Friday, February 29, 2008
غزّة تنازع... والعرب يتنازعون
"لليوم الثاني، للعام الثاني، للعقد الثاني، على التوالي، يواصل قطاع غزة دفع فواتير الدم التي ما ما زالت تُحرر له منذ اختار التمرّد على احتلال أراد أن يفرض نفسه قدراً. آخر الفواتير 29 شهيداً، بينهم أطفال، حصدتهم آلة القتل الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، وسط صمت عربي بلغ حد التواطؤ، وخاصة مع استقبال وفد إسرائيلي في القاهرة لـ«التنسيق».
وبات واضحاً أن المجازر الإسرائيلية، مع ما يرافقها من تنكيل وحصار وتجويع، لم تعد كافية لدفع العرب إلى تجاوز نزاعاتهم الداخلية حول القمّة المرتقبة في دمشق الشهر المقبل. ولم تعد دماء أطفال غزة قادرة على إخماد نيران الانقسامات العربية، التي بلغت حدة توترها مستوى قياسياً وصل بالسعودية إلى نقل سفيرها في دمشق إلى الدوحة من دون أن تعيّن له بديلاً، بعد وقت قصير على هجوم شنه وزير الخارجية السوري وليد المعلم عليها، متهماً إياها بتحريض الخارج على سوريا (التفاصيل).
أما المقاومة الفلسطينية فتسعى بالمتوافر إلى خلق توازن، والتصدّي لحملة القتل الهمجي في قطاع غزة، الذي لم يفرّق بين المسلح والطفل، ووصل إلى الأراضي المصرية حيث استشهدت فتاة بطلقة إسرائيلية في الرأس. وتمكنت المقاومة من إدخال مدينة عسقلان في دائرة الاستهداف المكثف، للمرة الأولى، بصليتين من صواريخ «الغراد» حققت إصابات مباشرة في مبانٍ سكنية وأدت إلى عدد من الإصابات في صفوف الإسرائيليين.
المستجد «العسقلاني» ترك إسرائيل في حال إرباك، انعكس بوضوح في تعليقات الصحف العبرية، التي اجترّت الحديث عن معضلة غزة، مشيرة إلى قصر المسافة الزمنية التي أصبحت تفصل بين جولة مواجهة وأخرى وإلى الارتفاع المطّرد لمستوى العنف في هذه الجولات.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، إن «حرباً تدار في الجنوب، وما من شخص في حماس، سواء في المستوى الأدنى أو في المستوى الارفع، سيكون بمنأى عن تلك الحرب».
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن «الجيش الإسرائيلي يوشك على إنهاء استعداداته بالنسبة إلى العملية (في قطاع غزة) خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك قبل أن يصدر المستوى السياسي أمراً بالتوجه» إلى العملية.
أما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، فقال من جهته، خلال مشاورات مع مسؤولين عسكريين: «يجب الاستعداد لتصعيد على الجبهة الجنوبية. إن عملية برية واسعة النطاق أصبحت واردة». وأضاف: «لن نقوم بذلك بطيبة خاطر، لكننا سنفعل ما هو ضروري... بعد درس خيارات أخرى»، مشدداً على أن «حماس ستدفع ثمن أفعالها»، وأن «رد إسرائيل أصبح ضرورياً».
ولم يكن العرب والغرب بمنأى عن التحضيرات الإسرائيلية للعدوان، إذ قال مكتب باراك إنه اتصل بممثل اللجنة الرباعية الدولية في الشرق الأوسط طوني بلير ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان.
ودعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، «الأسرة الدولية إلى احترام أي عملية تشنها إسرائيل للدفاع عن مواطنيها». وأضافت: «لا نقبل بالحجج التي تقول إن هناك ضحايا في الجانبين، لانه لا يمكننا أن نضع على قدم المساواة الإرهاب الفلسطيني الذي يستهدف مدنيين أبرياء، والأشخاص الذين يحاربون هذا الإرهاب، حتى وإن قتل مدنيون بشكل غير متعمد في هذه العمليات».
وفي سياق التنسيق مع العرب أيضاً، قال مكتب ليفني إنه «بحث آخر المستجدات في غزة خلال لقاء في القاهرة بين وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ومدير وزارة الخارجية الإسرائيلية ارون ابراموفيتش».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، إن «أبو الغيط طرح على الوفد الإسرائيلي عناصر الرؤية المصرية المتكاملة في ما يتعلق بالوضع القائم». وشدد على أن «إسرائيل تتحمل المسؤولية الأساسية إزاء حالة التدهور في الأوضاع الإنسانية داخل القطاع». وأضاف أن أبو الغيط أبلغ الوفد أن «مصر تستشعر القلق جراء استمرار الأعمال العسكرية التي يسقط على آثارها المدنيون الأبرياء».
وفي ظل الصمت الرسمي العربي عما يجري في غزة، كان «المتخاصمون» العرب يواصلون التراشق الإعلامي؛ فبعدما اتهم وزير الخارجية السوري طرفاً عربياً «بالتحريض الخارجي على دمشق عبر زيارات لعواصم غربية»، في إشارة على ما يبدو إلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أعلن القائم بأعمال السفارة السعوديّة في الدوحة، علي قزاز، أنّ الرياض اختارت سفيرها الحالي في سوريا، أحمد بن علي القحطاني، سفيراً جديداً لها في قطر، وذلك للمرّة الأولى بعد 6 سنوات على سحب سفيرها من قطر، متوقعاً أن ينتقل إلى الدوحة بعد القمّة العربية.
وفيما لم تقترح الرياض سفيراً بديلاً في دمشق، قال دبلوماسي عربي في نيويورك، لـ«الأخبار» إن ذلك «نذير شؤم ويدل على سوء نية، وخصوصاً أنه يأتي قبل القمة»."
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment