن أن يقلل من النفوذ الأميركي في المنطقة.

هذا المتغير يعمق الانقسام في الساحة العربية، وإن كان من الممكن النظر إليه تاريخيا ومنطقيا على أنه إيجابي ولصالح الأمة، وهو تطور يعبر عن نضج الصراع الدائر في المنطقة الذي لا مفر سيحسم لصالح المستقبل، لأن الماضي لن يكسب المعركة لأنه قد مضى، والمستقبل يبقى للذين ينظرون إلى الأمام.

نحن العرب ما زلنا خلف التاريخ في مختلف المجالات إلا من مجال الاستهلاك. نحن لدينا حداثة استهلاكية، لكننا بدون حداثة إنتاجية، بل إن الإنتاج التقليدي يعاني من أزمات. ولدينا الكثير من الآليات الحديثة لكننا لا نملك المبادرة العلمية ولا التقنية، وإذا كنا سنلقي المسؤولية في هذا التخلف على أحد فإن الحكام الذين يجتمعون في القمة يحتلون رأس القائمة.

الحاكم الذي لم يدخل عالم الحداثة والتطوير العلمي والتحديث السياسي لا يمكن أن يكون قادرا على إدارة شؤون شعب أو أمة، ولا أن يكون مساهما في عملية البناء الحضاري.

القمة لا قيمة لها، وقد تكون آثارها سلبية من حيث إنها تسهم في تعزيز الإحباط لدى الإنسان العربي. قد لا يقوى أبناء القرن الـ21 على اتخاذ خطوات موفقة نحو التقدم والازدهار وتحرير الإنسان، فكيف إذا تعلق الأمر بأصحاب الكهوف؟
"

No comments: