ماذا 'يطبخون' في ابوظبي؟
عبد الباري عطوان
"ان يتداعى وزراء خارجية تسع حكومات عربية الى اجتماع مفاجئ، ومغلق، في مدينة ابوظبي بالتوازي مع اجتماع آخر لوزراء الاعلام، وفي اقل من اربع وعشرين ساعة، فإن هذا امر يثير العديد من علامات الاستفهام حول 'الطبخة' السياسية التي يعكف هؤلاء على إعدادها، على نار ملتهبة، وفي مثل هذا التوقيت بالذات.
....
السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو عن اسباب 'العجلة' في عقد هذا الاجتماع الذي جاء بعد لقاء ثلاثي تم برئاسة الزعيم المصري حسني مبارك وحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس والامير سعود الفيصل وزير الخارجية ممثلا عن العاهل السعودي، خاصة ان الاخير طار بمعية نظيره المصري احمد ابو الغيط في طائرة واحدة الى ابوظبي ليبدأ التحرك الجديد ودعوة نظرائهم من وزراء خارجية دول الاعتدال للقدوم الى العاصمة الاماراتية في غضون ساعات.
.....
ان هناك محاولة للعودة الى الحشد القومي العربي في مواجهة ما يعتقده هؤلاء بتصاعد 'المد الفارسي' بعد ان فشلت اطروحات التعبئة والحشد السابقة على اساس التقسيمات الطائفية بين معسكر سني في مواجهة معسكر شيعي بزعامة ايران.
فلم نسمع كلمة 'الوحدة العربية' هذه تتردد على لسان اي مسؤول عربي في محور الاعتدال منذ عقود، بل سمعنا تشكيكا بها كفكرة عابرة تعود الى 'زمن الستينات' ولم تعد صالحة لهذا الزمان، وربما لا ابالغ اذا قلت إن مسؤولا عربيا كبيرا من هذا المحور قال لي ان علاقات دول الخليج مع الهند وباكستان بل وايران نفسها اقوى وافضل واكثر فائدة من علاقتها مع دول مثل مصر وسورية والمغرب.
ثم كيف تتحقق المصالحة العربية ـ العربية في ظل غياب نصف العرب، او نظيرتها الفلسطينية في ظل دعم وزراء الخارجية التسعة للسلطة الفلسطينية ورئيسها عباس، والانحياز بالكامل الى جانب طرف في المعادلة الفلسطينية ضد آخر تصدى للعدوان الاسرائيلي واحبط اهدافه، وصمد لاكثر من ثلاثة اسابيع؟ فالمجتمعون في ابوظبي لم يقولوا كلمة خير واحدة لصالح المقاومة، ونحمد الله انهم لم يدينوها ويحملوها مسؤولية العدوان الاسرائيلي، مثلما قال الرئيس حسني مبارك، وكرر خلفه الرئيس عباس الكلام نفسه قبل يومين بعد مشاركته في لقاء القاهرة الثلاثي.
نضع ايدينا على قلوبنا مما يمكن ان تحمله الايام المقبلة من مفاجآت غير سارة، مثل تصاعد حالة الاستقطاب العربي الراهنة وتحولها الى 'صدام المحاور' تبدأ بحروب اعلامية نرى ارهاصاتها حاليا في حملات مكثفة ضد المقاومة من قبل الآلة الاعلامية الجبارة لمحور 'دول الاعتدال' صاحب الامكانات الهائلة في هذا الصدد. حيث بدأت تسميات جديدة تظهر على السطح، مثل تقسيم العرب الى معسكرين، معسكر 'عرب فارس' ومعسكر 'عرب امريكا' وكأننا نعود الى زمن الغساسنة والمناذرة قبل ظهور رسالة التوحيد، مع فارق واحد وهو استبدال بيزنطة القديمة بالغرب الحديث، وربما اسرائيل.
الشعوب العربية الاصيلة التي وقفت ضد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، مثلما وقفت ضد الذي قبله على لبنان، وايدت المقاومة في البلدين التي تصدت له بشجاعة، لا يمكن ان تكون فارسية، لانها تستجيب لضميرها الوطني والاخلاقي، وتساند من يتصدى للمشروع الاسرائيلي بغض النظر عن طائفته وعرقه، فهي لم تؤيد السيد حسن نصر الله لانه شيعي، ولا رجب طيب اردوغان لانه سني.
......"
عبد الباري عطوان
"ان يتداعى وزراء خارجية تسع حكومات عربية الى اجتماع مفاجئ، ومغلق، في مدينة ابوظبي بالتوازي مع اجتماع آخر لوزراء الاعلام، وفي اقل من اربع وعشرين ساعة، فإن هذا امر يثير العديد من علامات الاستفهام حول 'الطبخة' السياسية التي يعكف هؤلاء على إعدادها، على نار ملتهبة، وفي مثل هذا التوقيت بالذات.
....
السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو عن اسباب 'العجلة' في عقد هذا الاجتماع الذي جاء بعد لقاء ثلاثي تم برئاسة الزعيم المصري حسني مبارك وحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس والامير سعود الفيصل وزير الخارجية ممثلا عن العاهل السعودي، خاصة ان الاخير طار بمعية نظيره المصري احمد ابو الغيط في طائرة واحدة الى ابوظبي ليبدأ التحرك الجديد ودعوة نظرائهم من وزراء خارجية دول الاعتدال للقدوم الى العاصمة الاماراتية في غضون ساعات.
.....
ان هناك محاولة للعودة الى الحشد القومي العربي في مواجهة ما يعتقده هؤلاء بتصاعد 'المد الفارسي' بعد ان فشلت اطروحات التعبئة والحشد السابقة على اساس التقسيمات الطائفية بين معسكر سني في مواجهة معسكر شيعي بزعامة ايران.
فلم نسمع كلمة 'الوحدة العربية' هذه تتردد على لسان اي مسؤول عربي في محور الاعتدال منذ عقود، بل سمعنا تشكيكا بها كفكرة عابرة تعود الى 'زمن الستينات' ولم تعد صالحة لهذا الزمان، وربما لا ابالغ اذا قلت إن مسؤولا عربيا كبيرا من هذا المحور قال لي ان علاقات دول الخليج مع الهند وباكستان بل وايران نفسها اقوى وافضل واكثر فائدة من علاقتها مع دول مثل مصر وسورية والمغرب.
ثم كيف تتحقق المصالحة العربية ـ العربية في ظل غياب نصف العرب، او نظيرتها الفلسطينية في ظل دعم وزراء الخارجية التسعة للسلطة الفلسطينية ورئيسها عباس، والانحياز بالكامل الى جانب طرف في المعادلة الفلسطينية ضد آخر تصدى للعدوان الاسرائيلي واحبط اهدافه، وصمد لاكثر من ثلاثة اسابيع؟ فالمجتمعون في ابوظبي لم يقولوا كلمة خير واحدة لصالح المقاومة، ونحمد الله انهم لم يدينوها ويحملوها مسؤولية العدوان الاسرائيلي، مثلما قال الرئيس حسني مبارك، وكرر خلفه الرئيس عباس الكلام نفسه قبل يومين بعد مشاركته في لقاء القاهرة الثلاثي.
نضع ايدينا على قلوبنا مما يمكن ان تحمله الايام المقبلة من مفاجآت غير سارة، مثل تصاعد حالة الاستقطاب العربي الراهنة وتحولها الى 'صدام المحاور' تبدأ بحروب اعلامية نرى ارهاصاتها حاليا في حملات مكثفة ضد المقاومة من قبل الآلة الاعلامية الجبارة لمحور 'دول الاعتدال' صاحب الامكانات الهائلة في هذا الصدد. حيث بدأت تسميات جديدة تظهر على السطح، مثل تقسيم العرب الى معسكرين، معسكر 'عرب فارس' ومعسكر 'عرب امريكا' وكأننا نعود الى زمن الغساسنة والمناذرة قبل ظهور رسالة التوحيد، مع فارق واحد وهو استبدال بيزنطة القديمة بالغرب الحديث، وربما اسرائيل.
الشعوب العربية الاصيلة التي وقفت ضد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، مثلما وقفت ضد الذي قبله على لبنان، وايدت المقاومة في البلدين التي تصدت له بشجاعة، لا يمكن ان تكون فارسية، لانها تستجيب لضميرها الوطني والاخلاقي، وتساند من يتصدى للمشروع الاسرائيلي بغض النظر عن طائفته وعرقه، فهي لم تؤيد السيد حسن نصر الله لانه شيعي، ولا رجب طيب اردوغان لانه سني.
......"
No comments:
Post a Comment