فاضل الربيعي
"......
ولكي ندرك بعمق مغزى هذا التحول وحدوده وآفاقه، فسوف أسوق الواقعة التالية، عندما كانت الاشتباكات العنيفة تندلع في البصرة (جنوب) والعصيان المدني يزمجر كالإعصار في سماء بغداد، وتقترب الساعة التي يضرب فيها مناطق غرب بغداد، فتغلق المحلات والمتاجر أبوابها استجابة لنداء التيار الصدري وتنفيذا لتهديداته، فاجأ وفد من "الصدريين" كان قد وصل إلى دمشق للتو، للقاء القوى والشخصيات الوطنية المناهضة للاحتلال، مضيفيه عندما بادر إلى سؤالهم عن الشيخ مقتدى الصدر، وما إذا كان موجودا في دمشق؟
ووسط حيرة وذهول المضيفين الذين كانوا ينتظرون من الوفد، جوابا على سؤال حائر يتعلق بمصير الصدر، وما إذا كان يخطط حقا، للدراسة في "حوزة النجف" كما قيل دار حوار مقتضب عن "مستقبل التيار"، واحتمالات التحول في خياراته السياسية في المرحلة المقبلة، ولكن دون التطرق بأي شكل من الأشكال إلى مستقبل زعيمه أو مصيره.
ولأن دوي القذائف وصواريخ الكاتيوشا في البصرة كان يسمع في بغداد كما في دمشق، بدا النقاش حول مصير مقتدى الصدر أمرا قليل الأهمية.
ووسط هذه الأجواء تسربت معلومات من بعض الأوساط الدينية العراقية بأن "إيران فرضت الإقامة الجبرية على مقتدى الصدر في قُم". وقد أبلغني رجل دين عراقي بارز، وهو يعلق على زيارة وفد الصدريين أن إيران استبقت الإعلان عن العصيان المدني في بغداد، والاشتباكات في الجنوب باتخاذ قرار "سحب" الصدر من الواجهة، وأنها "فرضت عليه الإقامة الجبرية في قم".
ولذلك، بدا السؤال البريء الذي ألقاه وفد الصدريين على مضيفيهم في دمشق، عن "زعيمهم" المتواري عن الأنظار، وكأنه أبعد ما يكون عن "التضليل" أو التعمية على حقيقة ما يجري، وأقرب ما يكون تعبيرا علنيا وصريحا عن حسم حالة الارتباك والتجاذب بين القوى الجديدة والقديمة داخل التيار.
......
....."
No comments:
Post a Comment