Monday, January 25, 2010
التمنّن المصري الرسمي على الفلسطينيين
حرب عام 1948: لقد أبلى الجيش المصري بلاء حسنا في القتال ضد الصهاينة عام 1948، واستولى على عدد من التجمعات السكانية اليهودية، وعلى بعض الطرق الرئيسية في جنوب فلسطين، وبعض تقاطع الطرق، ووصل إلى مدينة بيت لحم.
من الذي أفشل هذا الإنجاز؟ هو النظام المصري بقيادة الملك فاروق، والذي زود الجيش المصري بأسلحة فاسدة أدت إلى هزيمته في النهاية. لا الشعب الفلسطيني ولا الشعب المصري كانا سببا في الهزيمة، وإنما النظام المصري هو الذي زود الجيش بأسلحة تقتل حاملها دون عدوها.
....
حرب 1956: لم تكن حرب 1956 بسبب فلسطين، وإنما بسبب العدوان الثلاثي الذي ترتب على تأميم القناة. هذا علما أن كل الشعوب العربية وقفت مع مصر في حينه على اعتبار أن مصر ومياهها وأجواءها عربية خالصة، وليس من حق الاستعمار البقاء أو الاستملاك، ولو كانت الفرص متاحة أمام هذه الشعوب لما توانت عن نجدة مصر بكافة الوسائل والأساليب. وقد عاشت تلك الشعوب نشوة النصر لأن القناة قد تأممت، ولم يعد لبريطانيا وفرنسا نصيب من مياهها.
لكن النظام المصري وافق على شروط إسرائيلية مقابل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء وهي فتح خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية والذي هو مياه مصرية وسعودية خالصة، ووقف العمليات الفدائية من قطاع غزة، وتعديل الحدود الخاصة بالمنطقة المحايدة، والقبول بانتشار قوات الأمم المتحدة على الجانب المصري من الحدود فقط.
....
حرب 1967: لم يكن أي نظام عربي بمن فيهم نظام الرئيس جمال عبد الناصر مستعدا عام 1967 لخوض حرب ضد إسرائيل. كانت تعيش البلدان العربية في تلك الفترة أجواء مزايدات وشتائم وسباب متبادل، وكان كل نظام يحاول إظهار نفسه على أنه المدافع الأول عن حقوق شعب فلسطين. وقد أدت هذه المزايدات في النهاية إلى خوض حرب عشوائية ارتجالية رعناء دفع ثمنها الجندي العربي المصري والسوري والأردني والفلسطيني. وكانت النتائج وخيمة وما زال العرب جميعا يدفعون ثمنها.
حشدت الأنظمة العربية بمن فيها النظام المصري جيوشا للاستعراض وليس للحرب، ودون أن تكون تلك الجيوش مدربة أو منظمة أو صاحبة عقيدة قتالية حقيقية تقوم على الوعي ووضوح الهدف. ولا نستطيع القول إن تلك الأنظمة العربية قد خاضت حربا دفاعا عن الفلسطينيين أو لاستعادة الحقوق الفلسطينية، وإنما قدمت جيوشها قرابين، عن علم أو غير علم، كجزء من الصراعات العربية الداخلية،
....
حرب 1973: لم تنشب حرب 1973 من أجل استعادة فلسطين أو إعادة الفلسطينيين إلى ديارهم، وإنما من أجل إزالة آثار العدوان، أي استعادة الأراضي التي فقدتها سوريا ومصر عام 1967. طبعا إزالة آثار العدوان عبارة عن هدف نبيل، وقد التفت كل الأمة العربية حوله، ولا شك أن تحرير الأرض يتطلب التضحيات، لكن من المفروض أن يكون واضحا لدينا أن الأنظمة العربية لم تخض الحرب من أجل تحرير التراب الفلسطيني، وإنما من أجل تحرير الترابين السوري والمصري، علما أنني كشخص لا أميز بين هذا التراب وذاك، وأعتبر كل الأرض العربية أرضا مقدسة. وعلى الرغم من ذلك، لم تنجح الجيوش العربية في تحقيق هدف الحرب.
....
النظام المصري الآن ينفذ ما يمليه عليه الإسرائيليون والأميركيون، ويغطي ذلك باتهام سكان غزة، ويحاول جاهدا من خلال هذه التغطية إثارة الكراهية والبغضاء بين الفلسطينيين والمصريين. هل من عاقل يظن أن أهل غزة يجتازون كل العوائق العسكرية والأمنية التي يقيمها الأميركيون في سيناء ويحتلون السويس أو الإسماعيلية؟
.....
لا يصل نظام عربي إلى مثل هذا التمنن إلا وقد وصل معه حال الأمة إلى مستويات سحيقة من التدني الذاتي، ومن التآكل والاضمحلال.
ولهذا أمام مفكري هذه الأمة ومثقفيها ومقاوميها أن ينهضوا ويعملوا معا من أجل تغيير دوران عجلة التاريخ. المسؤولية تقع الآن على الناس وليس على مسؤوليهم لأن المسؤولين يثبتون كل يوم خيبتهم وفشلهم، بل وتآمرهم مع أعداء الأمة نحو ما يجلب للأمة المزيد من العار والهزائم.
....."
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment