ألمان مسكونون بالمحرقة ومصريون مسكونون بوطنية وهمية
A Very Good Comment in Arabic
عزام التميمي
".....
نعم، الألمان مسكونون بالمحرقة لدرجة يصعب علينا تصورها، فهم كما لو كانوا صماً بكماً عمياً، في ضلال مذهل عما يرتكب بحق الفلسطينيين، وما لحق بغيرهم من العرب وخاصة في لبنان، بسبب رغبة الغرب تعويض اليهود عما جرى لهم على حسابنا نحن. الألمان أمة بحاجة إلى علاج، فهي أمة مريضة، ولعل ما يحتاجونه من علاج ينبغي أن يشتمل على 'صدمة' من نوع ما. ولعله آن الأوان أن يصرخ الناس في وجوه الألمان، وفي وجوه من حولهم من الأوروبيين بما يصدمهم ويكشف الغطاء عن جريمة يرتكبونها بحجة التكفير عن جريمة من نفس نوعها. آن الأوان أن يقول لهم العرب والمسلمون، وخاصة من أصبح منهم مواطنين في أوروبا: 'لماذا تفرضون على غيركم أن يدفع ثمن جرائم آبائكم وأجدادكم؟ وإذا كنتم تشعرون بالذنب فلماذا أقمتم لليهود وطناً في بلاد العرب والمسلمين؟ أما كان بإمكانكم اقتطاع جزء من قارتكم لتحولوها إلى كيان صهيوني تكفرون به عن خطايا أسلافكم؟ أم أن المشروع لا يعدو كونه خطة للتخلص من اليهود إلى الأبد من خلال الزج بهم في آتون الغضب الإسلامي العارم؟'
من ناحية أخرى، ليس لدي شك في أنه تكرس الانطباع لدى بعض زعماء الجالية العربية في أوروبا بأن موقفي كما تنقله وسائل الإعلام الاوروبية تجاه القضية الفلسطينية يحرجهم، وبالذات فيما يتعلق بالموقف من حركة حماس،
.....
في اليوم التالي للمهرجان، وفي طريقي إلى المطار، أخبرني أحد الحاضرين في مهرجان مساء اليوم السابق بأن كلمتي سيكون لها ما بعدها لأنه من غير المعهود، وخاصة في بافاريا، أن يعلن أحد تأييده أمام الملأ لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ويعلن في نفس الوقت رفضه لحق إسرائيل في الوجود، والأمران من وجهة النظر الألمانية، كما يعتقد محدثي الذي لم يخف سروره بما قلت وتأييده لي، قد يكونان سبباً للمساءلة. ولعل ما زاد الطين بله في نظر المتخوفين أنني قلت بملء الفم بأننا 'كلنا اليوم حماس'.
.....
فمبارك هو الذي همس في أذن ساركوزي الذي فضحه على الملأ قائلاً بأنه ينبغي ألا يسمح لحماس أن تخرج من الحرب منتصرة، ونظام مبارك هو الذي يبقى معبر رفح مغلقاً معظم الوقت، مكرساً بذلك الحصار على قطاع غزة حتى تخضع حماس لشروط عباس أو يثور أهل القطاع عليها ويسقطوها، ومبارك هو الذي قال ـ وسمعه وشاهده الملايين ـ بأن إسرائيل كسلطة احتلال من حقها أن تعلم بكل ما يدخل إلى القطاع لمنع وصول السلاح إليه، وأبو الغيط وعمر سليمان، وجيش المطبلين والمبررين والمحرضين ممن يعملون تحتهم ومعهم، مواقفهم معلنة ومشاعرهم مكشوفة. فما الذي أغضب 'بلدياتك' يا صديقي؟ أما يعلم 'بلدياتك' هذا بأنه لولا موافقة وتواطؤ بل ومشاركة كل من مبارك وعباس لما شن الإسرائيليون حربهم على غزة ولما ارتكبوا فيها من الجرائم ما لم يسبقهم إليه أحد من العالمين؟
شرح لي محدثي ظاهرة غريبة، أقرب ما تكون إلى المرض النفسي. قال بأن بعض المصريين، وبالرغم من معرفتهم بكل ما ورد في كلمتي وعدم إنكارهم له فيما بينهم، إلا أنهم لا يرضون بأن توجه سهام الانتقاد على الملأ إلى نظام بلادهم، وخاصة إلى رئيس النظام حسن مبارك، من قبل غير المصريين. فهذا في عرف هؤلاء البعض اعتداء على مصر، تقتضي الوطنية المصرية الوقوف في وجهه. ويرى هؤلاء بأنه مهما كان حال مصر ونظامها، لا ينبغي إلا لأهل مصر أن ينتقدوا نظامهم وحكامهم، وهم وحدهم من حقهم أن يسخروا من نظامهم ومن بلدهم (أي أن ينكتوا عليه) تعبيراً عن سخطهم من تدهور كل الخدمات في كل القطاعات وفي كافة المستويات. ويرى هؤلاء بأن الوطنية المصرية تقتضي ألا ينتقد المصري نظامه خارج القطر المصري، بل في الخارج ينبغي أن يكون المصريون يداً واحدة على كل خصم لبلادهم وصفاً واحداً في مواجهة كل من يتجرأ عليها، وفي هذا لا تمييز بين النظام والشعب والوطن. وأضاف بأن هذه الوطنية المصرية تصل ذروتها لدى بعض المصريين من خلال حساسية مفرطة إزاء انتقاد الفلسطينيين بالذات لنظام مبارك لأنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن مصر، كما يروج نظامها الحالي، قدمت لفلسطين وأهل فلسطين أكثر مما قدمه غيرهم مجتمعين، وبأن مشاكل مصر الاقتصادية ناجمة في مجملها عن تضحيات المصريين في سبيل فلسطين وأهلها، وأن مشاكل فلسطين الحالية بما في ذلك الحصار وإغلاق معبر رفح إنما سببه الفلسطينيون أنفسهم بما هم فيه من شقاق وما هم عليه من خلاف.
ربما احتاج دعاة الوطنية الوهمية في مصر إلى علاج بالصدمة أيضاً، علهم يصحون من غفلتهم ويفيقون من غفوتهم، ليروا هذا النظام الجاثم على صدورهم على حقيقته. إنه نظام فاسد مفسد، ظالم مظلم، لا يريد الخير لمصر ولا لفلسطين، ولا يجدر بمصري وطني أن يدافع عنه أو يحزن عليه. إنه نظام يفقر الشعب المصري وينكل به صبح مساء بينما يعيش رموزه في رغد من العيش بسبب منحة أمريكية سنوية مقدارها 2.5 مليار دولار. ولذلك فهو نظام قرار زعمائه مرتهن لأعداء الأمة، ولاؤهم أولاً وأخيراً لمن يدفع رواتبهم، ويحافظ على وجودهم، هم أشبه بالصهاينة خلقاً وألصق بهم سلوكاً وأقرب إليهم شعوراً، أهل مصر والعرب والمسلمون منهم براء، ولن تصلح أوضاع مصر والعروبة إلا بزوالهم."
A Very Good Comment in Arabic
عزام التميمي
".....
نعم، الألمان مسكونون بالمحرقة لدرجة يصعب علينا تصورها، فهم كما لو كانوا صماً بكماً عمياً، في ضلال مذهل عما يرتكب بحق الفلسطينيين، وما لحق بغيرهم من العرب وخاصة في لبنان، بسبب رغبة الغرب تعويض اليهود عما جرى لهم على حسابنا نحن. الألمان أمة بحاجة إلى علاج، فهي أمة مريضة، ولعل ما يحتاجونه من علاج ينبغي أن يشتمل على 'صدمة' من نوع ما. ولعله آن الأوان أن يصرخ الناس في وجوه الألمان، وفي وجوه من حولهم من الأوروبيين بما يصدمهم ويكشف الغطاء عن جريمة يرتكبونها بحجة التكفير عن جريمة من نفس نوعها. آن الأوان أن يقول لهم العرب والمسلمون، وخاصة من أصبح منهم مواطنين في أوروبا: 'لماذا تفرضون على غيركم أن يدفع ثمن جرائم آبائكم وأجدادكم؟ وإذا كنتم تشعرون بالذنب فلماذا أقمتم لليهود وطناً في بلاد العرب والمسلمين؟ أما كان بإمكانكم اقتطاع جزء من قارتكم لتحولوها إلى كيان صهيوني تكفرون به عن خطايا أسلافكم؟ أم أن المشروع لا يعدو كونه خطة للتخلص من اليهود إلى الأبد من خلال الزج بهم في آتون الغضب الإسلامي العارم؟'
من ناحية أخرى، ليس لدي شك في أنه تكرس الانطباع لدى بعض زعماء الجالية العربية في أوروبا بأن موقفي كما تنقله وسائل الإعلام الاوروبية تجاه القضية الفلسطينية يحرجهم، وبالذات فيما يتعلق بالموقف من حركة حماس،
.....
في اليوم التالي للمهرجان، وفي طريقي إلى المطار، أخبرني أحد الحاضرين في مهرجان مساء اليوم السابق بأن كلمتي سيكون لها ما بعدها لأنه من غير المعهود، وخاصة في بافاريا، أن يعلن أحد تأييده أمام الملأ لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ويعلن في نفس الوقت رفضه لحق إسرائيل في الوجود، والأمران من وجهة النظر الألمانية، كما يعتقد محدثي الذي لم يخف سروره بما قلت وتأييده لي، قد يكونان سبباً للمساءلة. ولعل ما زاد الطين بله في نظر المتخوفين أنني قلت بملء الفم بأننا 'كلنا اليوم حماس'.
.....
فمبارك هو الذي همس في أذن ساركوزي الذي فضحه على الملأ قائلاً بأنه ينبغي ألا يسمح لحماس أن تخرج من الحرب منتصرة، ونظام مبارك هو الذي يبقى معبر رفح مغلقاً معظم الوقت، مكرساً بذلك الحصار على قطاع غزة حتى تخضع حماس لشروط عباس أو يثور أهل القطاع عليها ويسقطوها، ومبارك هو الذي قال ـ وسمعه وشاهده الملايين ـ بأن إسرائيل كسلطة احتلال من حقها أن تعلم بكل ما يدخل إلى القطاع لمنع وصول السلاح إليه، وأبو الغيط وعمر سليمان، وجيش المطبلين والمبررين والمحرضين ممن يعملون تحتهم ومعهم، مواقفهم معلنة ومشاعرهم مكشوفة. فما الذي أغضب 'بلدياتك' يا صديقي؟ أما يعلم 'بلدياتك' هذا بأنه لولا موافقة وتواطؤ بل ومشاركة كل من مبارك وعباس لما شن الإسرائيليون حربهم على غزة ولما ارتكبوا فيها من الجرائم ما لم يسبقهم إليه أحد من العالمين؟
شرح لي محدثي ظاهرة غريبة، أقرب ما تكون إلى المرض النفسي. قال بأن بعض المصريين، وبالرغم من معرفتهم بكل ما ورد في كلمتي وعدم إنكارهم له فيما بينهم، إلا أنهم لا يرضون بأن توجه سهام الانتقاد على الملأ إلى نظام بلادهم، وخاصة إلى رئيس النظام حسن مبارك، من قبل غير المصريين. فهذا في عرف هؤلاء البعض اعتداء على مصر، تقتضي الوطنية المصرية الوقوف في وجهه. ويرى هؤلاء بأنه مهما كان حال مصر ونظامها، لا ينبغي إلا لأهل مصر أن ينتقدوا نظامهم وحكامهم، وهم وحدهم من حقهم أن يسخروا من نظامهم ومن بلدهم (أي أن ينكتوا عليه) تعبيراً عن سخطهم من تدهور كل الخدمات في كل القطاعات وفي كافة المستويات. ويرى هؤلاء بأن الوطنية المصرية تقتضي ألا ينتقد المصري نظامه خارج القطر المصري، بل في الخارج ينبغي أن يكون المصريون يداً واحدة على كل خصم لبلادهم وصفاً واحداً في مواجهة كل من يتجرأ عليها، وفي هذا لا تمييز بين النظام والشعب والوطن. وأضاف بأن هذه الوطنية المصرية تصل ذروتها لدى بعض المصريين من خلال حساسية مفرطة إزاء انتقاد الفلسطينيين بالذات لنظام مبارك لأنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن مصر، كما يروج نظامها الحالي، قدمت لفلسطين وأهل فلسطين أكثر مما قدمه غيرهم مجتمعين، وبأن مشاكل مصر الاقتصادية ناجمة في مجملها عن تضحيات المصريين في سبيل فلسطين وأهلها، وأن مشاكل فلسطين الحالية بما في ذلك الحصار وإغلاق معبر رفح إنما سببه الفلسطينيون أنفسهم بما هم فيه من شقاق وما هم عليه من خلاف.
ربما احتاج دعاة الوطنية الوهمية في مصر إلى علاج بالصدمة أيضاً، علهم يصحون من غفلتهم ويفيقون من غفوتهم، ليروا هذا النظام الجاثم على صدورهم على حقيقته. إنه نظام فاسد مفسد، ظالم مظلم، لا يريد الخير لمصر ولا لفلسطين، ولا يجدر بمصري وطني أن يدافع عنه أو يحزن عليه. إنه نظام يفقر الشعب المصري وينكل به صبح مساء بينما يعيش رموزه في رغد من العيش بسبب منحة أمريكية سنوية مقدارها 2.5 مليار دولار. ولذلك فهو نظام قرار زعمائه مرتهن لأعداء الأمة، ولاؤهم أولاً وأخيراً لمن يدفع رواتبهم، ويحافظ على وجودهم، هم أشبه بالصهاينة خلقاً وألصق بهم سلوكاً وأقرب إليهم شعوراً، أهل مصر والعرب والمسلمون منهم براء، ولن تصلح أوضاع مصر والعروبة إلا بزوالهم."
No comments:
Post a Comment